افتتاحية: لعنة الله على مَن أفتى ومَن نفذ
لن ينجح الإرهابيون مهما فعلوا، ولن تزيدنا جريمة مسجد الصادق إلا إيماناً بوحدة مجتمعنا واعتدال إسلامنا وتمسكنا بالدولة الحافظة لأمن جميع مكوناتنا.نعزي مَن؟ نعزي أهل الضحايا؟ كل أهل الكويت أهلٌ للضحايا. نعزي أنفسنا، ونعزي كلَّ فرد من أبناء بلدنا. فالشهداء الذين سقطوا هم نحن كلنا، لا فرق بين سني وشيعي. والكارثة التي حصلت كان يمكن أن تصيب أي فرد منا، لكن شاء المجرمون السفلة أن تحصل في مكان محدد.
لا يسعنا أمام هول الفاجعة إلا الترحم على الشهداء والدعاء بالشفاء للجرحى، لكن نقولها بالفم الملآن: لا نريد بيننا تكفيريين يعبثون بوطننا وبحياة أهلنا.ولا نريد متطرفين يتسترون باجتهاداتهم المنحرفة ليجمّلوا صورة التكفيريين أو ليهوّنوا من معتقداتهم المدمرة.ضد الإرهاب والفكر التكفيري والتشدد المؤدي إلى التكفير والإجرام هكذا يجب أن نصرخ كلُّنا بصوت واحد، فالكويت لا تحتمل أن يسرح ويمرح فيها دعاة الفكر المتطرف، وحان الوقت لنضع حداً للخطاب الملتبس الذي يخلط بين التدين والغلو.رغم الجراح والآلام، فإن أفضل ما نخرج به من هذه المأساة هو التحذير من السقوط في فخ المجرمين الذين يريدون فرز مجتمعنا وتعميق الانقسامات، وتشجيع التطرف المضاد. نحن في الكويت لن نلعب لعبة هؤلاء الأوغاد. سنرفض الاصطفاف والانشقاق وسنحارب أي دعوة في هذا الإطار تصدر عن أي فريق. والمسؤولية تقع على كل المجتمع، من المنزل والأسرة إلى المدرسة والمؤسسات.نحن أمةٌ وسط، وسنبقى نبراساً للاعتدال والعيش المشترك في كل المنطقة التي تعج بالنزاعات والتفسخات. لكن المسؤولية الأولى تبقى دائماً على عاتق الدولة على كل مستوياتها. والدولة يجب أن تكون دولةً في كل زمان ومكان، وفي المكان الصحيح على الدوام. تسهر على أمن الجميع وتنفذ القوانين بحزم وبلا انحراف، وتكافح أسباب التطرف منتزعة شأفته من الأساس.الخلود لشهدائنا والشفاء لجرحانا، ولعنة الله على مَن أفتى وحرّض وسهّل ونفّذ الجريمة.الجريدة