ما حصل في الكويت الجمعة قبل الماضية يدعونا إلى وقفة مع الذات أولاً، ثم وقفة مع الخارج، فعندما تكون في انزعاجات من الداخل وأفكار متلاطمة ومشاعر ملتوية تحتاج للتفكيك ينتج من الخارج ما لا نتوقعه، فما جرى دعوة لتنظيم وترتيب الأفكار، وتصفيف المشاعر ليمكننا الرؤية بوضوح، فـ«داعش» ما هو إلا فكر ساهمنا في صناعته وأعطيناه اهتماما فوق ما يتصور؛ لذا تجسد على أرض الواقع وصار يهدد أمننا ويعيث فسادا في الأرض، وسيستمر طالما نغذيه بشدة اهتمامنا به.

Ad

 وما نبعثه من النكات والمزاح  في أحاديثهم للتهوين على أنفسنا ما هو إلا خوف قابع على صدورنا في الواقع، فكلما قاومناه كبر وصار وحشا متغطرسا نضعف أمامه، فيظهر على شكل تفجيرات تبيد الأخضر واليابس، إلا أن ردة الفعل الأولى إزاء تلك الضربة من أبناء الكويت الأوفياء كانت لطمة حادة لذلك الفكر المتغطرس.

 وبالفعل ردة إنسانية نبيلة محملة بكل مشاعر الحب والبذل والعطاء، ردة بزغت فيها الروح الحقيقية للإنسانية والذات الأصيلة التي استقبلنا فيها الحدث بعين الرحمة والطبيعة البشرية غير المصطنعة لنجدة إخوة الإنسانية، وبنظري أن ما يظهر بعدها من شائعات ورسائل وإعلانات ظاهرها يدعو للوحدة وفي عمقها سم مدسوس هي تسعى للفُرقة.

 فنؤكد لم تأت هذه الردة إلا من روح إنسانية تحب تقديم المساعدة ونجدة المستغيث، فبعد أن هدأ الوضع وعادت المياه لمجاريها، نهضت النفوس الجائعة لقيء ملوثاتها من أحقاد دفينة وأفكار متقصية دنيئة تدعو إلى عدم السكوت على ما يثار من وحدة، بينما العقول الراقية تعمل بهدوء وسكينة، وتساير الوضع لتحدث التوازن بين أوساط المجتمع، فهذه سنة الله في خلقه تسوء الأمور وتسوء، فيحدث الله أمرا ليحدث التوازن في الكون، ورسالة للخلق ليفهموا تلك الرسالة ويعيدوا توازن أنفسهم.