مرافعة : متى تنتهي عسكرة التحقيقات !؟

نشر في 21-07-2015
آخر تحديث 21-07-2015 | 00:01
 حسين العبدالله في الوقت الذي يطالب فيه عدد من المسؤولين في الإدارة العامة للتحقيقات بضرورة الانفكاك عن وزارة الداخلية والعمل على ضم الادارة العامة للتحقيقات، تجد المسؤولين أنفسهم يفتحون أذرعهم سنوياً لقبول ضباط الشرطة كمحققين في الإدارة العامة للتحقيقات، ولعمري هو أمر بقدر ما يثير الاستغراب فإنه يثير تساؤلاً غاية في الأهمية، مفاده: هل ستضم التحقيقات إلى النيابة حقاً أم أن هناك قناعة لدى المسؤولين في وزارة الداخلية بضرورة الاحتفاظ بالإدارة قدر المستطاع وعدم التفريط فيها؟ بدليل قبولها العسكريين بوظيفة محقق يملك العديد من الصلاحيات الواسعة ذات الطبيعة القضائية.

من غير المعقول والمنطقي أن تسمح الإدارة العامة للتحقيقات بقبول ضباط الشرطة بكامل أعدادهم بينما ترفض عدداً كبيراً من خريجي الحقوق، فيضطرون إلى الطعن في قرارات رفضهم أمام القضاء، والمكان أحوج إلى تعيينهم فيه، وهم أحق بغيرهم من العسكريين في التعيين والأكثر ملاءمة لتولي هذا المكان.  

والإدارة العامة للتحقيقات بحاجة إلى نقلة نوعية حقيقية، وإصلاحها بيد مسؤولي وزارة الداخلية الذين يملكون تقرير اللجنة القضائية المشخص لمرضها منذ أكثر من خمس سنوات، رغم أنها هي من طلبت من القضاء تشخيص أمراض هذه الإدارة، بينما الحديث عن ضمها إلى النيابة العامة في هذه الظروف التي تعيشها دون أن تعمل على تحقيق الإصلاحات المهيئة للضم يعتبر حديثاً غير واقعي تماماً.

وبعد نحو ٤٥ عاماً على تبعية الإدارة العامة للتحقيقات لوزارة الداخلية وعلى إسناد أمر التحقيق لها في قضايا الجنح، دون أن تتخذ بعد أي خطوات لإعادة إسناد أمر التحقيق في كل قضايا الجنح إلى النيابة العامة رغم أن أكثر التشريعات التي صدرت خلال السنوات العشر الأخيرة أحالت للنيابة العامة التحقيق في الجرائم التي تشكل جنحاً، ما يؤكد حرص ورغبة المشرع في إسناد هذا الدور للنيابة العامة وحدها دون التحقيقات رغم أنها جنح، وهو ما يمكن تفسيره على أنه اعتراف منه على فكرة الاستقلالية التي تتمتع بها النيابة في تحقيقاتها وإدارتها للقضية، وفي المقابل تبعية الإدارة العامة للتحقيقات إلى وزارة الداخلية، بل إن هذه الأخيرة نفسها تتحرج لدى التحقيق في العديد من القضايا وتقوم بإحالتها إلى النيابة العامة استشعاراً منها بأن النيابة هي السلطة الأكثر قبولاً واطمئناناً لدى الجميع ومثل هذا الاطمئنان يختلف عليه كثيرون تجاه الإدارة العامة للتحقيقات نتيجة تبعيتها لوزارة الداخلية ولاختلاطها في الجهاز الأمني للوزارة.

back to top