حسم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الجدل الدائر في الشارع حول مصير حكومة إبراهيم محلب، بعد تورط أحد وزرائها في قضية فساد كبرى، عرفت إعلامياً بـ«رشوة الزراعة»، وقبل استقالتها فور تقديمها وكلف وزير البترول شريف إسماعيل تشكيل الجديدة، في وقت فشلت تظاهرات النقابات المستقلة احتجاجاً على قانون «الخدمة المدنية».

Ad

أطاح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حكومة إبراهيم محلب بعد الاشتباه في تورط عدد من وزرائها في قضية فساد كبرى، مازالت رهن التحقيق، وكلف وزير البترول والثروة المعدنية شريف إسماعيل تشكيل حكومة جديدة، يتوقع أن تشهد تغييراً كبيراً يشمل أكثر من نصف عدد الوزراء.

وكما انفردت "الجريدة" في عدد الخميس الماضي، فإن محلب توجه أمس للقاء السيسي في قصر الرئاسة وأبلغه بأنه يضع استقالة الحكومة تحت تصرفه، ففوجئ بأن الرئيس يبلغه فوراً قبول الاستقالة، وكلفه بتسيير الأعمال لمدة أسبوع حتى تشكيل الحكومة الجديدة.

وبعدها بأقل من ساعة تم الإعلان عن اختيار وزير البترول في الحكومة المستقيلة شريف إسماعيل رئيساً جديداً للوزراء.

وترجع الإطاحة بحكومة محلب إلى قضية الفساد الكبرى، التي انفجرت بعد القبض على الإعلامي محمد فودة، حيث أدت اعترافاته في التحقيقات إلى القبض على وزير الزراعة صلاح هلال والوزير الذي سبقه في حمل الحقيبة نفسها أيمن أبو حديد، كما اتجهت الشبهات إلى خمسة وزراء آخرين على الأقل من أعضاء الحكومة.

وقال مصدر سياسي قريب من دائرة اتخاذ القرار لـ"الجريدة"، إن هذه القضية أدت إلى فقدان مصداقية الحكومة كلها أمام الرأي العام بصرف النظر عن نتائج التحقيقات التي لاتزال جارية، ما أدى لضرورة تغييرها، بالإضافة إلى الشكاوى المستمرة من بطء الإنجازات في قطاعات الخدمات المختلفة.

وأضاف أن محلب ارتكب خطأ سياسياً كبيراً ساهم في حسم القرار بضرورة تغييره، حيث أصدر بياناً يوم الخميس الماضي ينفي فيه تورط أي وزير في قضية الفساد باستثناء صلاح هلال، ما أثار استياء الأجهزة الرقابية التي اعتبرت ذلك نوعاً من محاولة التأثير على التحقيقات والتدخل في عمل النيابة.

عتاب شديد

وكشف المصدر أن الرئيس عاتب محلب بشدة أثناء تواجد الأخير في تونس يوم الأربعاء بسبب انسحابه من المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره التونسي وعدم رده على سؤال يتهمه بالفساد، مع أن الرد كان سهلاً، وهو ما دفع محلب لإصدار تصريح ينفي فيه انسحابه من المؤتمر.

وعن مبررات اختيار شريف إسماعيل لرئاسة الحكومة رغم مروره بأزمة صحية خلال الشهور الماضية، بالإضافة إلى أنه لم يكن بعيداً عن دائرة علاقات المتهم محمد فودة، أوضح المصدر أن إسماعيل كان صاحب سياسة ضخ استثمارات جديدة في قطاع البترول وتشجيع الشركات الأجنبية على التعاقد لاستكشاف آبار جديدة، وهي سياسة ثبت جدواها باكتشاف أكبر حقل غاز في مياه البحر المتوسط، بالإضافة إلى لعدد آخر من الاكتشافات التي سيتم الإعلان عنها قريباً، مضيفاً أن الغاز الطبيعي سيمثل القاطرة للاقتصاد المصري خلال السنوات المقبلة، ، وهو ما يبرر وجود إسماعيل على رأس الحكومة.

وبدأ رئيس الوزراء الجديد على الفور مشاورات لاختيار أعضاء حكومته التي يتوقع أن تضم وزراء جدداً في حقائب الخدمات وبعض الحقائب الاقتصادية مع استمرار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية دون تغيير.

وقال محلب، في تصريحات  لـ"الجريدة"، إنه أدى عمله على قدر استطاعته، مؤكدا أنه نجح في تنفيذ عدد من المشروعات بالإضافة إلى خلق بنية تحتية قوية، مشدداً على أن الحديث عن تورطه في قضايا فساد شائعات لا ترقى للرد عليها، وقال: "حان وقت الراحة، وسعيد بما حققته خلال هذه الفترة".

ردود فعل

إلى ذلك، قال مصدر حكومي رفيع، إن السيسي اتخذ قرار إقالة الحكومة منذ الخميس الماضي، وقامت الرئاسة بإبلاغ محلب بالقرار، وتابع المصدر الذي رفض ذكر اسمه لـ"الجريدة": "تقارير الرقابة الإدارية والجهات السيادية أوصت بضرورة إقالة الحكومة بالكامل وليس بعدد من الوزراء بسبب قضية الفساد، وقصورها في المعالجات الاقتصادية"، مشيراً إلى أن وزراء الدفاع والداخلية والخارجية، والمالية والتموين والتخطيط والإسكان، والشباب والرياضة، مستمرون في مناصبهم.

وأشار المصدر إلى أن وزراء المجموعة الاقتصادية، الاستثمار، والصناعة، والكهرباء، والتعليم العالي، والتربية والتعليم، والتطوير الحضاري، والبيئة، سيتم استبعادهم، لافتاً إلى أن هناك خلافاً حول بقاء وزير العدل أحمد الزند.

«الخدمة المدنية»

على صعيد آخر، فشلت التظاهرات التي دعا إليها عدد من النقابات المستقلة، في حديقة "الفسطاط" – في ضاحية مصر القديمة، أمس، للاحتجاج على قانون "الخدمة المدنية"، حيث قالوا إنه يعرض العاملين في الدولة إلى مخاطر الفصل التعسفي، وقال مراسل "الجريدة" إن المنطقة التي كان متوقعاً أن تشهد التظاهرة، شهدت استنفاراً أمنياً، في حين شارك عدد قليل من المتظاهرين، وقال مصدر أمني إن تعليمات صدرت بغلق الأبواب الرئيسية للحديقة، ومنع دخول المحتجين.

حق الشهيد

وعلى الأرض، وفي إطار العملية العسكرية الشاملة "حق الشهيد"، التي أطلقتها القيادة العامة للقوات المسلحة، الاثنين الماضي، في سيناء لتطهيرها من البؤر الإرهابية، أعلن الجيش استشهاد 4 مجندين وإصابة 3 ضابط و4 أفراد آخرين، في انفجار ناسفة أثناء تبادل إطلاق النيران مع العناصر التكفيرية.

وقال الناطق باسم الجيش أحمد محمد سمير، إن القوات الخاصة التابعة لسلاح البحرية، "الضفادع البشرية" قامت بتأمين أعمال المجموعات القتالية على المحاور الساحلية، لمنع تسلل العناصر الإرهابية التي تحاول الهرب في اتجاه البحر، وأشار إلى أن العملية في يومها الخامس أسفرت عن قتل 98 تكفيرياً نتيجة قصف المدفعية والقوات الجوية، والقبض على 23 من المشتبه بهم.

وتابع الناطق باسم الجيش في رسالته اليومية عن العملية: "القوات دمرت ورشة تصنيع عبوات ناسفة تحتوي على (1.5) طن من مادة نترات الأمونيوم التي تستخدم في تصنيع الناسفات، موضحاً أن العملية تأتي تزامناً مع بدء القيام بأعمال البنية التحتية في مدن شمال سيناء وتهيئة المناخ الملائم للتنمية.