فسحة أمل!
![مسفر الدوسري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1507745577082709700/1507745592000/1280x960.jpg)
كل شيء مبهج في الحياة بالنسبة لمعظمنا بدأ يضيق ويصغر حجمه، حجم الرضا لا يوازي أبداً حجم ما في قبضة العمر، حجم الفرح مهما كبر لا يملأ ثقب كآبة صغير غائر في الصدور نجهل أحياناً مصدره، حجم الدهشة من أي شيء لا يستر عورة ملل مقيم في نفوسنا لا يكاد يرحل.لا شك في أن الجغرافيا لها علاقة كبيرة برسم حدود الأمل في واقعنا وخارطة التفاؤل، فنحن نعيش في منطقة تجاذب قوى وصراع يصعّب علينا الاستقرار وبناء حياة هادئة في مجتمعاتنا، إلا أن التاريخ أيضاً ليست يداه بريئتين من كتابة البؤس في صفحات أقدارنا، فتاريخنا المجيد مليء بالشواهد التي تدل على أننا خلقنا للرايات السوداء وخيانة الحياة!ولكن ليست الجغرافيا والتاريخ وحدهما من سرق منا نعمة الأمل، فنحن مازلنا نغزل بأيدينا صوف عدائنا للحياة، حتى في ظل انفتاحنا على العالم وانفتاحه علينا، ولمسنا أسلوب العيش لحضارات مختلفة قادرة على تأصيل ثقافة الاستمتاع بمباهج الحياة في أفرادها، إلا أن هذا الانفتاح على هذه الحضارات زادنا انغلاقاً على ما ورثناه من أسلافنا، ذلك الصندوق الخشبي العتيق المعبأ بكل أنواع المضادات الطاردة لطائر الأمل، فتحنا النوافذ على العالم وبقيت نوافذ أسلوبنا في الحياة مغلقة عصية على الفتح، لا نرى الحياة إلا فتحة صغيرة بحجم سم الخياط، لا تسرب من الحياة سوى سمومها لأعيننا فلا نبصر سوى ما يحرث قلوبنا ليزرع بها حقول الحنظل المر، ليتسلل سائلها البغيض في أوردتنا ويملأها بما يفسد متعة الحياة ويقضي على شجرة الأمل فيها، حتى نتاجنا الإنساني على مستوى الفن والأدب يكاد يخلو من الوجه المشرق للحياة. التفاؤل والأمل هما الطاقة التي تمنح الحياة الوجه الحسن، وتفتح أبواب الحياة على مصاريعها لنتمكن من رؤية هذه البانوراما المدهشة لصورة الحياة، وتمنحها الاتساع بعد الضيق، ابتكرنا بيت الشعر الخالد:أعلّل النفس بالآمال أرقبهاما أضيق العيش لولا "فسحة الأمل"إلا أن ذواتنا اختزلت عمق هذا البيت وروعته في "ما أضيق العيش"، أما فسحة الأمل فتم ردمها بما تحمل أنفسنا من الضيق، وأصبحنا حتى عاجزين عن اختراع فسحة أخرى بديلة لها.