هكذا كان جابر العلي!
فترة ذهبية فكرياً، وثقافياً، وفنياً، وإعلامياً، ازدهت بها دولة الكويت يوم كان يدير دفة أمور هذه المرافق الحضارية قارئ نهم، وفاتح قنوات تواصل مع كل المعنيين بكل ما له علاقة بالتطور الفكري والثقافي والفني والإعلامي.نعم... إنه الشيخ جابر العلي... تراه في الكويت على تماس يومي مع أغلب العاملين في هذه الحقول، كبيرهم، وصغيرهم، بل كثيراً ما يدعوهم إلى بيته، في الفنطاس، لتناول الطعام مع أفراد عائلته، ليناقشهم في مشاريعهم.
• يقترح على الفنان عبدالحسين عبدالرضا، وسعد الفرج، وعبدالأمير التركي فكرة عمل تلفزيوني، لينبثق عن هذا الاقتراح مسلسل "درب الزلق".• يقترح على الشاعر أحمد العدواني أن يكتب قصيدة شعرية، من الممكن أن تغنيها أم كلثوم! فكانت "يا دارنا يا دار".• ويقترح الاستفادة من وجود عبدالحليم حافظ في الكويت ليستمع العرب إلى حليم وهو يغني باللهجة الكويتية "يا هلي... يا هلي"!• وكم كان يحلو له تقديم الاقتراحات للقيام بعمل مسرحيات جعلت المسرح الكويتي يحتل مكانة مرموقة في هذا المجال.• أما على صعيد المطبوعات الفكرية والثقافية التي كانت تصدرها دولة الكويت في عهده، فالحديث عنها بلا حرج. * * *• وخارج الكويت: فقد كان في الصيف يجلس في مقهى ستراند في شارع الحمراء في بيروت، تحيط به كوكبة من كبار المثقفين والصحافيين ورجال الفكر من جميع أنحاء العالم العربي، وكانت الحوارات تخوض في شتى المواضيع بحرية تامة، وقد تيسر لي أن شاركت في بعضها.• سألني يوماً: كم دفعت للدكتور طه حسين نظير لقائك معه للإذاعة؟! قلت: المبلغ المحدد لهذه المقابلات لا يزيد على عشرين جنيهاً مصرياً! فكتب: يُمنح د. طه حسين خمسمئة جنيه وكتاب شكر موقعاً من الوزير مع إهدائه جميع المطبوعات التراثية التي تطبعها حكومة الكويت.ولما قلت له: ماذا عن نجيب محفوظ، ويحيى حقي، وبنت الشاطئ، ود. سهير القلماوي، وغيرهم؟! فجعل مكافأة كل منهم مئة جنيه مع هدايا مطبوعات الوزارة وكتاب شكر موقع منه.• ولما طلبت أم كلثوم مبلغ ألف جنيه على أغنية "يا دارنا يا دار" جعل المبلغ ثلاثة آلاف جنيه! وهكذا فعل مع عبدالوهاب!• جابر العلي ضمن ولاء معظم المثقفين، والفنانين، ورجال الفكر لدولة الكويت في تعامله معهم، والذي يليق بدولة بحجم دولة الكويت!رحم الله جابر العلي.