حين ترشحت رواية أستاذنا وعميد الرواية في الكويت "العنقاء والخل الوفي" لجائزة البوكر كتبت أن إسماعيل الفهد أكبر من الجائزة. ومازلت عند الرأي نفسه، وأنا أتابع مخرجات الجائزة وانحدار مستوى رواياتها الفائزة وتحكم الناشر بها وسوء اختيار لجان تحكيمها، وكان آخر ذلك الانهيار فوز رواية المبخوت، وغضب القراء والنقاد من منحها جائزة الرواية العربية كما يطلقون عليها.

Ad

إسماعيل فهد إسماعيل بالنسبة لنا نحن الذين لحقنا به وكنا نطمح إلى مباركته لأعمالنا رمز مهم من رموز ثقافتنا الكويتية والعربية، رجل عاش عروبته في روايته وتنقل بها من الشياح إلى النيل إلى حالتنا الخاصة في الكويت، يتقبل اختلافنا معه دون أن يغضب منا أو يخاصمنا، يتسع صدره للجميع ويحتضن الجميع. بقي إسماعيل الفهد قلباً للعرب المقيمين وللذين خاصمتهم العاصمة السياسية، فكان وطناً في رجل، ننظر إليه برمزية يستحقها، ونرى في تكريمه تكريماً لنا وللثقافة الكويتية أولاً والعربية ثانياً.

فوز إسماعيل الفهد بجائزة سلطان العويس عن تاريخه الحافل تأخر كثيراً، ولكنه جاء أخيراً، وهو فوز يجعلنا نقاسمه ذات الفرح، ونقتسم معه التاريخ الجميل الذي عشناه معا. لن تضيف الجائزة له أكثر مما يضيفه هو لها، ولكنها تضيف لنا نحن كثيراً من البهجة بأن يتذكر أصحاب الجائزة رجلاً يستحق بعد هذا التاريخ الجميل تكريماً وإنصافاً لمشروعه الروائي.

هذه الجائزة تضع للمشهد الثقافي في الكويت بصمة واضحة على خارطة الأدب العربي، وتساهم كثيراً في أن نكمل مشوار إسماعيل الفهد الذي بدأه، نعمل مخلصين كما عمل على إبقاء صورة هذا المنتج الثقافي رافداً للثقافة العربية وجزءاً مهماً من مكوناتها.

الخبر الذي تزامن مع فوز إسماعيل الفهد هو خبر الإعلان عن جائزة كويتية للقصة القصيرة، التي يبدو أن حظها كان كحظ الشعر في السنوات الأخيرة. وأرى شخصياً أن الصديق طالب الرفاعي عمل الكثير لتحقيق هذه الجائزة وإخراجها للنور، لسببين الأول إخلاصه للقصة القصيرة، والثاني إخلاصه لطالب الرفاعي نفسه. لا أنكر ولا ينكر طالب الرفاعي أن الجهد الكبير الذي قام به جعله مرتبطاً به كرئيس للأمناء وإطلاق اسم الملتقى الذي يشرف عليه على الجائزة، كل هذا لا يمنع أن أرفع القبعة تحية له.

طالب الرفاعي أنجز شيئاً كبيراً أتمنى أن يستمر طويلاً، وكتبت لماذا لم يمول الجائزة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وأتراجع الآن عما كتبت، فربما كان يرى طالب الرفاعي أن تبقى الجائزة بعيداً عن المؤسسة الرسمية ومعه الحق في ذلك.  

ما أخشاه فعلاً أن تسير الجائزة على ذات النهج الذي سارت عليه "بوكر الإمارات"، واقتران بعض أسماء البوكر بها يدفعنا لهذا التخوف. ولا أنكر أن الأمر يبدو تبادل مصالح ثقافية. هذه الأسماء ستعيد لنا نفس لجان التحكيم التي اختلفنا معها، لن نستعجل الحكم وسننتظر مخرجات الجائزة التي أتمنى أن تعيد الهيبة الضائعة لأصعب الفنون الأدبية وهو فن القصة القصيرة.