تواجه الهيئة العامة للقوى العامة، التي أشهرت في عام 2013، تحديات عدة في مقدمتها تنظيم سوق العمل، ومحاربة تجار الإقامات، وملاحقة وإغلاق الشركات الوهمية التي أغرقت السوق بالعمالة الهامشية، فضلا عن اجتثاث مكامن الفساد في إدارات العمل، والتصدي إلى تنامي بعض الظواهر السلبية التي استفحلت بداخلها، مثل عمليات التزوير والتلاعب في المعاملات، أو الحصول على رشا نظير تمرير معاملات بطرق مخالفة للقانون.
"الجريدة" سألت مدير الهيئة العامة للقوى العاملة بالوكالة أحمد الموسى، هل استطاعت الهيئة إصلاح ما أفسده الدهر داخل إداراتها لاسيما عقب مرور عامين على إنشائها؟ فأجاب بالقول "نعم... فقد كان لإنشاء الهيئة دور كبير وفاعل في تنظيم العمل بكل القطاعات التي تتبعها، ووفقاً لهيكلها التنظيمي فقد أصبح على رأس كل قطاع نائب للمدير العام يستطيع متابعة قطاعه عن كثب، للوقوف على سلبياته وتلافيها، ومعرفة إيجابياته وتطور إجراءاته".ويضيف الموسى "إلى جانب ذلك وفي ظل وجود الهيئة أصبح هناك خطط واستراتيجيات تسير على نهجها جميع قطاعاتها، من بينها إدارات العمل التي استطعنا توحيد الإجراءات بداخلها، إضافة إلى حرصنا الشديد على تشغيل النظام الآلي لميكنة خدمات قطاع العمل، الذي استطعنا من خلاله تسريع وتيرة العمل، وتوفير الكثير من الوقت والجهد المبذولين في إنجاز المعاملات، فيستطيع الآن صاحب العمل انجاز العديد من الإجراءات من مكتبه داخل الشركة بكبسة زر واحدة، فضلا عن المزايا الأخرى للمشروع الذي يأتي على رأسها الحد من التلاعبات داخل الإدارات، لاسيما في تقدير الاحتياج من العمالة المقدرة".موظفون متلاعبونوبالعودة إلى أكبر التحديات التي تواجه الهيئة، المتمثلة في اجتثاث مكامن الفساد داخل إداراتها، يؤكد الموسى "نجاح الهيئة، إلى حد كبير، في تضييق الخناق على المتلاعبين ومخالفي القانون، سواء من أصحاب الأعمال أو الموظفين، وإنها لن تتوانى في كشف المفسدين دون النظر إلى اسمائهم أو مواقعهم".الموسى دعم كلامه بكشفه عن "ضبط 8 موظفين متورطين في إدارة شركات وهمية، تمت إحالتهم إلى الإدارة العامة للتحقيقات في وزارة الداخلية، لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم"، مشيرا إلى أن "التعاون منقطع النظير بين الهيئة ورجال وزارة الداخلية أسفر أخيراً عن القبض على الكثير من المتورطين في مخالفة القانون من أصحاب الشركات والموظفين".ويشدد الموسى على أنه "لا تهاون مع من تثبت مخالفته أو فساده، وسنحاسب كل من تسول له نفسه العبث أو التلاعب أو نشر ظاهرة الرشوة أو تجارة الإقامات أو هدر المال العام، ولا نخشى في الله لومة لائم"، مشيداً في الوقت ذاته بمستوى التعاون بين هيئة العمل ووزارة التجارة والصناعة، والهيئة العامة للمعلومات المدنية الذي "ساعدنا كثيراً في ضبط المخالفين وتنظيم العمل وتنسيق الجهود من خلال الربط مع تلك الجهات لتحقيق المصلحة العامة".ظاهرة الرشوةوحول دور الهيئة في التصدي لتفشي ظاهرة الرشوة داخل الإدارات، ومحاربة التلاعبات أو تزوير المعاملات، يقول الموسى "عقب انشاء الهيئة والبدء في ممارسة اختصاصاتها كانت حريصة كل الحرص على إحداث نقلة نوعية داخل إدارات العمل، من خلال تفعيل عملية الربط الآلي بين الجهات ذات الصلة، والتوسع في استخدام البوابة الالكترونية للدولة، لأسباب عدة أهمها الحد من التعامل المباشر بين الموظفين واصحاب الأعمال أو مفوضيهم، بهدف القضاء على ظاهرة الرشا، ومن ثم تم تطوير أنظمة الحاسب الآلي بما يُمكن صاحب العمل من انجاز معاملاته في مقر عمله دون الرجوع إلى الإدارات، وبالفعل تم العمل بذلك في العديد من الإجراءات الخاصة بتصاريح وأذونات العمل من خلال منح صاحب العمل رقما سريا، مما كان له بالغ الأثر الإيجابي في انحسار الرشا والحد من التلاعبات وتزوير المعاملات". تراجع السلبياتيؤكد الموسى أن "انشاء الهيئة ساهم بصورة فاعلة في تراجع ملحوظ للعديد من الظراهر السلبية داخل إدارات العمل"، مضيفا "كنا نسمع قديما عن تفشي ظواهر التلاعبات والتزوير والرشا داخل الإدارات من قبل بعض مندوبي أصحاب الأعمال الذين تم ضبطهم، إلا أنه بفضل الله، ثم تطوير نظام الحاسب الآلي، لاسيما الإجراءات القانونية الصارمة التي تتخذها الهيئة حيال الموظفين أو مندوبي الشركات المخالفين أو المتلاعبين بالتنسيق مع الأجهزة المعنية في وزارة الداخلية تراجعت هذه الظواهر كثيراً".وشدد على أنه "لا هوادة مع أي موظف يثبت استغلاله وظيفته لتمرير معاملات غير مستوفية الشروط"، معرباً عن "تفاؤله خلال الفترة القليلة القادمة بالقضاء تماما على هذه الظواهر".اكتشاف تلاعباتوبسؤال الموسى هل تم اكتشاف أي حالات تلاعب أو تقديم رشا نظير تمرير معاملات غير قانونية، أجاب "نعم... اكتشفت الهيئة خلال الفترة الماضية حالات تلاعب محدودة مقارنة بما كان يحدث في السابق، في بعض وحدات تقدير الاحتياج، وتم على الفور بالتنسيق مع الإدارة العامة لمباحث شؤون الإقامة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الموظف المختص، غير أنه كما أكدنا سلفاً من خلال التوسع في الخدمات المقدمة عبر البوابة الإلكترونية سيتم القضاء على هذه الظاهرة نهائياً".وحول المعاملات التي تتم حالياً عبر البوابة الإلكترونية، والمعاملات التي ستضاف مستقبلا، قال "بناء على ما سبق ذكره فإنه بإمكان صاحب العمل انجاز المعاملات التالية عبر البوابة، وهي تصاريح العمل في إدارة العقود والمشاريع الحكومية، والتجديد والإلغاء خارج البلاد في جميع إدارات العمل، أما بشأن تصاريح العمل والتحويل في إدارات العمل فجار العمل على ترجمتها آلياً من قبل المختصين، حتى يستطيع صاحب العمل انجازها من مقر عمله"، لافتا إلى أن "هناك العديد من الإجراءات التي ستضاف قريبا، وسيتم الكشف عنها في حينه بعد استكمال عملية الربط الآلي مع بعض الجهات الحكومية، منها ما يخص تقدير الاحتياج للعمالة الوافدة".حماية المُبلغعلى صعيد إدارات العمل، أكد مدير إدارة عمل محافظة العاصمة محمد الأنصاري أن "هناك تعليمات مشددة من قبل وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، وزيرة الدولة لشؤون التخطيط والتنمية هند الصبيح، ومدير هيئة العمل، ونائبه لقطاع الاستقدام والاستخدام، بعدم التساهل مع أي حالات تلاعب في المعاملات، واتخاذ إجراءات صارمة حيال المتورطين فيها، سواء كانوا أصحاب أعمال أو موظفين أو مندوبي شركات".وأضاف "بشأن اكتشاف حالات رشا في الإدارة، فمنذ تولينا المسؤولية لم يحدث هذا، غير أننا نشدد على مثل هذه الأمور، ولن نتساهل فيها، وفي حال ثبوت تورط أي من موظفينا في الحصول على رشا نظير تمرير معاملات غير قانونية، سيتم اتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحقه".وجدد الأنصاري مناشدته لمن لديهم أية معلومات بشأن تورط موظفين في الحصول على رشا، بالقدوم اليه شخصيا وابلاغه بالواقعة"، متعهداً أن يتم الأمر "بسرية تامة" دون تعرض المُبلغ لأي مسؤولية".مندوبو الشركات: الأوضاع تتحسن داخل الإداراتعلى صعيد مندوبي الشركات، أشاد نشأت فهيم، مندوب بإحدى الشركات العاملة في القطاع الأهلي، بالجهود المبذولة من قبل مسؤولي هيئة العمل، في تنظيم العمل داخل الإدارات، مؤكداً أن «الأوضاع في تحسن إذا قورنت بالسابق، حيث الزحام الشديد وتأخر إنجاز المعاملات، فضلا عن التعامل اللاإنساني من قبل بعض الموظفين».فهيم الذي قابلته «الجريدة» في إدارة عمل حولي، وسألته عن تفشي ظاهرة الرشوة داخل بعض إدارات العمل قال «لم أتعرض شخصياً لمثل هذا الموقف طوال فترة عملي كمندوب للشؤون التي تزيد على 15 عاما، غير أني سمعت كما سمع البعض عن تقاضي موظفين رشا لتمرير معاملات مخالفة لبعض مندوبي الشركات».عدلي وهيب، مندوب بإحدى الشركات العاملة في القطاع الأهلي أكد أن «تشغيل البوابة الإلكترونية سهل الكثير من الامور على المندوبين، ووفر الكثير من الوقت والجهد المبذولين لإنجاز العديد من المعاملات»، مضيفا «هناك بعض المعاملات كنا نحضر إلى مقر إدارة العمل في الخامسة صباحا للحصول على رقم لإنجازها، أما الان بعد تشغيل البوابة يستطيع صاحب العمل انجازها من مكتبه، دون القدوم إلى الإدارة».أما المندوب عبدالرسوم سالم، فقال «لا طبنا ولا غدا الشر»، لاسيما أن هناك بطئا شديدا في انجاز المعاملات عبر البوابة الالكترونية، خصوصا في ظل تعطل نظام الدفع الـ»كي.نت»، وما يترتب عليه من تأخر انجاز المعاملات»، مطالبا مسؤولي الهيئة بضرورة ايجاد حلول جذرية لمشكلة تعطل هذا النظام، والتي تكررت مرات عدة خلال الفترة الماضية».وبسؤال المندوب، هل عرض عليك أي من موظفي الهيئة تمرير معاملات نظير حصوله على أموال، فأجاب نافيا الأمر، قائلا «معاملات شركتنا قانونية ولا تحتاج إلى أبواب خلفية لتمريرها، وفي حال ماطل الموظف في انجازها اذهب مباشرة إلى مدير الإدارة حيث الأبواب مفتوحة أما الجميع».
محليات
«هيئة العمل» تضيّق الخناق على المتلاعبين ومخالفي القانون من أصحاب الأعمال... والموظفين
25-10-2015