إيران مصرّة إصراراً عجيباً على أن تكون ولياً لأمر الخليج بل والعالم العربي بأسره، وهي تعيث بجنباته تخريباً وتقطيع أوصال، وبث سموم الفرقة بين أبنائه الذين كانوا موحدين قبل تدخلاتها واشتغالها بالشأن العربي بقدر يفوق شأنها الداخلي، ففرقت العرب شيعاً وبِدداً، وأشعلت ثم غذت ورعت الاحتراب الطائفي في أرجاء الوطن العربي، وتمثل ذلك في لبنان والعراق وسورية واليمن، كما حاولت في البحرين والكويت، وهي لا شغل لها أو شاغل إلا محاولة تصديع الأرضية في المملكة العربية السعودية، التي تقف أمام مخططاتها وقفة الند للند، وتمثل حائط الصد الفولاذي أمام أطماعها التوسعية، وتحقق لها فشلاً تلو الآخر في مختلف الساحات العربية التي نشرت فيها إيران سموم وبذور الاحتراب الأهلي، والفتن الطائفية، وخراب البيوت وإهدار الثروات، واعتمدت في ذلك على حروب الوكالة التي استخدمت فيها طوابيرها الخامسة، وعملاءها من أحزاب ومجموعات سياسية، جنّدتهم ظاهرياً بلباس المذهبية الشيعية، وباطنياً لخدمة أحلامها ببسط النفوذ الإمبراطوري الفارسي على أرجاء أمة العرب التي تلعب المملكة العربية السعودية دوراً محورياً ورئيسياً في قيادتها، هذا فضلاً عن دورها الطليعي إسلامياً كونها مهبط الوحي والرسالة الإسلامية.
من هذه المنطلقات كافة، تراكمت أحقاد إيران على المملكة، وسعت إلى خلخلة الأمن والاستقرار فيها منذ تفجر الثورة الإسلامية في إيران، وإعلانها شعار تصدير الثورة، حيث أطلقت سلسلة من الأعمال التخريبية إما مباشرة عبر حجاجها ومعتمريها، أو غير مباشرة من خلال تحريك مجاميعها وخلاياها النائمة في أرجاء المملكة أو خواصرها من شقيقاتها الخليجيات (البحرين والكويت) من جهة أو اليمن والعراق من جهة أخرى، وقبل ذلك كله زراعة بؤرة التفجر المستمرة، وهو احتلال الجزر الإماراتية في مطلع السبعينيات من القرن الماضي ولاتزال.قامت إيران بذلك كله علّها تستطيع أن تزعج وتستنزف قوى هذا المارد السعودي الذي ما فتئ بالوقوف لها بالمرصاد لإفشال مخططاتها بحزم وعزم متصاعدين ودون تردد، في كل الجبهات.واليوم، كشفت لنا حالة الصرع والهستيريا الإيرانية في أعقاب إعدام المواطن السعودي "نمر النمر" ضمن قائمة من الإرهابيين السعوديين، عن مكامن الإحساس الإيراني المتَوهم بهيمنتها على البلاد العربية، فكيف بالتالي لنظامٍ عربي أن يتحدى تحذيرات إيران بصفتها "ولياً لأمر العرب" كما هي تتخيل؟ وكيف يتجرأ نظام عربي على أولاً اعتقال، وثانياً محاكمة، وثالثاً إعدام مواطن لا لأنه مظلوم، بل لأنه يعتبر رأس حربة لإيران في وطنه، ومكلف بتحقيق مخططاتها التخريبية والإرهابية في البلد الذي ينتمي إليه، ولأنه ينتمي إلى طائفة تعتبر إيران نفسها هي الحامية لها والمسؤولة عنها كيفما كانت جنسيتها، لتلغي بذلك هويات الأوطان وتستبدلها بهوية الطائفة.هددت إيران وتوعدت وتضرعت إلى الله بالويل والثبور للمملكة العربية السعودية، واقتحمت قنصليتها وسفارتها، وأضرمت فيهما نيران الحقد بعد نهبهما، علها تزرع الرعب في قلب خصمها المارد العربي الكبير، الذي واجهها بالحزم مجدداً، وطرد سفيرها وقطع علاقاته الدبلوماسية معها، ليلقنها درساً في العزة والكرامة الوطنية التي تطيح من جديد بالأحلام الفارسية بالهيمنة على الشأن العربي.خادم الحرمين الشريفين الراحل (الملك فهد بن عبدالعزيز) قال عندما احتل العراق الكويت: إما أن تذهب الكويت ونذهب معها، أو تبقى ونبقى معها... وكانت تلك مقولة الأكبر بشأن الأصغر من الإخوان، وعلينا جميعاً كدول خليجية أن نتمثل تلك المقولة نحو شقيقتنا الكبرى، فمصيرنا واحد واستقرار المملكة وأمنها وعزتها عز لنا جميعاً، وعلينا الالتفاف حولها وإسنادها والتماهي مع ما تتخذه من إجراءات لصيانة أمنها والحفاظ على استقرارها، ولعل السكوت عن عربدة إيران في أي قطر من أقطارنا هو انتظار لعربدة قادمة إلينا! وما "خلية العبدلي" وشبكة التجسس ببعيدة عن ذاكرتنا.
أخر كلام
6/6: مصيرنا واحد
08-01-2016