أكد رئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد، خلال مؤتمر العمل في بيئة مضطربة، الذي عقد برعاية مؤسسة البترول الكويتية أنه من أجل النمو، تحتاج البلاد إلى استقرار وسلام، وذلك لقيادة جيدة للبلاد، وهو ما على الحكومة توفيره للمجتمع حتى تضمن استقرارا شاملا في البلاد، مؤكدا ضرورة أن تؤمّن الحكومات حياة جيدة للأفراد، كما يجب أن نوفر البنية التحتية لتتيح لهم فرصة القيام بالأعمال، وأضاف «نحن لا نؤمن بمنح الأموال للأفراد، بل عليهم تحقيقها. وفي المقابل نؤمن بتقديم التعليم والتدريب وتقديم التعليم والتدريب لخلق الأموال.

Ad

ما قاله محمد في المؤتمر كأنه تم توجيهه بشكل مباشر للقطاع النفطي، حيث البيئة المضطربة وعدم الاستقرار فيه، وجاءت الطامة الكبرى حينما تمت التضحية بالتدريب الخارجي للعاملين في القطاع، بحجة التقشف بسبب انخفاض أسعار النفط، فكيف تخلق الأموال من دون تدريب أو تعليم، خاصة إذا كان في قطاع يعتمد عليه الاقتصاد القومي بشكل رئيس؟

كثيرا ما كنا نسمع قياديي القطاع النفطي يشيرون الى أن نجاح المؤسسات والشركات لا يقاس بالربحية المادية فقط، ولكن أيضا من خلال كفاءة وجودة أداء العاملين، وهو ما يمثل التحدي الأكبر، باعتبار العنصر البشري هو الدعامة الأساسية والاستثمار الفعلي للمؤسسات والشركات.

العنصر البشري

وتضع مؤسسة البترول الكويتية نصب عينيها أهمية العنصر البشري، وتعمل على توفير جميع السبل والوسائل للارتقاء به، وذلك من خلال الاستعانة والاستفادة من الخبرات العالمية في مجالات الموارد البشرية.

لكن القطاع بات اليوم في تحد أكبر، وهو قلة التدريب، فقد أرسلت شركة نفط الكويت كتابا جاء فيه أنه بناء على تعليمات مؤسسة البترول تم تخفيض ميزانية التدريب الخارجي للسنة المالية لهذه السنة بنسبة 20 في المئة، وهو ما سيؤثر بشكل سلبي في تلبية جميع الاحتياجات التدريبية الخارجية المطلوبة، كما أوصى الكتاب بأن تكون مدة المشاركة بالتدريب لا تتجاوز أسبوعا لإعطاء فرصة أكبر للمرشحين الى التدريب.

وفي الجهة المقابلة، أرسلت شركة البترول الكويتية كتابا إلى منتسبي الشركة أنه تم تخفيض ميزانية التدريب الخارجي بما يقارب 50 في المئة من قبل وزارة المالية، حيث تقرر تحديد المشاركة الخارجية للتدريب لموظف واحد كل سنتين من مستوى مهندس أول/ مراقب أول، فما دون.

وإذا تم الرجوع الى ما تطرق إليه الرئيس التنفيذي لشركة البترول الكويتية، نزار العدساني، في مؤتمر لإدارة المخاطر الشاملة، فقد أكد ازدياد المخاطر في الصناعة النفطية مع وجود تحديات تجعل الأسواق غير مستقرة، مبينا أن من أهم هذه التحديات النقص في الخبرات والخبراء.

وأكد العدساني أن انخفاض أسعار النفط أدى الى هبوط إجمالي السيولة والإيرادات النقدية، موضحا أن ذلك يعني وجود تهديد حقيقي في تنفيذ المشاريع العملاقة حول العالم.

موارد أخرى

إن الطلب على الطاقة سيستمر في الازدياد، مدعوما بتحسن الأوضاع المعيشية، لكن التقدم التكنولوجي يؤدي الى الضغط باتجاه البحث عن موارد طبيعية أخرى على رأسها النفط الصخري الذي سيؤدي الى تغير خريطة الطاقة العالمية وإلى زيادة التذبذب في الأسواق.

إذا نحن أمام مستقبل قد يكون صعبا في ظل المعطيات التي ذكرها العدساني، وخاصة بعد الخطوة التي اتخذتها (شل) إحدى أكبر الشركات النفطية في العالم بتسريح 6500 من موظفيها، بسبب انخفاض أسعار النفط، لكن الكويت لن تستطيع اتخاذ مثل هذه الإجراءات، حيث إنها وضعت خطة طموحة للقطاع النفطي للوصول الى إنتاج 4 ملايين برميل سنة 2020، كما أن هناك مشاريع كبيرة على أجندة القطاع الذي يحتاج الى عدد كبير من العاملين.

لكن من سيدير هذا القطاع إذا لم يكن العامل مدربا بشكل جيد؟، وخاصة أن المخاطرة في هذا القطاع قد تكون عواقبها كبيرة، وهل التضحية بالتدريب الخارجي هو اعتراف ضمني بأن هذا الامر لم يكن ذا جدوى أو كانت الدورات نزهة سياحية لا أكثر؟

من جهة أخرى، أين دور الشركات الكبرى التي يتم التعاقد معها؟، حيث تنص بعض بنود العقد على أن تقوم بتدريب العاملين، إلا أنه في أغلب الأحيان لا يتم الالتزام بهذا البند.

فالاهتمام بالعنصر البشري والارتقاء به من خلال تطبيق النظم الحديثة في الموارد البشرية، والتي تساهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لمؤسسة البترول الكويتية باتا على المحك اليوم، بعد التقشف في ميزانية الدولة، وكان من الأولى توفير جميع السبل لرفع كفاءة العاملين من خلال التدريب والتطوير، وخلق بيئة عمل تشجع على الإبداع والتميز في الأداء. فالموارد البشرية ليست جهة تنفيذية فقط، لكنها شريك استراتيجي يساهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة.