من أصل 18 مرشحاً للسباق على كرسي البيت الأبيض، ويرجح أن ينضم إليهم مرشحان أو أكثر، هناك ثلاثة مرشحين حقيقيين يمثلون الحزب الديمقراطي، أما الباقون فيمثلون طيفاً واسعاً من شرائح الحزب الجمهوري واتجاهاته السياسية والطبقية.

Ad

آخر استطلاعات الرأي تشير إلى أن المنافسة قد تنحصر في نهاية المطاف بين هيلاري كلينتون، عن الحزب الديمقراطي، وجيب بوش، عن الحزب الجمهوري، لكن من غير المتوقع أن تحسم هذه النتيجة قبل مضي أشهر عدة.

حتى اليوم لا يمكن اعتبار الحملات التي بدأها المرشحون في الولايات الأميركية المهمة، كولاية آيوا، مؤشراً على حماوة السباق وعلى بدء فرز أصوات الناخبين، فالأمر مستبعد على الأقل حتى بداية فصل الخريف المقبل، والتركيز يجري الآن على محاولة استخراج أو إجبار كل اللاعبين في كلا الحزبين على كشف أوراقهم السياسية والانتخابية، تمهيداً لترصيد الحسابات داخل كل حزب.

ويعكس اقتصار عدد المرشحين الديمقراطيين على ثلاثة أو أربعة أشخاص على أبعد تقدير، عاملي قوة وضعف في آن.

وأدى طول فترة ولاية الرئيس الديمقراطي باراك أوباما إلى تأطير قواعد الحزب، وصبغها بما يمكن وصفه بـ«الأوبامية»، سواء تعلق الأمر بـ«إنجازاته» السياسية الداخلية أو الخارجية.

وتحولت شعاراته الاقتصادية إلى برنامج عمل لكل الطامحين إلى احتلال كرسي البيت الأبيض من الديمقراطيين، الأمر الذي فرض على السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز، المنافس الرئيسي لهيلاري كلينتون، أن يرفع شعاراً أكثر راديكالية، ليضمن خصوصيته في هذا السباق.

وبينما استعادت كلينتون شعار أوباما «بإعادة بناء الطبقة الوسطى»، رفع ساندرز شعار «المساواة بين المواطنين»، وإزالة أسباب الفقر عن غالبية الشعب الأميركي.

ولم تتأخر كلينتون في الرد حين ضمنت ولاء أكبر اتحادين نقابيين للأساتذة والمعلمين، أحد أبرز رموز الطبقة الوسطى، مع عدد منتسبين يفوق 5 ملايين.

وفي حين يعتبر بعض المراقبين أن ضآلة عدد المرشحين الديمقراطيين دليل قوة وعدم تشتت في قواعد الحزب، يعتقد آخرون أن الأمر دليل ضعف في بلد يحكمه رأي عام، لا يمكن لأي حزب ادعاء تمثيله بالكامل، فالحزبان الرئيسان هما في نهاية المطاف تكتلات عامة وتيارات مفتوحة غير مؤطرة في هياكل حزبية حديدية كلاسيكية، كما هو الحال في الأحزاب الأوروبية مثلاً.

بهذا المعنى تصبح «الأوبامية» لعنة للحزب الديمقراطي، وقد تحتاج إلى سنوات للبراء منها قبل تجديد الحياة داخل الحزب والسياسة الأميركية عموماً.

في المقابل، تَطرح ظاهرة المرشح الملياردير دونالد ترامب، المحسوب على الحزب الجمهوري حتى الساعة، إشكالية كبرى، بعدما بدا أنه قد يصيب صورة الحزب بأضرار لا يمكن إصلاحها بتاتاً.

ترامب يحتل حيزاً كبيراً من التغطية الإخبارية التي نالها أي مرشح جمهوري، وطرحه لقضية المهاجرين غير الشرعيين من دول أميركا اللاتينية، وخصوصاً من المكسيك، عرّض الحزب لهجمات غير مسبوقة من الجالية الأكبر بعد البيض والسود، ومن مؤسسات اقتصادية واجتماعية كبرى.

وطلب رئيس اللجنة الوطنية في الحزب راينس بريبوس من ترامب مباشرة أن يخفض حملته على المهاجرين، لكن الأخير رفض، طارحاً إمكانية ترشّحه كمستقل.

وكان هذا كفيلاً بقرع جرس الإنذار مبكراً لدى قيادة الحزب التي رأت أن التغلب على إشكالية ترامب قد تكون شبه مستحيلة، مع قدرات الأخير المالية وتمتعه بحضور إعلامي واسع، خصوصاً أنه يملك العديد من وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة.

وأمام وفرة عدد المرشحين الجمهوريين، وتشتت أصوات الناخبين، رغم أن كلا الحزبين سيجري انتخاباته الداخلية لتعيين اسم مرشحه النهائي، فإن فشل الجمهوريين في ثني دونالد ترامب عن الاستمرار في ترشحه وإعلانه الانفصال قد يطيح بحظوظهم في الوصول إلى البيت الأبيض، في حين لا يعاني الحزب الديمقراطي هذه النزعة.