يستعد مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار يصادق بموجبه على الاتفاق النووي، الذي تم التوصل إليه في فيينا يوم الثلاثاء بين إيران والدول الست الكبرى، في حين بدأت الصقور الأمنية في إيران بمهاجمة التسوية التاريخية في أعقاب وصف الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي لبعض القوى العالمية الموقعة بأنها "غير جديرة بالثقة".

Ad

كشف دبلوماسيون في الأمم المتحدة أمس الأول أن مجلس الأمن سيصوت صباح بعد غد الاثنين في نيويورك على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة يصادق بموجبه على الاتفاق النووي، الذي تم التوصل إليه في فيينا بين إيران والدول الكبرى، موضحين أنها عملية لن تعدو كونها إجراء شكلياً، لكن بصدوره سيحل عملياً مكان سبعة قرارات أصدرتها الأمم المتحدة منذ 2006 لمعاقبة طهران بسبب برنامجها النووي.

وينص مشروع القرار على رفع تدريجي ومشروط للعقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران تبعاً لتقليص طهران قدراتها على صنع قنبلة ذرية، لكنه يبقي حظراً على الأسلحة التقليدية مدة خمس سنوات و8 سنوات على أي تجارة مرتبطة بالصواريخ الباليستية الممكن تزويدها برؤوس نووية.

ووفق المصادر فإن مجلس الأمن، الذي "يؤيد الاتفاق ويطالب بتنفيذه كاملاً وفقاً للجدول الزمني"، سيكلف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بـ"مباشرة التحقق ووضع الضوابط اللازمة"، لضمان أن تفي إيران بالتزاماتها النووية، وبمجرد تلقيه تقرير الوكالة حول احترام الاتفاق، فإن القرارات السبعة (1696 و1737 و1747 و1803، و1835، و1929 و2224) "سيتم إلغاؤها".

ومن بين هذه القرارات، القرار 1737 (الصادر في 23 ديسمبر 2006) بتجميد أصول الكيانات المرتبطة بالبرنامج النووي وبرامج الصواريخ الباليستية وأصول 12 شخصية. ويمدد القرار 1747 (الصادر في 24 مارس 2007) لائحة العقوبات هذه، بمنع واردات الأسلحة إلى إيران وتقييد القروض الممنوحة لها، بينما يحظر القرار 1803 (الصادر في 3 مارس 2008) تزويد إيران بسلع ذات استخدام مزدوج (مدني وعسكري). أما القرار 1929 (الصادر في 9 يونيو 2010) فيحد من الاستثمارات الإيرانية ويحظر بيعها بعض الأسلحة الثقيلة.

هجوم المحافظين

في المقابل، لم تضيع الصقور الأمنية المقربة من الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي وقتاً في مهاجمة الاتفاق، إذ كتب محمد كاظم أنبار لوي في مقال بصحيفة "رسالت" المحافظة "هناك خلافات كبيرة بين وثيقة الحقائق الإيرانية عن الاتفاق التي أصدرتها وزارة الخارجية، وبين ما ذكره الرئيس الأميركي في تصريحاته".

وتابع قوله "وثيقة حقائق الخصم تظهر أن كل الخطوط الحمراء الإيرانية ولاسيما بشأن العقوبات لم تحترم. العبارات والكلمات المستخدمة في النص تضم أقواساً وتحفل بالمصطلحات الغامضة التي يمكن تأويلها بأكثر من معنى".

وكتب محمد صرافي في صحيفة "كيهان" المقربة من خامنئي "على النقيض مما قيل لن يؤدي هذا الاتفاق إلى التعاون بين إيران والولايات المتحدة في المنطقة بل سيزيد التوتر بينهما".

وكان للمنتقدين وجود واضح في الشوارع يوم الثلاثاء عند إعلان إبرام الاتفاق. وقال شاهد عيان لـ"رويترز"، إن رجلاً كان يوزع الحلوى في ضاحية كراج بطهران بمناسبة "النصر النووي" تعرض لمضايقات وتوبيخ من أعضاء في ميليشيا "الباسيج" المتشددة، فيما ظهرت مجموعات على دراجات نارية في ميدان فاناك الراقي بشمال طهران للتعبير عن استيائهم من احتفالات الشوارع.

 استغلال ومغامرة

وفي أول تعليق سعودي رسمي على الاتفاق، نبّه وزير الخارجية عادل الجبير أمس الأول إيران إلى استغلال الاتفاق النووي لتحسين وضعها الاقتصادي، لا للسعي وراء "مغامرات" في الشرق الأوسط.

وقال الجبير، خلال جلسة لالتقاط الصور مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في واشنطن، "إذا حاولت إيران التسبب في أذى بالمنطقة فنحن ملتزمون بالتصدي لها بكل حزم".

ولم يؤيد الجبير الاتفاق صراحة أو يرفضه، لكنه شدد على ضرورة التفتيش للتحقق من أن إيران تلتزم بالاتفاق، وعلى ضرورة تطبيق آلية العودة للعقوبات إذا تبين انها لا تلتزم به.

ومن جانبه، قال كيري إنه سيطلع الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي على الاتفاق في العاصمة القطرية الدوحة في الثالث من اغسطس.

لائحة الإرهاب

إلى ذلك، أوضحت مساعدة الشؤون السياسية لوزارة الخارجية الأميركية ويندي شرمان أمس الأول أن واشنطن ستبقي قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني على لائحة الإرهاب، موضحة أن الاسم الذي ورد في المرحلة الأولى من العقوبات التي سيتم رفعها هو قاسم سليماني آخر، ويشغل منصب مدير أحد مناجم اليورانيوم في إيران.

وبحسب إذاعة "فردا" الناطقة بالفارسية ومقرها "براغ"، فقد أكدت شرمان، في مؤتمر صحافي، أن "اسم قائد فيلق القدس سيرفع في المرحلة الثانية من العقوبات بعد سنوات، وذلك إذا ما أوفى بتعهداته المتفق عليها خلال خطة العمل المشتركة لتنفيذ الاتفاق بين إيران والقوى الست".

وقالت كبيرة المفاوضين الأميركيين حول الملف النووي الإيراني، إن "العقوبات الأميركية التي فرضت ضد الأشخاص بسبب نشاطات إرهابية ستبقى، وهي منفصلة عن قائمة العقوبات التي تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني".

إبحار أول ناقلة

في غضون ذلك، أظهرت بيانات أمس الأول أن ناقلة النفط الإيرانية العملاقة "ستارلا"، التي تحمل مليوني برميل من النفط، تتجه إلى آسيا بعد أن ظلت في المياه الإيرانية لأشهر، وهي أول ناقلة تستخدم لتخزين الخام تبحر بعد اتفاق نووي هذا الأسبوع.

وفي حين لا يتوقع محللون عودة الجانب الأكبر من صادرات النفط الإيرانية إلى السوق حتى العام القادم، إلا أن إيران تخزن ملايين البراميل من الخام على متن ناقلات رابضة في مياهها الإقليمية منذ أشهر.

هيلاري وكاميرون

وبينما أبدت هيلاري كلينتون، التي تسعى للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض انتخابات الرئاسة، عدم ثقتها في القيادة الإيرانية مطلقاً، مؤكدة أن منتقدي الاتفاق لديهم "حجج تحترم"، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أعرب عن اهتمامه بإعادة فتح سفارة بلاده في طهران، وتوسيع العلاقات، وذلك في مكالمة هاتفية بين الزعيمين أمس الأول.

(طهران، واشنطن، الرياض،

أ ف ب، رويترز، د ب أ)