المؤثرات البصرية وسيلة سينمائية لتحقيق الإبهار، تختزل المسافة بين الواقع والخيال فيقتع المشاهد بأن ما يراه هو الحقيقة بعينها. ومن الأسماء اللافتة في هذا المجال المبدع طارق مصطفى، فنان الخدع والماكياج، أحد الأسماء التي كانت لها بصمتها الخاصة والمميزة عبر أكثر من تجربة سينمائية كانت ستفتقد الكثير من مصداقيتها لولا لمساته السحرية منها «الفيل الأزرق» و{الحرب العالمية الثالثة»، ونال عنه أخيراً جائزة لجنة التحكيم الخاصة من المهرجان القومي للسينما المصرية.

Ad

كان طارق مصطفى قد تخرج في كلية الفنون الجميلة قسم فنون متحركة، ثم سافر إلى جنوب إفريقيا وتخصص في المؤثرات البصرية، وعمل في شركة CFX وشارك معهم في صناعة أكثر من فيلم من إنتاج هوليوود مثل flight of the phoenix وthe ring ثم عاد إلى مصر في 2003، وبدأ العمل في المؤثرات الخاصة وتخصص فيها، وكانت أول مشاركاته في فيلم {يانا يا خالتي} في المشاهد الخاصة بالأقنعة، ثم توالت بعد ذلك النجاحات في كثير من الأفلام.

عن الجائزة وأحدث مشاريعه وفن الخدع والمؤثرات كان هذا الحوار:

 

ما هي أوجه الاختلاف في مفهوم وتطبيق فن المؤثرات البصرية بين السينما المصرية والعالمية، خصوصاً أنك شاركت في بعضها مثل THE RING

و FLIGHT OF THE PHOENIX؟

المنظومة الخاصة بفن المؤثرات في ما يتعلق بالديكور والأكسسوارت والإضاءة والماكياج مختلفة تماماً. في مصر يتولاها مهندس الديكور، بينما في الخارج هي وظيفة متخصصة تحت مُسمى production design، وتكون مستقلة بذاتها وهذه الوظيفة ليست متوافرة داخل مصر، ومهمة المسؤول عنها تحقيق عملية التواصل بين الماكياج والأكسسوار والديكور والمؤثرات البصرية على الكمبيوتر وبين مخرج العمل. كذلك في الخارج ثمة فترة كافية للتمرينات أثناء عملية التحضير للعمل، وهو أمر لا يتوافر في ظل آليات العمل في السينما بمصر.

عموماً، الفن في مصر يسير بطريقة مختلفة، لا أقصد أنها خاطئة، ولكنها متوافقة والإمكانات المُتاحة.

هل الموهبة والإبداع فقط مفتاحا النجاح في هذه النوعية من الأعمال؟

هما عنصران مهمان جداً في طبيعة المجال لتحقيق النجاح، لكن مهم أيضاً المتابعة والتواصل مع كل جديد لتطوير العمل والسعي دائماً نحو تقديم الأفضل والتعلم من الأخطاء، لأن المجال في الأساس ليس علماً بالمعنى الحرفي ولكنه أقرب إلى الحرفة المبنية على مجموعة علوم، ومن ثم يجب معرفة كل شيء، والدراسة لا تشكل العامل الأساسي في التعلم لأن أصول المهنة تكتسب من الاحتكاك بالعمل وتزايد الخبرات.

هل كنت تتوقع حصولك على جائزة عن فيلم {الحرب العالمية الثالثة} أم {الفيل الأزرق} نظراً إلى تألقك من خلاله؟

للحقيقه، لم أتوقع أية جائزة، لأن للأسف لا توجد جائزة في الماكياج في جوائز المهرجان القومي، لكنها جائزة تعد خاصة لي ولفريق العمل نظراً إلى المجهود الذي بذلناه، وما أسعدني جداً أنه في النهاية وجدنا تقديراً لهذا الجهد. أما عن الفيلم الذي كنت أتمنى حصد جوائز عنه فهو فيلم {فيلا 69} للفنان خالد أبو النجا، حيث تم العمل على شخصية أبو النجا ليظهر في هيئة رجل عجوز منذ البداية حتى النهاية، وبصورة لاقت استحسان الجميع. لا يعني كلامي هذا أن بقية الأفلام التي شاركت فيها سيئة، فكل عمل يتطلب جهداً ما، و{فيلا 69} كان خاصاً جداً.

نال فيلم {الفيل الأزرق} ردود فعل إيجابية. حدثنا عن عملك مع المُخرج مروان حامد ومشاركتك مع صانعي العمل، خصوصاً أن الفيلم يعتمد بشكل أساسي على جانب المؤثرات ورسم {التاتو}؟

جاءت المشاركة عن طريق  فادي فهيم، وهو المنتج الفني والشريك في الفيلم من خلال شركة {لايت هاوس}. تلقيت منهم اتصالا بشأن الفيلم، وعلمت أن لديهم مشكلة بشأن التاتو في الفيلم ومدى أهميته، لا سيما أن الطريقة التي يُصمم بها هذا النوع من التاتو تستلزم الكثير من الوقت لتنفيذها.

كنت خارج مصر، فصنعت نموذجاً وأرسلته لهم، ثم عرضوا عليَّ نسخة من سيناريو الرواية، وفي الواقع كنت قد قرأتها منذ صدورها. كان الاتفاق في البداية على أن ألتزم بالتاتو فحسب، ولكن في ما بعد تحدثنا عن حجم المؤثرات الخاصة الكثيرة في العمل، مثل الطعنات والجروح التي تبدو في شخصية {بسمة} و{مايا}.

 أما علاقتي بالمخرج مروان حامد فبدأت من خلال إعلان قمنا بالعمل فيه سوياً منذ ثلاث سنوات، وداخل إطار العمل هو مخرج كبير ويهتم بالتفاصيل الصغيرة، وهي بالتأكيد أحد أهم عوامل النجاح لأي عمل.

كيف استطاعت المؤثرات البصرية خدمة الشخصيات درامياً في {الفيل الأزرق} من دون الكشف عن تفاصيل العمل الدرامي؟

هذه كانت من المعوقات الخاصة بالفيلم. في البداية كان الاتجاه يسير نحو عمل الطلاسم الخاصة بالسحر، لكن بعد أول بروفة تغيَّر الوضع لأن الإحساس كاد يكشف تفاصيل العمل من المشاهد الأولى، لذا استخدمنا مزيجاً من الحروف العربية بشكل مختلف كي لا تكون مفهومة مع بداية الفيلم.

ما هي أصعب شخصية تطلبت منك مجهوداً؟

شخصية الفنان خالد الصاوي لأنها كانت بحاجة إلى مؤثرات كثيرة جداً، خصوصاً أنه يظهر بثلاث شخصيات، لذا فإنه أكثر دور أجهدني جداً من حيث التنفيذ، كذلك شخصية الفنانة شرين رضا.

المؤثرات البصرية وأساليب الخداع قد تكون سلاحاً ذا حدين في إطار أي عمل، فكيف هذا من وجهة نظرك؟

الموثرات قد تساعد الفيلم على النجاح، وقد تكون سبباً في الفشل إذا لم يتم العمل عليها بشكل جيد، أو توظيف المؤثرات البصرية بدقة وبما يخدم الدراما، كإظهار شيء بشكل زائد عن الحد، ما ينتج منه أمور سلبية لاحقاً.

ماذا عن المعوقات التي تواجهك عموماً في مجال صناعة السينما؟

تتعلق المعوقات بالصعوبة والتكلفة في إجراءات دخول المواد الخام المطلوبة للعمل، في الوقت الذي لا تتواجد به هذه المواد في السوق المصري، لذا يجب تسهيل هذه الإجراءات للنهوض بصناعة السينما والتخلي عن الروتين والحصول على الموافقات من الجهات الرسمية من دون تعقيدات.

 

ما هي الأعمال الجديدة التي تحضر لها في الفترة المقبلة؟

أعمل على فيلم  مع مروان حامد وهو عن رواية {تراب الماس} للكاتب أحمد مراد، وما زلنا في مراحل التحضير.