الإرهاب يتمدد... فماذا فعلنا؟

نشر في 16-11-2015
آخر تحديث 16-11-2015 | 00:01
 د. بدر الديحاني الأعمال الإرهابية التي تستهدف الأبرياء المسالمين لا يمكن تبريرها مطلقاً، لأنها أعمال همجية ووحشية معزولة لا تجلب سوى الدمار والعنف والمزيد من التضييق على الحريات العامة وزيادة معاناة البشر، وهو ما يتوقع حصوله في أوروبا بعد تفجيرات باريس الأخيرة التي أعلن «داعش» مسؤوليته عنها.

الإرهاب بمعناه الواسع ترويع المدنيّين العُزّل وقتل الأبرياء الذين لا ذنب لهم، وهو ما تمارسه حالياً قوى اليمين الديني الفاشي (القاعدة وداعش وإخوانهما) التي رعتها أميركا وحلفاؤها منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي تحت شعار "الجهاد المقدس ضد الاتحاد السوفياتي ولمصلحة أميركا"، ومازالوا يرعونها ويستخدمونها من أجل بسط نفوذهم السياسي وتحقيق مصالحهم الاقتصادية في المنطقة.

والإرهاب هو الإرهاب في أي مكان في العالم، ونحن جميعاً مُعرّضون للاكتواء بناره، لهذا ينبغي عدم التسامح معه وإدانته إدانة واضحة لا لَبس فيها أو تردد، ومن دون لف ودوران أو محاولة إيجاد مبررات واهية وبائسة للجرائم البربرية والهمجية التي يرتكبها الإرهابيون سواء العصابات المسلحة مثل "داعش" وإخوانها وأشباهها، أو دول الرأسمالية المعولمة التي تتسبب، بطريقة أو بأخرى، في قتل العزل وتشريدهم، أو بعض الأنظمة الاستبدادية مثل النظام القمعي في سورية الذي ارتكب، ومازال، جرائم ضد الإنسانية تسببت في قتل وتشريد مئات الألوف من السوريين الأبرياء، وذلك بعد أن طالب الشعب بحقوقه في العيش الكريم والكرامة والحرية.

 بعبارات أخرى، الأعمال الإرهابية التي تستهدف الأبرياء المسالمين لا تُبرَّر بأي حال من الأحوال، فهي أعمال همجية ووحشية معزولة لا تجلب سوى الدمار والعنف والمزيد من التضييق على الحريات العامة وزيادة معاناة البشر، مثلما يتوقع أن يحصل في أوروبا بعد التفجيرات الإرهابية في باريس التي أعلن "داعش" مسؤوليته عنها، حيث ستستغلها بشكل واسع قوى اليمين الفاشي العنصري في أوروبا عامة، وفي فرنسا خاصة ضد اللاجئين السوريين، وضد المواطنين من أصول آسيوية وإفريقية والذين تقدر أعدادهم بالملايين.

وفي السياق ذاته، من المرجح أن يتمدد الإرهاب بعد أن عاثت الدول الرأسمالية الاحتكارية، ومن ضمنها روسيا، فساداً في المنطقة ودافعت عن أنظمة طائفية استبدادية في العراق وسورية من أجل بسط نفوذها السياسي وضمان حماية مصالحها الاقتصادية، فضلاً عن دعمها، سواء مباشرة أو عن طريق الأنظمة التابعة لها في الإقليم، جماعاتٍ إرهابيةً مُسلّحة تتعارض أهدافها مع أهداف قوى الثورة الشعبية، وترفع شعارات دينية (سنية وشيعية) تدغدغ بها عواطف البسطاء، لاسيما الذين يعانون ظروفاً اقتصادية واجتماعية وسياسية قاسية ومزرية، كما أن لها امتداداً تنظيمياً وخلايا نشيطة في دول المنطقة، سبق أن قامت بجرائم إرهابية في وطننا، ما يعني أننا في دائرة خطر إرهاب قوى اليمين الديني الفاشي، وهو الأمر الذي يتطلب مواجهته، كما ذكرنا مراراً، من خلال القضاء على البيئة الحاضنة والمشجعة له، وذلك عن طريق مبادرة انفراج سياسي ملتزمة، فعلاً لا قولاً، بالدستور الذي وضع أسس دولة مدنية ديمقراطية يترتب عليها توسع قاعدة المشاركة الشعبية في صياغة السياسات واتخاذ القرارات وترسيخ مفهوم المواطنة الدستورية من أجل تماسك النسيج الاجتماعي الوطني، أي قوة الجبهة الداخلية التي تعتبر خط الدفاع الأول ضد الإرهاب وضد مروجي خطاب الكراهية الطائفي والفئوي والعنصري.

back to top