مع انطلاق جولة مفاوضات سداسية بين وزراء خارجية وري مصر وإثيوبيا والسودان، في الخرطوم أمس، تصاعدت مخاوف الشارع المصري من أن تؤدي مماطلة أديس أبابا ومضيها قدماً في عملية بناء السد، في التأثير سلباً على حصة مصر التاريخية من مياه النيل.
تصاعدت مخاوف الشارع المصري من ضياع الحقوق التاريخية للمصريين، في مياه نهر النيل، المقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، مع إقدام الحكومة الإثيوبية على تحويل مسار مجرى نهر النيل الأزرق، ليمر للمرة الأولى عبر سد "النهضة" الإثيوبي، قبل ساعات من بدء جولة جديدة من المفاوضات السداسية بين مصر وإثيوبيا والسودان، بالخرطوم أمس (الأحد)، بشأن السد.المخاوف عززها فشل جولات المفاوضات السابقة، وسط تعنت إثيوبي، وعدم وضوح الموقف المصري، ما انعكس في تصريحات مسؤولين مصريين، لم تنجح في تبديد المخاوف من ضياع المصدر الرئيسي لتوفير المياه بنسبة 95 في المئة لنحو 90 مليون مصري.وبينما يبحث وزراء الخارجية والري للدول الثلاث، النقاط الخلافية في المسار الفني على مدى يومين، سارع وزير الري والموارد المائية المصري، حسام مغازي، إلى التأكيد على أن إعادة تحويل مسار مجرى النهر يعد "إجراء طبيعياً"، وأضاف فور وصوله إلى الخرطوم، أمس الأول (السبت)، أن إعادة تحويل مسار مجرى النيل "بمنزلة استعادة للوضع الطبيعي"، وأن الخطوة الإثيوبية لا علاقة لها بالاجتماع السداسي، نافياً ما تردد عن بدء تخزين المياه.في السياق، قال مستشار وزير الري للسدود ونهر النيل، المتحدث باسم ملف سد النهضة، علاء ياسين، لـ"الجريدة"، إن الموقف المصري في المفاوضات واضح، وهو: "لا مساس بحصة القاهرة في مياه النيل، وعدم الإضرار بالمصالح المصرية، وأنه في حالة عدم إحراز أي نجاح، ستكون هناك خيارات أخرى، مصر تلجأ للطرق الشرعية حفاظاً على حقوقها"، مؤكداً أن السد الإثيوبي "يؤثر على مصر من ناحية المياه والكهرباء بشكل تراكمي".وأضاف ياسين: "إذا استشعرنا بأن الجانب الإثيوبي يضيع الوقت ستكون هناك طرق أخرى للحفاظ على حقوقنا، خصوصاً أن أديس أبابا لم تقدم أي ضمانات للقاهرة على أرض الواقع، فقط كلام للطمأنة، وهو ما لا يكفي، لأننا نريد ضمانات مكتوبة، ولن نتراجع عن ذلك".قلق مشروعالخطوة الإثيوبية المفاجئة، دفعت خبراء في الموارد المائية والشؤون الإفريقية إلى الإجماع على مشروعية القلق المصري، إزاء ضعف الموقف الحكومي في مفاوضات السد.أستاذ المياه والتربة بجامعة القاهرة، الدكتور نادر نورالدين، انتقد مسار المفاوضات، مضيفاً لـ"الجريدة": "لا جدوى منها، لأنها تقتصر على عمل المكتب الاستشاري الذي تعد نتائجه غير ملزمة لأي طرف، في حين إثيوبيا بدأت في تحويل مجرى النيل الأزرق، في رسالة عدوانية واضحة لمصر".بدوره، طالب مدير وحدة حوض النيل في مركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، هاني رسلان، بأن يعاد تقييم الموقف عقب الانتهاء من الاجتماع السداسي في الخرطوم، وفي حال فشل الوزراء في الوصول إلى تنفيذ مخرجات الدراسات الفنية، يتم الإعلان عن فشل اتفاقية إعلان المبادئ وإعداد مبادرة سياسية ثلاثية جديدة لتصويب المسار، تتفاوض على أبعاد وحجم السد، والسعة التخزينية للبحيرة، والسياسة التشغيلية، لضمان حقوق مصر التاريخية في مياه النيل".نقيب الصحافيين الأسبق، مكرم محمد أحمد، قال لـ"الجريدة"، إن "القاهرة تمارس أقصى درجات ضبط النفس في المفاوضات مع إثيوبيا، ولديها بدائل لحل الأزمة، من بينها التصعيد إفريقياً أولاً، ثم اللجوء إلى مجلس الأمن ثانياً"، مُستبعداً وجود نية لدى مصر في توجيه ضربة عسكرية للسد.مليارات جنينةداخلياً، وجَّه الرئيس عبدالفتاح السيسي، مساء أمس الأول بتشكيل لجنة تقصي حقائق، في ما نشر من تصريحات، منسوبة إلى رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، حول تجاوز تكلفة الفساد داخل مؤسسات الدولة نحو 600 مليار جنيه خلال عام 2015.بيان الرئاسة المصرية قال، إن اللجنة ستكون برئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية، على أن تقوم اللجنة بإعداد تقرير عاجل للعرض على الرئيس، واطلاع الرأي العام على نتائج أعمالها في إطار من الشفافية الكاملة.مصدر مطلع كشف لـ"الجريدة" أن الرئيسي السيسي طالب المستشار جنينة ـ الذي تم تعيينه في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي وتنتهي مدته في سبتمبر 2016ـ بتقديم الأدلة على صحة اتهاماته، مطالباً إياه بضرورة تقديم ملف كامل عن فساد مؤسسات الدولة، بحد أقصى الأسبوع المقبل، لافتاً إلى أن مؤسسة الرئاسة ستقدم إلى المحاكمة كل مَن يثبت تورطه في قضايا فساد.تأجيل المعينينفي الأثناء، وبينما بات في حكم المؤكد تأجيل أولى جلسات البرلمان المصري إلى الشهر المقبل، كشف مصدر رفيع المستوى لـ"الجريدة"، أن تأخر الرئيس السيسي في الإعلان عن أسماء النواب المعينين في البرلمان بموجب حقه الدستوري، جاء لإعطاء مهلة إضافية للرئيس السابق رئيس المحكمة الدستورية العليا، المستشار عدلي منصور، لحسم قراره، إذا ما كان يرغب في الانضمام إلى قائمة المعينين أم لا.وأشار المصدر، الذي اشترط عدم نشر اسمه، إلى أن الرئيس السيسي استطلع رأي منصور، خلال استقباله أمس الأول، وناقشه في أسباب رفضه دخول البرلمان من بوابة المعينين، إلا أن الأخير تمسك بموقفه بالابتعاد تماماً عن مجلس النواب، وتناقشا حول ترشح عدد من القانونيين لقائمة المعينين، خصوصاً أن المجلس في حاجة إلى شخصيات تمتلك خبرة قانونية واسعة قادرة على تجاوز المرحلة المقبلة، التي تتطلب إصدار مجموعة من التشريعات الملحة.مقتل إرهابيينأمنياً، أعلنت القوات المسلحة، أمس، القضاء على اثنين من أخطر العناصر الإرهابية قرب مدينة العريش وجبل الحلال في سيناء، وقال المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد محمد سمير، إن قوات الجيش الثاني الميداني طاردت اثنين من المسلحين، ما أسفر عن مقتل أحدهم وهروب الآخر، في حين نجحت قوات الجيش الثالث في قتل إرهابي بالقرب من "جبل الحلال" وسط سيناء.
دوليات
مفاوضات السد على المحك... والسيسي يمهل جنينة أسبوعاً
28-12-2015