منشطات سياسية
لطالما وجه سمو الأمير حديثه إلى الحكومة وممثلي الشعب الكويتي في بيت الأمة معلناً الحاجة إلى تفعيل نهج جديد واعتماد آلية حديثة تواجه تراكمات ثقيلة أفرزتها التجارب السابقة، وقد تكاملت الرؤى مع افتتاح الدور، إلا بمحاور جاءت متفاعلة مع المتغيرات في الساحة المحلية، فجمعت الكلمة القضايا المرحلية وأبرزها الأمن والاقتصاد، فأهمية الأمن تأتي عبر دعم سمو الأمير لجهود الحكومة في اتخاذ الاستعدادات والتدابير اللازمة للحفاظ على الوطن وأمنه وصيانة ثوابته واستقراره، وفي البيت الخليجي أيضا أصبحت الورقة الأمنية ذات أولوية، بعدها يأتي المحور الاقتصادي، واتضح حرص سموه خلال خطابه على أهمية إصلاح المحور الاقتصادي وخلق فرص عمل منتجة، ثم جاءت كلمة رئيس المجلس معززة القيم، ومتناولة بحذر شديد العمل الحكومي، وحملت كلمة رئيس الوزراء تفاصيل تنفيذية.استذكرت بعد الجلسة الافتتاحية العديد من الآراء حول المشهد البرلماني أو النيابي كما يحلو للبعض تسميته، وما زال البعض حريصا على تجديد الأفكار التي تدعو لطرح المبادرات الخاصة بتطوير العمل السياسي، وتحديث الآلية الانتخابية، فمن خلال ورش العمل التي نستضيفها بجامعة الكويت يتضح لنا تأييد البعض لفكرة إنشاء إدارة مستقلة للانتخابات لتعيد النظر في تقسيم الدوائر مرة أخرى، وتمكين جمعيات النفع العام من الشأن الانتخابي، فيصبح المجتمع المدني مسؤولا عن المشاركة وحريصا على عدالة التمثيل.
أما مشروع الدائرة الواحدة فرغم قلة الدراسات العلمية التي تتناول الآثار المختلفة للدائرة الواحدة على العمل السياسي فإنه ما زال مطروحا للنقاش، والبعض يعتقد أن إعادة النظر بالدوائر والتقسيم الجغرافي كفيل بتنظيم العمل السياسي، بالإضافة إلى طرح فكرة القوائم التي تصبح بتشكيلها وتصميمها محصنة من المؤثرات والضغوط العائلية والقبلية والطائفية. مبادرات ومحطات عديدة مررنا بها في تاريخ الكويت السياسي ذات مزايا وعيوب، وبرزت في حياتنا كالمنشطات السياسية التي التففنا حولها بحماس، ثم أدركنا أن المجتمع بدأ ينضج ويزداد عددا، ويؤثر ويتأثر بنظم الدول الأخرى والنماذج التشريعية المشابهة أيضا، وأغلبنا يذكر مناطق شرق وقبلة والشويخ والشامية وكيفان والقادسية والدسمة وحولي والسالمية والأحمدي، وهي المناطق الانتخابية عام 1961، إذ استمرت بمزايا الدوائر العشر لمدة أربعة انتخابات متتالية، وانتهت بعيوب المشهد السياسي الجديد الذي انتهى بحل البرلمان.بعدها حلت الخمس والعشرون دائرة مكان العشر في عام 81، وسط نضج الحياة السياسية والشعور بالثقة بإبداء الرأي، فأصبحت افتتاحيات الصحف بحالة استقطاب ما بين مؤيد ومعارض، تاركة لوسائل الإعلام الترقب وفاتحة الباب مرة أخرى أمام قوانين النشر الإعلامي. بعدها مرت الحياة السياسية بمراحل من الحل وإعادة الحياة للعمل الديمقراطي، حتى تطورت مراحل إصلاح النظام الانتخابي، وأُقرت الحقوق السياسية للمرأة الكويتية، وقلصت الدوائر إلى الخمس، ثم أخذت البيئة السياسية منعطفات دستورية حادة باتجاه إبطال المجلس وتقليص آخر ولكن لعدد الأصوات، فما المنعطف القادم؟ هل كما يقول الباحث شولت في كتابه الأخير عولمة السياسة، سندخل عولمة العمل السياسي وتنافس النخبة للوصول إلى مقاعد البرلمان أم تنافس الأغلبية؟ أخيراً وليس آخراً لا شك أن كلمات سمو الأمير جاءت تكريساً للسياسة العامة في الفترة المقبلة، وألقت بالثقل التنفيذي على الماكينة الوزارية التنفيذية، لكن العمل السياسي أيضا بحاجة إلى تجديد وتحديث، ولعلنا بعد تقليص عدد الدوائر وتقليص عدد الأصوات سنسعى إلى تقليص الأقوال والوعود وإقرار الأفعال والتنفيذ. كلمة أخيرة: الصبيح (1) والصبيح (2) سادت حالة من الهدوء على العمل البرلماني اجتازت من خلالها الوزيرة السيدة هند الصبيح وزيرة الشؤون استجوابها بشجاعة فاجأت بها النواب والصحافة في أكتوبر 2015، وهي بالمناسبة ثاني امرأه كويتية تستجوب علنا وتنجح، فالأولى السيدة نورية الصبيح وزيرة التربية التي تعاملت بمهارة عالية مع استجوابها في يناير 2008، ولم تحتمِ بالتضامن الحكومي إنما اجتهدت لتقنع النواب بسلامة موقفها وصحة قراراتها.