شخصيات شريرة: استيفان روستي... الشرير الكوميدي

نشر في 22-06-2015 | 00:01
آخر تحديث 22-06-2015 | 00:01
جمع بين أدوار الشر والكوميديا ببراعة، فاستحق لقب «الكوميديان الشرير»، ورغم ظهوره الفني «كنذل» أو زعيم عصابة أو غيرها، فإنه وضع بصماته على الدور، خصوصاً «أفيهاته» التي كانت وستظل محفورة في وجداننا، فمن منا يمكن أن ينسى دوره في «سيدة القصر» أو عبارته الشهيرة «نشنت يا فالح»؟
ولد استيفان روستي لأب مجري وأم إيطالية، تعرفا في الإسكندرية، حيث ولد، لكنه ظلَّ حريصاً على أن يكون تاريخ مولده غامضاً، وهو التاريخ الذي ذكره بفارق سنوات كبيرة في كل لقاء له للحديث عن ذكريات الطفولة، إلا أن المؤكد أنه ولد خلال الفترة من 1890 حتى 1895.

كان والده من النبلاء، وتسبب زواجه من والدته في أن تقرر الحكومة المجرية نقله من عمله كسفير في الإسكندرية إلى طهران، ما جعله يخرج للحياة من دون أن يرى والده الذي سافر وترك والدته التي لم تستطع السفر بسبب ظروف الحمل، وفارق والده الحياة بعد أشهر من دون أن يراه، لتعدل والدته عن قرار السفر، وتفضل البقاء في الإسكندرية، حيث ألحقته بالمدرسة، وعاشت في منزل صغير تركه زوجها لها.

كانت بدايته الفنية من خلال مسرحية «خلي بالك من إيميلي»، التي قدمتها فرقة عزيز عيد عام 1915، وجسَّد فيها شخصية أمير روسي بحكم ملامحه الأجنبية. سافر إلى فرنسا حيث أمضى فترة من شبابه يعمل في مهن عدة لتوفير سبل عيشه، لكنه لم ينس حب التمثيل الذي توقف عنه اضطرارياً بسبب سفره، وعدم تحقيق عائد مادي جيد يوفر له حياة كريمة في مصر.

شغف التمثيل

شغل التمثيل حياة استيفان روستي في الخارج، فكان يحرص على حضور العروض المسرحية والسينمائية بين فرنسا وإيطاليا، حيث تنقل على مدار سبع سنوات، تعمق فيها بالتمثيل من خلال الكتب والصحف الفنية المتخصصة، الأمر الذي أكسبه خبرة لا يستهان بها.

المصادفة وحدها كانت وراء عودته إلى مصر، حيث التقى يوسف وهبي وعزيز عيد في نهاية 1922، وأخبراه باستعدادهما لتكوين فرقة رمسيس، فقرر العودة معهما، والمشاركة في تأسيسها. عمل مع الفرقة لخمس سنوات تقريباً قبل أن ينتقل إلى فرقة الريحاني عام 1927، وهي الفرقة التي لم يتركها إلا بعد رحيل مؤسسها، لينتقل منها إلى فرقة إسماعيل ياسين التي ظلَّ فيها حتى وفاته.

ليلة ممطرة

كانت بداية استيفان روستي في أدوار الشر من خلال فيلم «ليلة ممطرة»، الذي شارك فيه مع ليلي مراد ويوسف وهبي، وأخرجه توجو مزراحي عام 1939، حيث جسَّد شخصية علي رمزي زعيم العصابة الذي يرتكب جميع الجرائم المعروفة، ويتزعم عصابة للنصب، ويقوم بالتغرير بفتاة ويهددها ويبتزها، وهو الدور الذي كتب بدايته الحقيقية في أدوار الشر بسبب الاتقان الكبير الذي قدمه به ونجاحه به.

لم ينساق استيفان روستي لأدوار الشر الخالصة التي عرضت عليه، ولكنه نجح في إضفاء روحه المرحة على الأدوار، ما جعله يشتهر بتقديم أدوار الشر الكوميدية، وساعده على ذلك اقتصار الكوميدينات في تلك الفترة على تقديم الشخصية الطيبة التي تصل إلى حد السذاجة، مما منحه مساحة مختلفة من الأدوار السينمائية التي جمعت بين الشر والكوميديا.

ابتعد في أعماله الفنية عن رتابة الأداء التي جعلته يقدم للشر ألف وجه وليس وجهاً واحداً. لكن العامل المشترك في كثير من الأعمال هو الاستعانة به ككبير للعصابة أو أحد أعضائها البارزين، ومنها «قلبي دليلي، عنبر، رقصة الوداع، سمارة، الحقيبة السوداء».

الشر الكوميدي أيضاً قدَّمه استيفان روستي في التفريق بين الأحباء لتحقيق ثروات مالية، وهو ما قدمه في أعمال عدة أيضاً من بينها «بشرة خير»، «القلب له أحكام»، «وشاطئ الغرام»، بينما قدم شخصية الانتهازي الذي يحاول استغلال الظروف في أعمال كثيرة أبرزها «عفريتة هانم»، و»معلش يا زهر» و»سيدة القصر».

الأداء الكوميدي في الشر عبر استيفان روستي عنه أيضاً في أدائه شخصية اليهودي مرتين الأولى في «حسن ومرقص وكوهين»، والثانية في «آخر شقاوة»، واستغل ملامحه لتقديم شخصية الخواجة الحريص على أمواله، ويتعامل بشر واضح مع عدد من المحيطين به في أكثر من فيلم أبرزها «أبو عيون جريئة»، و{حسن وماريكا».

ملامح حادة

اعتمد الفنان الراحل على ملامحه الحادة وعينيه المعبرتين عن المكر والدهاء لإظهار الشر داخل الشخصية، بينما جاء اعتماده في تقديم الكوميديا على الموقف والإيفيهات التي اشتهر بها في غالبية أعماله، فيما وظف قدراته الصوتية في تغيير نبرة الصوت لإظهار طبيعة الشخصية بشكل يحسب له على المستوى الفني.

زوجته والمرض

تزوَّج استيفان روستي من سيدة إيطالية تدعى ماريا، وظلَّ وفياً لها حتى رحيله. لم يُرزق منها بأبناء ظلوا على قيد الحياة، فهي أنجبت طفلين أحدهما تُوفي بعد أيام قليلة والآخر بعد ثلاثة أعوام، لكنه عانى معها في آخر أيام حياته بسبب معاناتها من مشاكل نفسية، فكان يحاول التخفيف عنها باستمرار باصطحابها لمشاهدة العروض المسرحية والأفلام السينمائية.

عاش استيفان روستي بعيداً عن الأطباء، فكان يحرص على ممارسة الرياضة يومياً والمشي لمدة ساعتين، حتى أصيب بمشكلة في القلب. تُوفي في منزله عن عمر يناهز 73 عاماً بعد تعرضه لانسداد في شريان القلب، وهو المرض الذي لم يكن له علاج آنذاك، فيما أصيبت زوجته بالجنون بعد رحيله بعام فقط، وأعيدت إلى عائلتها في إيطاليا، وانقطعت أخبارها عن مصر.

back to top