الاتفاق النووي يرى النور... وتنازلات إيران مقدمة لنهاية العزلة

نشر في 15-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 15-07-2015 | 00:01
• النص يتضمن رفع العقوبات المالية والإبقاء على حظر توريد الأسلحة لـ 5 سنوات ويسمح بتفتيش يومي

• أوباما يبني الاتفاق على التحقق لا الثقة ويحذر «الكونغرس»
• روحاني يؤكد انطلاق مرحلة بناء الثقة
في خطوة تاريخية أخرجت إيران من عزلتها الدولية، توصلت القوى الست الكبرى وطهران إلى اتفاق تاريخي بشأن البرنامج النووي الإيراني، وبينما اعتبرت الدول الغربية أن الاتفاق يسهم في تحقيق السلم للعالم بأسره، تعهدت إسرائيل بالعمل على عرقلته.

وضعت القوى الكبرى وإيران أمس نهاية لإثني عشر عاماً من سياسة «حافة الهاوية» والتهديدات والمواجهات بشأن برنامج طهران النووي بعد التوصل إلى اتفاق بشأنه وصف بـ»التاريخي».

وأعلنت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في فيينا أمس، حيث جرت مفاوضات بين مجموعة (5 + 1) وإيران التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني.

وقالت في بيان تلته بوجود وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن «الاتفاق تضمن تأكيد إيران على أنها لن تسعى إلى تطوير أسلحة نووية».

واعتبرت أن الاتفاق الذي تم توقيعه في فيينا جيد للعالم بأكمله وليس لأطرافه فقط، ويمثل أكثر من مجرد مسألة نووية. وبعد انتهائها، تلا الوزير الإيراني البيان نفسه بالفارسية.

وقال الوزير ظريف إن الاتفاق الذي وقعته إيران مع القوى العالمية الست هو «لحظة تاريخية» و«صفحة أمل جديدة»، مضيفاً: «نحن نتوصل إلى اتفاق ليس مثالياً بالنسبة للكل، لكن هذا ما يمكن أن نحققه، وهو إنجاز مهم  بالنسبة لنا جميعاً».

وتابع: «انه قرار (الاتفاق) يمكن أن يمهد الطريق أمام مرحلة جديدة في العلاقات الدولية، ويثبت أن الدبلوماسية والتنسيق والتعاون يمكنها أن تتخطى عقوداً من التوترات والمواجهات، معتبراً أن ما تم إنجازه يمثل بارقة أمل للعالم بأسره.

من جهته، رأى الرئيس الإيراني حسن روحاني أن الاتفاق «نقطة انطلاق» لبناء الثقة على العلاقات مع الغرب بعد ما طغى عليها التوتر طالما تم الالتزام بتطبيق «الاتفاق المتبادل».

بنود الاتفاق

وجاء في نص الاتفاق النووي الإيراني الذي نشر نصه على الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الروسية أمس، أن إيران والقوى العالمية الست الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، بالإضافة إلى ألمانيا، وافقت على آلية تسمح للوكالة الدولة للطاقة الذرية بالدخول الى المواقع النووية المشتبه بها في إيران خلال 24 يوماً، بينما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الحظر الدولي على توريد الأسلحة إلى طهران سيظل سارياً لخمس سنوات بموجب الاتفاق، لكن سيكون من الممكن خلالها توصيل شحنات أسلحة إلى إيران إذا ما وافق عليها مجلس الأمن الدولي وتحقق منها».

وبموجب الاتفاق سترفع العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على إيران في مقابل اتفاق طهران على تقليص برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب أنه يهدف لإنتاج سلاح نووي لفترة طويلة.

خريطة طريق

من جهته، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو إن الوكالة وقعت خريطة طريق مع إيران أمس بهدف حل كل القضايا العالقة بشأن برنامجها النووي بحلول نهاية العام، مضيفاً أن إمكانية دخول موقع بارشين العسكري الإيراني ـ وهو الأمر الذي طالبت به الوكالة مراراً ـ جزء من «ترتيب منفصل».

واعتبر الاتفاق «خطوة كبيرة إلى الأمام باتجاه توضيح القضايا الرئيسية في ما يتعلق ببرنامج إيران النووي. خريطة الطريق حددت عملية بموجب إطار عمل اتفاق نوفمبر 2013 للتعاون لتمكين الوكالة بالتعاون مع إيران من تقييم القضايا المتعلقة بالأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامجها النووي بحلول نهاية عام 2015».

وأكد انه «واثق» من قدرة الوكالة على التحقق من تطبيق إيران التزاماتها بموجب الاتفاق.

تحقق دون ثقة

وعقب الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق الذي قد يغير من شكل الشرق الأوسط في حال تم تطبيقه، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن الاتفاق مع إيران ليس مبنياً على الثقة وإنما على التحقق، وأكد في الوقت نفسه أنه في حال انتهكت إيران الاتفاق فإن كل العقوبات التي سترفع بموجب الاتفاق سيتم فرضها مجدداً.

وقال في كلمة مباشرة بثها التلفزيون الرسمي الإيراني بالتزامن مع الإعلان عن التوصل لاتفاق: «أمننا الوطني ومصلحتنا تقتضي منع إيران من الحصول على سلاح نووي.. وإذا انتهكت إيران الاتفاقية ستكون جميع الخيارات المتاحة الآن متاحة أمام أي رئيس للولايات المتحدة».

وفي ما يتعلق بحظر الأسلحة، قال إنه سيتم الإبقاء على «العقوبات المتعلقة بدعم إيران للإرهاب»، وأشار إلى استمرار «حظر الأسلحة لخمسة أعوام .. والحظر على الصواريخ الباليستية لثمانية أعوام».

واعتبر أوباما أن الاتفاق نجح في وقف تقدم البرنامج النووي الإيراني الذي كان يمكن أن يدفع بعض دول منطقة الشرق الأوسط للحصول على أسلحة نووية. وأشار إلى أن إيران ستتخلص من 98 في المئة من مخزونها من اليورانيوم المخصب بموجب الاتفاق

وحذر الكونغرس من عرقلة الاتفاق، وهدد باستخدام حق «الفيتو» ضد أي تشريع يمنع تنفيذ الاتفاق النووي.

سباق تسلح

في المقابل، ندد رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري جون باينر بالاتفاق الذي أبرم مع إيران معتبراً أنه سيطلق سباقاً على التسلح النووي في العالم.

وقال باينر في بيان إن الاتفاق «سيقدم لإيران المليارات بتخفيف العقوبات مع إعطائها الوقت والمجال لبلوغ عتبة القدرة على إنتاج قنبلة نووية بدون خداع». معتبراً أن أوباما تخلى عن أهدافه.

في السياق، استبعد وزير الخارجية الأميركي جون كيري رفض الكونغرس الاتفاق النووي الإيراني. وأكد أن واشنطن ستظل تدعم حلفاءها وشركاءها الرئيسيين في الشرق الأوسط، وستحرص على صد أي أنشطة إيرانية تزعزع الاستقرار.

ترحيب دولي

في غضون ذلك، رحبت معظم الدول الأوروبية وروسيا والصين بالاتفاق النووي. وأشاد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بـ»الاتفاق التاريخي» معتبراً أنه يشكل «تغييرا مهماً» في العلاقات بين إيران والدول المجاورة والأسرة الدولية، في ما حث الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند طهران على المساعدة في إيجاد حل للأزمة السورية.

وبينما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن مجلس الأمن سيصدق على الاتفاق النووي في غضون أيام، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن أمله في أن يسهم الاتفاق في نشر السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط. ورحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاتفاق وقال إن الأسرة الدولية تلقته بـ»ارتياح كبير».

في موازاة ذلك، هنأت وزارة الخارجية التركية الأطراف المعنية بالاتفاق النووي، في حين قال مسؤول سعودي لـ»رويترز» إن اتفاق سيكون يوماً سعيداً للمنطقة إذا منع طهران من امتلاك ترسانة نووية، لكنه سيكون سيئاً إذا سمح لطهران بأن تعيث في المنطقة فساداً.

تصد إسرائيلي

في المقابل، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتفاق بشأن برنامج طهران النووي بـ»الخطأ التاريخي»، وقال إنه سيبذل قصارى جهده لعرقلة طموحات إيران النووية.

(فيينا، طهران - أ ف ب، رويترز، د ب أ)

خامنئي يغلّب المصلحة على الكراهية

غلب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي الذي كان حذره من الولايات المتحدة في بعض الأحيان سببا لإبطاء المفاوضات النووية، مصلحة بلاده على كراهيته لأميركا.

وأثار خامنئي لفترة طويلة الشكوك برغبته في التوصل إلى اتفاق يجري التفاوض حول شق كبير منه مع واشنطن، العدو التاريخي للجمهورية الإسلامية التي أسسها في 1979 سلفه الإمام آية الله الخميني.

وقد أكد السبت بينما كان المفاوضون في فيينا يبذلون جهودا شاقة للتوصل إلى إتفاق أبرم أمس في نهاية المطاف أن «الولايات المتحدة هي النموذج الأمثل للغطرسة، وأعدوا أنفسكم لمزيد من الكفاح ضد الغطرسة».

(طهران- أ ف ب)

back to top