مو محل نقاش
لم يتخذ وزير الصحة ما هو مناسب أمام فداحة الخطأ الذي أودى بحياة نفس بشرية ثمينة، وهو أمر لا يحتمل تهاوناً أو استهتاراً، وما حدث قمة في التهاون والاستهتار، فأن يُقدِم طبيب على خطأ هو أمر وارد، ولكن أن يتمكن هذا الطبيب بعد يوم واحد من خطئه الجسيم من الخروج من الكويت بشكل رسمي دون تزوير لجواز أو ما شابه، فهذا أمر ينم عن انعدام مسؤولية ووقاحة غير مقبولة.
في العادة لا أتحمس كثيراً مع دعوات استقالة وزير ما على خلفية خلل في وزارته أو خطأ جسيم من العاملين في الوزارة، والسبب ببساطة أنه لن توجد وزارة كويتية واحدة دونما أخطاء، وقد نخسر بدعوات استقالة وزير على خلفية خلل لا شأن له به، شخصية كان من الممكن أن تطور الوزارة أو تنقذ ما يمكن إنقاذه فيها.فعلى سبيل المثال، فإن حدث خلل في تشييد طريق جديد تنفذه وزارة الأشغال فأنا لست مع المطالبة باستقالة وزير الأشغال، خصوصا إذا كان هذا الوزير جاء بعد البدء في إنشاء هذا الطريق، أو إن حدث خطأ فني جعل تلفزيون الكويت يبث خبراً بعنوان «إسرائيل الصديقة» فأنا لست مع المطالبة بإقالة وزير الإعلام، وإن كنت في حالتي الأشغال والإعلام أنتظر من الوزيرين خطوات تأديبية وعقابية جراء ما حدث من خلل.
ما حدث من وزارة الصحة ونجم عنه فقدان مواطن كويتي في ريعان شبابه نتيجة خطأ طبي، هو أمر رغم مرارته وقسوته على النفس، وارد ويحدث في كل مكان في العالم، ولا علاقة له بتقدم الدولة أو تأخرها، فالأخطاء البشرية واردة، ولعل أقساها وأصعبها هي تلك الأخطاء التي نفقد من خلالها الأرواح البشرية، وقد يمتد الخطأ فيما حدث إلى آلية اختيار الأطباء أصلاً من قبل اللجان المختصة التي قد تتجاهل عنصر الدقة والحرص في اختيارها للأطباء، وهو أيضاً خطأ وارد لتراكمات فساد السنين. فوزارة الصحة في الكويت تعد أكبر مختبر تجارب للوزراء، فمتى ما رغبت الحكومة في إدخال شيخ جديد سلمته وزارة الصحة، ومتى ما رغبت في توزيع الوزارات حسب المذهب أو الانتماء القبلي سلمت ابن المذهب أو القبيلة وزارة الصحة، وكلما نشر طبيب إعلاناً بالصحف عن عيادته عينوه وزيراً للصحة، فتتحول أكثر وزارات الدولة حاجة للنظام والانضباط إلى مختبر تجارب يعبث به كل وزير حسب رؤاه وتقييمه.إلا أن ما حدث في حالة وفاة المواطن إثر خطأ طبي أمر يتحمله وزير الصحة بشكل مباشر بغض النظر عن تردي حال الوزارة، فكما ذكرت في بداية المقال، أنا لا أتحمس لدعوات استقالة الوزراء في العادة، ولكن أنتظر منهم خطوات عقابية وتأديبية جراء أي خلل يحدث، ووزير الصحة لم يتخذ ما هو مناسب أمام فداحة الخطأ الذي أودى بحياة نفس بشرية ثمينة، وهو أمر لا يحتمل تهاوناً أو استهتاراً، وما حدث قمة في التهاون والاستهتار، فأن يقدم طبيب على خطأ هو أمر وارد كما ذكرنا، ولكن أن يتمكن هذا الطبيب بعد يوم واحد من خطئه الجسيم من الخروج من الكويت بشكل رسمي دون تزوير لجواز أو ما شابه فهذا أمر ينم عن انعدام مسؤولية ووقاحة غير مقبولة أبداً.فإن كان التعاطي مع أغلى ما نملك في الكويت، وهو البشر، بهذا الاستهتار والتهاون، وعدم قدرة الوزير على القيام بتنفيذ أبسط المسؤوليات تجاه حدث كبير كهذا فإن رحيله عن الوزارة خير للكويت، ولكل نفس بشرية تعيش على هذه الأرض.