عام دراسي جديد بدأه المعلم والطالب وولي الأمر، ولكن مع كثير من المستجدات على الساحة العربية والعالمية أصبحت حاجتنا لتعليم مختلف غير نمطي ملحة، تعليم مواكب للتطور العلمي السريع الذي يحدث بالعالم في وقت نعاني، نحن العرب، من تدني مستوى التعليم ومخرجاته، وأصبحت القيادة لمن يمتلك العلم والمعاناة لمن يعاني قصوراً في العملية التعليمية.

Ad

إن مكونات العملية التعليمية تتمثل في طالب ومعلم ومنهج تعليمي مناسب يتمثل في الأبنية التعليمية وما تحتويه من وسائل تعليمية. وأعتقد أن المعلم أصبح جيداً الآن، وأن المناهج في حاجة إلى تطوير يواكب ما يحدث، ونحن بحاجة إلى تعليم قائم على اﻻبتكار والبحث العلمي لا الحفظ دون إبداع. ووزارة التربية بدأت مشوارها في هذا الجانب بتغيير المناهج من الصف الأول، وهذا جانب مهم للغاية، وتعتبر الأبنية التعليمية والوسائل التعليمية ممتازة مقارنة بباقي الدول العربية، أما في ما يخص الطالب فهنا يكمن دور المعلم وولي الأمر، إذ ﻻبد أن يشعر الطالب بأنه مهم وبلده تنتظره وتنتظر دوره فيها، وهنا يجب عليه احترام معلمه والقائمين على العملية التعليمية، ويساعد في ذلك سلوك ولي الأمر وحديثه عن المعلم وذكرياته بطريقة غير مباشرة، فكل ذلك له مردود إيجابي يتمثل في القدوة، لذا فدور ولي الأمر مهم وخطير، أي أنه ﻻبد أن يكون على وعي بأهمية العلم والمعلم وإﻻ فلا قيمة للمدرسة وما تقدمه إذا كان الطالب ﻻ يجد من يوضح له أهمية ما تفعل له المدرسة.

إن العملية التعليمية في وطننا العربي بشكل عام في حاجة إلى المزيد من التطوير واﻻهتمام من أجل تربية جيل واع ومتفهم لمستجدات العصر الحديث، وهنا تكمن أهمية المعلم في العملية التعليمية والتربوية، فدوره ﻻ يكمن في الجانب الأكاديمي فحسب، بل هو القدوة والتربوي الذي يأخذ بيد أبنائه الطلاب ويصنع منهم الشخص الواعي المتعلم بشكل جيد والمثقف الذي يستطيع أن يكون عضوا نافعا لمجتمعه وبلده. إذاً المعلم هو القدوة الأخلاقية قبل العلمية، وهو من يشكل العقول والوعي لدى الطلاب، فهل يدرك المعلم ويعي أهمية دوره وخطورته؟ وهل يتابع ما يحدث من مستجدات في العملية التعليمية والأحداث الدولية؟ أظن أن معظم المعلمين على قدر المسؤولية الأخلاقية والمهنية. ولكن هناك رسالة للمعلم يجب أن يعلمها هي أن مكانتك ودورك مهم جدا في العملية التعليمية، وﻻ يمكن أن تنجح أو تكون هناك عملية تعليمية من دونك... فرسالة المعلم مكملة لرسالة الأنبياء، ولذلك أيها المعلم أنصحك بالإخلاص لوجه الله في عملك، وأن تعتبر من تقوم بتعليمهم إخوانك أو أبناءك... خذ بيدهم نحو مستقبل أفضل وغد مشرق من خلال تقديمك لهم كل جديد ومفيد وبطرق مختلفة ومبتكرة، وأسلوب جاذب لا بشكل يدعو لنفور الطالب وكرهه للمادة، فكم من طالب رسب في دراسته بسبب معلم، وكم من طالب تفوق بسبب حبه لمعلم المادة، فعلاقتك بطلابك أهم من تقديمك العلوم بشكل تقليدي ممل، كن المعلم الذي يخلق الدوافع لطلابه كي يتعلموا... وهنا أتذكر دور مدرسي لمادة علم النفس، وكم كان سبباً في تفوقي بالمادة بسبب تشجيعه الدائم لي، وكان سبباً في تفوقي الدراسي، وهنا تبرز بوضوح قصة أديسون عندما أخفت عنه أمه خطاب معلمه بأنه فاشل وﻻ يجدي معه التعليم، ولكن ذكاء أمه حول الرسالة إلى مدح، وقالت له إن معلمه يمدحه ويقول إن إمكاناته أكبر من معلميه، ويجب أن تحضري له معلماً من نوعية خاصة، وتعلميه بالمنزل... وتمر الأيام ويصبح أديسون عالماً، ويشكر أمه بعد وفاتها بعدما اكتشف حقيقة ما قال عنه معلمه... هكذا الدوافع والكلمة التي تحمل الثناء تفعل في الطلاب. حببوا أبناءكم الطلاب في العلم أيها المعلمون، علموهم أهميتهم لمجتمعهم وبلدهم لتشكلوا منهم عقولا مبتكرة ومتعلمة تعليماً يواكب مستجدات العصر.

لن أنسى كلمات سفير جنوب إفريقيا عندما كنت أستمع له في إحدى المؤسسات التعليمية الأجنبية لغير العرب، وتقريباً كنت العربي الوحيد بينهم، وهو يذكرهم بأهمية تعليمهم وانتظار مجتمعاتهم لهم من أجل التنمية والقضاء على الإرهاب والتعصب، وأن عليهم أن ينظروا إلى الدول من حولهم، وماذا فعل بها اﻻرهاب، ضارباً مثلاً بالعراق وأفغانستان... لا نريدكم وﻻ بلادكم هكذا، نريدكم صناعاً ومخترعين، نريدكم مشاركين في تنمية مجتمعاتكم.... فهل عقدنا نحن الندوات في مدارسنا العربية لتوعية أبنائنا بأهمية العلم والعلماء؟ وهل أحضرنا لهم القدوة في كل المجاﻻت العلمية ليحدثوهم عن تجاربهم؟

كل عام وأنتم بخير.