«مملوك» في الرياض!

نشر في 22-08-2015
آخر تحديث 22-08-2015 | 00:04
 يوسف عوض العازمي الخبر المسرب عن زيارة اللواء علي مملوك رئيس مكتب الأمن القومي السوري للرياض ولقائه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، هذا الخبر الذي لم تنفِه الرياض يؤكد أن أموراً وراء الكواليس حدثت وتحدث، ويبدو أن الطبق الرئيسي في مائدة اللقاء هو "داعش"!

واضح أن اللقاء تم بوساطة ومبادرة روسية، وواضح أيضاً أن الزيارة في حد ذاتها هي انتقال نوعي في العلاقات المتوترة بين الرياض ودمشق منذ سنوات.

تماماً مثلما حلل الكثير من المحللين بأن "داعش" هو القشة التي يتمسك بها نظام الأسد لتأهيل وتسويق نفسه كأفضل الموجود، وبأنه لا يوجد سوى الاختيار بين نظام الأسد أو "داعش"، أو كما قال المثل البدوي "شر يدفع شر أقوى منه".

تفاصيل اللقاء لم تعلَن، وهو أمر طبيعي، لكن بالنظر إلى الأحداث الدولية فإنه يبدو ربطاً بين ما يجري في اليمن وسورية من ناحية وما يجري في العراق من ناحية أخرى، وللتوضيح أكثر فإن السعودية تتدخل في اليمن بطلب من حكومته الشرعية في المنفى وتحقق تقدماً في حرب متعبة تشاركها وتساندها فيها الإمارات وبقية التحالف العربي، وداخلياً تعرضت السعودية لعدة عمليات إرهابية من تنظيم "داعش"، الذي تمدد إلى أن وصل إلى مناطق محسوبة على السُّنة في العراق، حيث احتل تلك المناطق بطريقة متشابهة في الموصل، وفي الرمادي بالأخص، ولا تخفي السعودية ودول مجلس التعاون قلقها مما حدث، لأنه واضح أنه تم بطرق مشبوهة، ولا يمكن بأي حال أن تكون عسكرية! (أقصد أن التنظيم احتل الموصل والرمادي بلا مواجهات عسكرية وبطريقة عليها علامات تساؤل واستفهام؟!)

الآن، ووفقاً لما يجري حالياً، قد يكون لقاء الرياض تمهيداً لتفاهم سعودي- سوري برعاية روسية لاجتياز عقبات التوتر الحالي بين دمشق والرياض. وقد قرأت قبل مدة أن اقتراحاً يلوح في الأفق لإعادة محور (الرياض- القاهرة- دمشق) إبان التسعينيات من القرن الماضي، وتشكيل محور عربي من دول قيادية ضد الإرهاب، وبطبيعة الحال لا أعتقد بصحة هذا الاقتراح لأسباب عدة، أبرزها أن القاهرة ليست القاهرة أيام حكم مبارك، ودمشق الآن ليست دمشق تلك الأيام، ولا يبدو أن هناك أيضاً توازناً في حبكة اقتراح قرأته بطرح إنشاء محور ضد الإرهاب يتكون من السعودية ومصر والأردن والعراق، إذ لا أراه ينسجم مع واقع الأحداث، وأقصد المشاكل في العراق وبعض ظروفه السياسية المعروفة التي لا تؤهله، حالياً على الأقل، للدخول في أي حلف إقليمي.

المؤكد أن تصرفات "داعش" داخلياً في مناطقه التي احتلها من انتهاكات متعددة، وخارجياً بارتكاب العمليات الإرهابية في الكويت، رفعت من أسهم نظام الأسد، وأنه لا يوجد بديل غيره في ظل ضعف كبير في المعارضة السورية المعتدلة، وعدم قدرة القوات العراقية على كبح وتوقيف "داعش" أيضاً، وعدم وضوح الموقف التركي بشأن هذا التنظيم، وغيرها من أسباب كثيرة.

فإذا سلمنا بإمكانية حصول تقارب سعودي- سوري، فإنه ممكن إن تم بشكل أوسع بدخول إيران على خط المفاوضات، لأن أي تصرف سوري لا يحمل التوقيع الإيراني لن يعتد به.

لذلك، وعطفاً على ما جرى من تطورات سياسية، يتبين أن عذر محاربة تنظيم "داعش" هو الأعلى صوتاً، في محاولات تأهيل نظام الأسد، لكن ما الذي سيحدث إن حدث تقارب بين الدول المذكورة؟

أول شئ سيكون "داعش" جزءاً من التاريخ، وقد تعود عقارب الزمن إلى ما قبل أحداث درعا منتصف 2011.

ما يحدث هو "سياسة في سياسة"، ومصالح الدول هي الملفات التي تتزاحم على طاولات المفاوضات، وعدوك اليوم قد يكون حليفك في المستقبل.

back to top