القدس... «مئة عام من التهويد» في ندوة بالقاهرة

نشر في 11-12-2015
آخر تحديث 11-12-2015 | 00:01
في إطار الموسم الثقافي لمعهد البحوث والدراسات العربية التابع لمنظمة «ألكسو» بالقاهرة، أقيمت ندوة «القدس.. مئة عام من التهويد»، وتحدث خلالها الوزير المفوض د. عبدالرحيم مزياني من سفارة المملكة المغربية، والمستشار الثقافي لدولة فلسطين د. محمد الأزعر، ود. عبد الله محارب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وأدار اللقاء د. فيصل الحفيان مدير معهد المخطوطات العربية، بحضور لفيف من الكتاب والباحثين.
لفت د. فيصل الحفيان إلى أن القدس تمثل ضلعاً مهماً من أضلاع تلك العلاقة التي تربط بين السماء والأرض، ورمزاً لتواصل الأديان، وعاصمة روحية وتاريخية، وعلى أرضها يتواجد المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وتشكل مع المدينة المنورة ومكة المكرمة مهداً للحضارة العربية والإسلامية، والتذكير بها يرسخها  في العقل، وأن الحق المغتصب لا يسقط بالتقادم، ومئة سنة ليست طويلة في عهد الأمم.

 في كلمة موجزة، قال د. عبد الله محارب: {منذ سقوط الدولة العثمانية، وهذه المنطقة تدور فيها صراعات مستمرة، واتفقت  دول {سايكس بيكو} على إحكام السيطرة، وإشغال الأمة بنزاعات وفتن، وأن تظل في تشرذم، وهذا يفسر الحادث الآن في سورية وليبيا واليمن}.

أوضح محارب أن الأمر لم يقتصر على اغتصاب الأرض وإشعال الفتن، بل محاولة طمس الهوية الثقافية مثلما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتعاظم الانتهاكات الصهيونية، وسعيها إلى تهويد القدس، وهذه القضية قائمة في وعينا.

النداء الأخير

من جهته، ألمح

د.  محمد الأزعر إلى أن الحديث عن القدس، ينطلق في توقيت حرج، ومنعطف تاريخي، والمدينة المقدسة في مرحلة الخطورة والنداء الأخير، ووصل التهويد إلى قلب القلب، واحتلال الحرم القدسي بالكامل، والتحول إلى الصراع بين المؤسسات، وإفراغها من الوجود الفلسطيني.

أوضح الأزعر أن فلسفة المجتمعات الاستيطانية، تنهض على ضرب البنى التحتية، اقتصادياً وإنسانياً، وإحلال مؤسسات بديلة، ولكن القدس عاصمة فلسطين بالانتخاب الطبيعي، لبعدها الديني، وحضارتها في المكان والزمان، وعناصر عدة جعلتها مركزاً لسكانها الأصليين.

وثمة نموذج فريد لفلسفة المجتمعات الاستيطانية، وهو الاستعمار الفرنسي للجزائر، وانتهى باستقلال بلد المليون شهيد، وقد فشلت تلك النماذج في المنطقة العربية، ولم يبق سوى نموذج فلسطين، وحق شعبه في اختيار المدينة المقدسة عاصمة دولته، لمكانتها الروحية والتاريخية والثقافية والاجتماعية، ووفق وثائق تاريخية تثبت أن القدس في الجانب العربي، واعتراف الوسيط الدولي برنادوف عام 1948، أنها تقع في فلسطين العربية، وأية محاولة لعزلها سياسياً سيثير مصاعب جمة.

لفت الأزعر إلى أن القدس مركز إشعاع ثقافي عبر التاريخ، وقبل الاحتلال كانت عامرة بالمكتبات، وبعضها لعائلات فلسطينية مميزة، منها آل الحسيني وآل الزهري وآل الكندي، وكانت فيها منتديات لبيوت الأدب وأدباء كبار، ووفدت إليها الجاليات العربية طلباُ للعلم، وصدرت فيها 12 صحيفة من 150 صحيفة فلسطينية، وبين العامين 1871  - 1890 انطلقت منها 106 مطبوعات ضمن 217 في أرجاء فلسطين، ولم تشهد صدور أية صحيفة عبرية.

ظلت القدس مركزاً ثقافياً ومالياً وسياسياً، وكان يعيش معظم رجال الدولة، ونحو  10 آلاف موظف (عدد سكانها آنذاك نحو 100 ألف) وتجار أثرياء، وازدهرت اقتصادياً، وحوت مؤسسات سياسية، ودار الإفتاء، ونصف الأحزاب الفلسطينية ومقر صندوق الأمة.

قبل نكبة 48، ازدهرت في القدس مؤسسات المجتمع المدني، وتواجدت 33 جمعية أهلية من بين 231 جمعية فلسطينية، و12 مستشفى من بين 242 مستشفى في أرجاء فلسطين، واختيرت لجنة القدس للإشراف على اللجان الشعبية لفلسطين، ومقراً دائماً للمؤتمر الإسلامي.

أشار الأزعر إلى تعرض هذه المؤسسات، للغزو ومحاولة تفريغها من دورها داخل المدينة، وأن تصبح من دون كوادر وسياسات، ولقمة سائغة لكيان منظم، لديه مخططات لتهويد القدس، ويسانده بعض القوى لفرض سيطرته، والتوغل في انتهاكاته للحق الفلسطيني.

انتهى الأزعر إلى أن القدس تواجه خطر التهجير، والتغير الجغرافي وتمددها إلى مساحة 72 كيلومتراً، بينما القدس الأصلية لا تزيد على 1 % من تلك المساحة، وخطر الإملاء على المفاوض الفلسطيني وخطر تحويلها من قضية سياسية وسيادة  إلى قضية عبادة فقط.

حي المغاربة

 

مــــــــــــن جـــــــهــتــــــــــــــــه، تــــحــــــــدّث د. عبدالرحيم مزياني عن دور المغرب في مكافحة تهويد القدس، ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، وجذور علاقة المغاربة بالمدينة المقدسة، وشدهم الرحال إلى ثلاثة مساجد {الحرام والنبوي والأقصى}، ومشاركتهم في حروب تحريرها مع صلاح الدين الأيوبي.

أوضح مزياني أن النصوص التاريخية أوردت ما قام به سلاطين المغرب وملوكها لتحرير القدس، وإرسال 130 سفينة تحمل جنوداً وصانعين، وتجمع أجود التخصصات الحربية، للمشاركة في موقعة حطين، كذلك دور الملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني في دعم القضية الفلسطينية، والدفع بأوراقها إلى المحافل الدولية، ومؤازرة الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه المشروعة، وتأسيس لجنة القدس لمكافحة التهويد.

أشار مزياني إلى أن كثيرين من المغاربة أقاموا في القدس، طلباً للعلم والتجارة، وأطلق على أحد أحيائها {حي المغاربة} الذي هدمه الإسرائيليون عام 1967، لقربه من حائط البراق {حائط المبكى}، وما زالت الوشائج قائمة بين الشعبين المغربي والفلسطيني، رغم البعد الجغرافي، وللمدينة المقدسة مكانة في عقل ووجدان كل مغاربي وعربي.

back to top