«الإدارية» تلغي قرار منع الدراسات العليا في مصر لطلبة الحقوق
الحكم يشمل الماجستير والدكتوراه... ووقف البكالوريوس مازال مستمراً
في حكم قضائي إداري بارز بشأن الدراسة في الجامعات المصرية للطلبة الكويتيين - تخصص الحقوق، قضت المحكمة الإدارية برئاسة المستشار د. بدر الركيبي بإلغاء قرار وزير التربية والتعليم العالي د. بدر العيسى بمنع الدراسة الجامعية لتخصص الحقوق بالنسبة للدراسات العليا، وذلك بعد قبول الدعوى المقامة من المحامي خالد مفلح القحطاني، بطلب إلغاء قرار العيسى لمنعه من إكمال دراسته العليا في جامعة القاهرة - تخصص الحقوق، على أن يبقى منع الدراسة في مصر مستمراً بالنسبة للجامعات المصرية للحصول على مؤهل البكالوريوس.وجاء في قرار المحكمة الإدارية إلغاء قرار وزير التربية والتعليم العالي رقم 20 لسنة 2015 في ما تضمنه من إيقاف التسجيل والتحاق الطلبة الكويتيين في برامج الحقوق القانون في الجامعات المصرية لمرحلة الدراسات العليا بالنسبة للمدعي، وما ترتب عليه من آثار أخصها تمكينه من التسجيل في برنامج الماجستير بجامعة القاهرة.
وقالت المحكمة الادارية في حيثيات حكمها، الذي حصلت "الجريدة" على نسخة منه، إن الدستور الكويتي شأنه شأن دساتير العالم المتمدن حرص على حق التعليم واعتبره ركناً أساسياً لتقدم المجتمع، تكفله الدولة وترعاه، وقد عهد إلى وزارة التعليم العالي مباشرة شؤون عملية التعليم والشهادات العلمية ومخرجاتها، وكل ما يتعلق بها، وأناط بها تنمية المجتمع الكويتي في إطار من التكامل العلمي والروحي والخلقي والفكري والاجتماعي، على أن ذلك يدور في إطارين، هما حرية الأفراد في اختيار نوعية التعليم وجودته، والآخر حق الجهة الإدارية في تنظيم ذلك الحق، بما يتفق مع الصالح العام وحسن تيسير المرفق، لكنه وإن بدت تلك الأطر متعارضة، لكنها في حقيقة الأمر، يتعين أن تكون متكاملة فحرية الأفراد ليست مطلقة، وكذا الإدارة ليست حرة في فرض القيود، إذ يتعين عليها أن تفرضها في أضيق الحدود وبالقدر الذي تستهدفه المصلحة العامة. وبينت المحكمة في حيثيات حكمها أن الثابت من الأوراق أن السبب في إصدار القرار المطعون عليه، وبحسب ما صرح به مصدرهن وفي ذات القرار أنه تزايد أعداد الطلبة الكويتيين المسجلين في برنامج الحقوق - القانون في الجامعات المصرية، ولما كان السبب سالف البيان لا يصلح مطلقاً سبباً أكاديمياً وعلمياً مقنعاً لمنع طالبي العلم من تحصيله في التخصص الذي يميلون إليه، ويجدونه ملبياً لطموحهم مما ينعكس بلا شك على قدرتهم في التحصيل المتميز، ولايمكن التذرع بتكدس سوق العمل من خريجي الحقوق والقانون، وأنها هي المنوط بها تنظيم العملية التعليمية باعتبارها القوامة على عملية التعليم العالي وحسن سيرها، فذلك القول، وإن بدا مستساغاً ظاهرياً إلا أن ظاهره الرحمة وباطنه العذاب إذ إنه يلقى بمزيد من الأغلال والقيود على الحريات الشخصية، ومن بينها الحرية في اختيار نوع التعليم وجودته تلك الحرية التي يتعين علينا أن نمسك بتلاببيها، وألا نفرط في شيء منها، خاصة وإذا كانت أسباب القيود والمنع لا تجد لها صدى من الواقع أو القانون.ولفتت المحكمة إلى أن السبب المشار إليه في الأوراق لا يصلح دليلاً قاطعاً على سوء التعليم أو تدني مستواه في الجهات التي تم حظرها، ولم تفصح الأوراق عن أسباب أخرى مقنعة للافتئات على حرية التعليم ومصادرتها، ذلك أن القرار جاء عاماً مقرراً منع الالتحاق أو التسجيل في عموم الجامعات المصرية في التخصص المذكور، وهو حظر لا أصل له ولا سند ولم يبن على أسس واضحة معتبرة، وجاء مفتئتاً على حق الشخص في اختيار نوع التعليم وجودته، والتي ليست منحة من الإدارة تمنحه من تشاء وقتما تشاء، وإنما هو حق أصيل للمواطن مقيد فقط شأنه شأن أي حق آخر بعدم الخروج على مقتضيات الصالح العام، فالحرية في التعليم حق مقرر لا يجوز الحد منه أو انتقاصه إلا لمصلحة عامة في حدود القوانين واللوائح، ودونما تعسف أو انحراف في استعمال السلطة وقد كفلتها دساتير العالم أجمع، وقررت لها من الضمانات ما تسمو به عن المأرب الشخصية، وتنأى به عن الهوى، وتكفل لأبناء البلاد جميعاً تمتعهم بحقوقهم فيه، وهي لا تقبل من القيود إلا ما كان يهدف منها للخير المشترك للكافة، ورعاية الصالح العام، وحق اختيار نوع ومكان التعليم هو فرع من فروع الحرية الشخصية للفرد لا يجوز مصادرته دون علة ولا مناهضته دون مسوغ أو تقيده بلا مقتضى.وختمت المحكمة في حكمها أن السبب الذي عولت عليه الجهة الإدارية في إصدار القرار المطعون عليه إيقاف تسجيل والتحاق الطلبة الكويتيين في برامج الحقوق/القانون في الجامعات المصرية لمرحلة الدراسات العليا وغيرها غير مشروع لمخالفته المبادئ القانونية المستقرة وإهداره لحق المدعي في اختيار التعليم المناسب، وما يتوافق وقدراته ويراه وفق لمصلحته، الأمر الذي يعدو معه القرار المطعون فيه تبعاً لذلك فاقداً لسنده القانوني حرياً بالإلغاء، وما يترتب على ذلك من آثار أهمها أحقية المدعي في التسجيل في برنامج الماجستير بجامعة القاهرة.