أكد رئيس المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة الدكتور عبدالله النصيف أن انشغال العرب والمسلمين بالثورات ومحاربة الجماعات الإرهابية المتطرفة التي خيمت على أرض المسلمين اليوم انعكس سلبا على قضية القدس والأقصى، مشيرا في حوار مع "الجريدة" أثناء زيارته مؤخراً للقاهرة إلى أن العمل الإغاثي يتعرض لحملات تشويه واتهام بأنه ممول رئيس للجماعات الإرهابية حول العالم، مطالباً بضرورة قيام حملة عربية إسلامية تنادي بوضع خطط عاجلة لعلاج حالات الجهل الديني المستشري بين المسلمين. وإلى نص الحوار:
• مازالت التنظيمات الإرهابية قادرة على استقطاب مزيد من الشباب. كيف نواجه تلك المعضلة؟- بداية يجب أن نتعرف على نقاط الضعف ونعالجها لأننا من غير الممكن أن نعالج مثل هذا المرض المستعصي ألا وهو التشدد والغلو الذي وصل إلى مرحلة تكفير الناس وقتلهم، دون أن نعرف وندرس المرض جيدا ولابد أن نعي ويعي معنا العالم كله أن الحالة الداعشية التي تعيشها منطقتنا اليوم هي نتيجة لتراكمات عقود ماضية وليست مشكلة سهلة الحل كما يتخيل البعض فالناس انحرفوا عن الدين بطريقة غير مقبولة ومناهج التعليم تعرضت لكثير من التغيرات السلبية التي أدت إلى حرمان الشباب من الفائدة العلمية لكي يكونوا أكثر انضباطا والتزاما بقواعد الإسلام الوسطي.*كيف نحصن شبابنا حتى نحرم تنظيم "داعش" وغيره من مزيد من المؤيدين؟- دعنا نعترف وبصراحة مطلقة أن شباب العرب والمسلمين اليوم عانوا لفترات طويلة من غياب المعرفة الدينية لهذا نشأوا والجهل الديني يسيطر عليهم وأصبحوا أسهل في الاختراق باختصار فإن توجيه شباب اليوم ونشر القيم الإسلامية الحقيقية بينهم أصبح أمرا صعبا للغاية، فلابد إذا أردنا أن نحصنهم بالفعل أن نسعى لإيجاد منظومة تثقيفية موحدة تصل للشباب في أماكن تجمعاتهم وتخاطبهم بطريقة سهلة ومبسطة.*برأيك كيف امتلك "داعش" كل هذه القوة والقدرة على الحشد؟- داعش هو تنظيم مخابراتي بامتياز وهو نتاج عمل مخابراتي موجه بصورة أساسية للإسلام وجهل الشباب الذين انخدعوا بالتفسير المزيف لكثير من المفاهيم والمصطلحات الإسلامية أدى لامتلاك داعش مزيدا من القوة، ومن الواضح أن داعش خرج اليوم حتى عن أجهزة المخابرات التي تحركه فلا نعلم من الذي يحرك ذلك التنظيم اليوم خاصة في ظل ذلك المشهد الضبابي الذي نعيشه، لكن هذا لا يعني السكوت بل يعني المضي قدما في المواجهة على جميع المستويات الرسمية والشعبية منعا لاستمرار جرائم داعش ومنعا لتمدده.* لكن في اعتقادك لماذا ينجذب الشباب لهذا التنظيم بشكل خاص؟- السبب الرئيس لنجاح داعش في جذب الشباب من داخل الأمة وخارجها هو حرمان هؤلاء الشباب من التعليم الأصلي، لأن الشباب يبحثون عن احتياجاتهم الفكرية والعلمية والدينية لدى المجتمع الذي يعيشون فيه ولما لم يجدوها لدى المنظومة العلمية والتثقيفية والتعليمية لجأوا إلى مصادر بديلة وفي ظل سيادة مواقع التواصل الاجتماعي في العالم كله فإن الشباب لجأوا لها لتحصيل العلوم التي افتقدوها ليقعوا في براثن الداعشيين الذين تلقفوا هؤلاء الشباب وبثوا سمومهم الفكرية في أدمغتهم لذا لابد ونحن نضع استراتيجية المواجهة لتخليص شبابنا من الفكر المتطرف الذي يحاصرهم عبر "فيسبوك" و"تويتر" وغيرهما، أن ندرك أن القضية ليست سهلة بل تحتاج إلى جهد.* كيف تصل آراء العلماء التي تكشف زيف أفكار "داعش" إلى القاعدة الجماهيرية العريضة في مجتمعاتنا؟- لابد من حملة عربية إسلامية شاملة تعالج حالة الجهل الديني الذي يعاني منه الشباب ولابد من استراتيجية موحدة في هذا الشأن.* من وجهة نظركن من أين يبدأ إصلاح التعليم؟- لابد من البدء من الصفر فمن أول مراحل رياض الأطفال يجب الاهتمام بتشكيل وعي الطفل بإعطائه المعلومات التي تعينه على خوض غمار الحياة فالواقع الذي نعيشه يؤكد أن إصلاح التعليم يجب أن يبدأ من القاعدة، لأن إصلاح التعليم من القمة لن يؤدي إلى النتيجة التي ننتظرها.* لكن أغلب الشباب المنضمين لداعش تلقوا تعليمهم في أوروبا والآخرين عاشوا في بيئات علمية رفيعة المستوى، فلماذا سقطوا في شراك جماعات التكفير؟- شباب داعش ينتمون بالفعل لعائلات ثرية وتلقوا تعليمهم في مدارس رفيعة المستوى في الداخل والخارج لكنهم تلقوا علوما تطبيقية ولم يتلقوا طوال حياتهم التعليمية الحد الأدنى من العلوم الدينية، ما جعلهم يعانون الأمية الدينية وعندما بحثوا عن علوم الدين الصحيح لم يجدوا أحدا يحدثهم ويستمع لهم إلا الداعشيين فسقطوا في براثنهم.* لو انتقلنا للحديث عن العمل الإغاثي والخيرين هل مازالت القيود المفروضة على العمل الخيري الإسلامي قائمة أم تضاءلت بعض الشيء؟- أولا العمل الخيري لن يتعرض لكبوة مهما حدث، نعم هو يعاني بعض الشيء بسبب التحديات المتواصلة ضده من جانب بعض المنظمات الصهيونية الكارهة للعمل الخيري الإسلامي ومن هذا المنطلق روجت بأن العمل الخيري يدعم التطرف والتشدد وهذا أمر غير صحيح على الإطلاق وقد أدى التشويه الصهيوني للعمل الخيري في بعض الأحيان إلى وجود أموال وتبرعات عجزت منظمات الخير عن تصريفها وقد فوجئت عند تشرفي بالعمل في منصب الأمين العالم للمجلس الإسلامي للدعوة والإغاثة بأن هناك أموالا تم تخصيصها لمناطق فقيرة في عالمنا الإسلامي مثل البوسنة وأفغانستان وغيرهما ولم ينجح المجلس في توصيلها بسبب حصار العمل الخيري ولكن والحمد لله بدأنا في وضع استراتيجية خاصة لتوصيل تلك الأموال لمن يستحقها وبالفعل نجحنا إلى حد بعيد.* ماذا عن دور المجلس في دعم الشعوب المسلمة التي ترزح تحت نير الفقر والاحتلال؟- نحن نهتم للغاية بكل الشعوب المسلمة التي تقع تحت نير الاحتلال ونهتم بشكل خاص بالشعب الفلسطيني على أساس أن الفلسطينيين يدافعون عن المقدسات الإسلامية في وجه الاحتلال الصهيوني الذي يضع الخطة تلو الخطة من أجل استمرار مشروعه الكبير الذي يستهدف تهويد كل مقدساتنا وكل الأراضي العربية والفلسطينية ومن هذا المنطلق نعمل على اتجاهين لدعم صمود الفلسطينيين، الأول أننا ننظم الندوات التي تؤكد الحق العربي والإسلامي في فلسطين ونعمل على الترويج لتلك الندوات بحيث نصل للمواطن وصانع القرار في الغرب حتى يدرك كل منهما أن القدس عربية وإسلامية رغم الادعاءات الصهيونية التي تحاول الترويج لعكس ذلك، والاتجاه الثاني الذي نسلكه لدعم الصمود الفلسطيني يشمل توصيل المساعدات المالية والعينية للشعب الفلسطيني.* بمناسبة القدس ماذا عن المساعدات التي يقدمها المجلس لدعم أهل القدس في نضالهم ضد الاحتلال الصهيوني؟- موضوع القدس من أصعب الأمور ونحن في حاجة لجهود غير عادية حتى نستطيع توصيل مساعداتنا للمقدسيين دون أن يستفيد منها أعداؤنا بأي شكل، لكن المؤسف أن العرب انشغلوا عن قضية القدس بأمور عديدة فالواقع يؤكد أن مواجهة الجماعات الإرهابية وجرائمهم الخطيرة شغلتنا جميعا عن القدس وما يحدث فيها من هدم وتهويد ولذلك نطالب عبر هذا المنبر الإعلامي بعودة القضية الفلسطينية إلى بؤرة الاهتمام العربي والإسلامي.
توابل - دين ودنيا
رئيس المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة لـ الجريدة.: انشغال المسلمين بمحاربة الإرهاب أضر بقضية القدس
03-07-2015