على من يراهن أوباما؟!
غير معروف بمن سيستعين الرئيس الأميركي باراك أوباما لتدمير "داعش" مادام أنه أكد في خطابه الأخير أنه لن يستخدم أي قوات برية لهذه المهمة، ومادام أنه قال وقال غيره مراراً وتكراراً إنه من غير الممكن الانتصار على هذا التنظيم الإرهابي، الذي تضاعفت جرائمه في الآونة الأخيرة، بالقصف الجوي الذي تواصل ولم يتوقف منذ أن تم تشكيل "التحالف الدولي"، ولكن بدون أي تأثير "جوهريٍّ" أو أساسيٍّ على هذا التنظيم الذي ثبت أنه عابرٌ للقارات بعد ضربة باريس الموجعة، وبعد ضربة كاليفورنيا الأخيرة في الولايات المتحدة. والواضح أن أوباما، الذي أعلن خططاً عسكرية أشرف على إعدادها ومتابعة تنفيذها ضباط وخبراء أميركيون، يراهن على قوات عربية لحسم هذه المعركة في النهاية، لكنه لم يوضح من أي دولة أو دول ستكون هذه القوات، مما يفتح المجال للتكهن وللاعتقاد بأن المقصود قد يكون جيش بشار الأسد مادامت هناك متغيرات في مواقف بعض الدول المعنية في هذا المجال، ومادام هناك إصرار إيراني وروسي على أنه ليس لهذه المهمة إلَّا "الجيش العربي السوري"، الذي يعرف الإيرانيون والروس حقائق الأمور بالنسبة لهذا الجيش، ويعرفون أنه لولا تدخل إيران وتدخل روسيا لأصبح هذا الرئيس السوري في "خبر كان" منذ فترة بعيدة!
إنه لا يمكن الاعتماد على هذا الجيش الذي استُنْزف "حتى العظم"، كما يقال، في الأعوام الخمسة الماضية، والشاهد على هذا أن مستشار الولي الفقيه علي ولايتي قال قبل أيام على رؤوس الأشهاد، إنه لولا إيران لسقط نظام بشار الأسد في فترة سابقة مبكرة، وهذا قاله حسن نصرالله الذي لم يتردد في أن يعلن أنه لو لم يتدخل حزبه، أي حزب الله، لكان سقط هذا النظام خلال ثلاث ساعات فقط! إنَّ هذا هو واقع الحال بالنسبة لبشار الأسد وجيشه، ولذلك فإنه على أوباما أن يُفتش عن غير هذا الجيش الذي أصبح في حقيقة الأمر بقايا جيش بعد تراجع أعداده إلى أكثر من الثلثين، وبعدما أصيب بداء انهيار المعنويات مبكراً، وانسحب من أكثر من ثلاثة أرباع الأراضي السورية بدون أيِّ قتال لا أمام "داعش" ولا أمام الجيش الحر وفصائل المعارضة المعتدلة، ولذلك فإنه لابد من التساؤل: على من يراهن الرئيس الأميركي يا تُرى؟ هل على جيش حيدر العبادي أم على أحد الجيوش العربية المحترفة الذي لا يمكن أن يقبل المسؤولون الفعليون عنه إقحامه في مواجهة كهذه مادام أن أميركا بكل إمكانياتها وبكل اقتدار جيشها أحجمت سلفاً عن خوض معركة كهذه المعركة. إننا نتمنى أن يستطيع الرئيس باراك أوباما أن يدمِّر بخبرائه ومخططاتهم وببعض وحدات جيشه "الخاصة" وبالقصف الجوي المكثف أيضاً هذا التنظيم الإرهابي "داعش"، ويخلصنا ويخلص العالم من جرائمه وشروره، لكن هذه الأمنية تحتاج إلى "جديِّة" أميركية، لأن هناك إجماعاً على أنه بدون قوات على الأرض "BOOTS ON THE GROUNDS" لا يمكن حسم معركة كهذه المعركة التي هي مع "انتحاريين" ومع مجموعات مُنتشرة بين السكان في الرمادي والموصل والرقة ودير الزير، و"تطهير" هذه المدن يحتاج إلى قوات برية تتقدم على الأرض شبراً بعد شبر وخطوة بعد خطوة. ثم إنه يجب تذكير أوباما بأنه هو صاحب مقولة: "إن الأسد وداعش وجهان لعملة واحدة"، وإنه لا يمكن التخلص من هذا التنظيم الإرهابي ما لم يتم التخلص أولاً من هذا النظام الذي لا مصلحة له في القضاء على من يسمي نفسه: الدولة الإسلامية في العراق والشام"، لأن بقاءه، أي بقاء هذا التنظيم، بقاء له وبقاء لإيران في بلاد الرافدين وفي سورية، وأيضاً بقاء لهذا الاحتلال العسكري الروسي في هذا البلد العربي الذي أوصله من حكموه نحو خمسين عاماً إلى هذه الأوضاع المأساوية التي وصل إليها.