خاص

بانكس لـ الجريدة•: ميزانية الكويت ستصمد بضع سنوات بعدها يصبح الوضع حرجاً

التحديات الاقتصادية الراهنة قد تتحول إلى أزمات مزمنة... والحكومة تملك وسائل التصدي لها

نشر في 15-09-2015
آخر تحديث 15-09-2015 | 00:04
No Image Caption
قال المحرر الاستشاري لدى يوروموني، المدير العام لدى شركة آر إم بانكس وشركاه المحدودة، ريتشارد بانكس، إن الميزانية العامة الكويتية تستطيع الصمود في وجه الأوضاع الحالية لبضع سنوات فقط، قبل أن يصبح الوضع حرجا، مشيرا إلى أن الكويت تملك الكثير من الأدوات والوسائل التي تخولها التصدي لمثل هذه التحديات.

وأضاف بانكس في حوار مع "الجريدة" أنه يجب استثمار هذه الفترة لإيجاد منعطف حقيقي للعائدات الحكومية النقدية والمتنوعة، وسيكون أمرا إيجابيا جدا بالنسبة للكويت والمنطقة، مبينا أن هناك مؤشرا حقيقيا لاستثمار الساحة السياسية في الدولة لهذه الفترة من أجل إحداث التغيير.

وفي ما يتعلق بالاقتصاد الخليجي، قال إن القادة ينظرون بواقعية وتجرد كبير إلى هذه الأزمة، فهم يربطونها بشكل مباشر مع دولهم، مشيرا إلى أن الميزانيات ستخضع لعمليات التدقيق الصارمة، وأعتقد أن هذه الخطوات جيدة، لأنها ستقضي على قدر كبير من الهدر في النظام.
ولا يعد بانكس ما حدث أخيرا من انهيارات في أسواق المال العالمية بمنزلة انهيار، بل تصحيح، فقد تمت المبالغة في تقدير قيمة سوق الأوراق المالية الصيني بشكل كبير من خلال سيل عمليات الاستدانة والمضاربة، موضحا أننا نمر حاليا في المرحلة الثالثة من مراحل التعافي وإعادة التوازن الاقتصادي على المستوى العالمي منذ الأزمة المالية التي عصفت بأسواق المال في عام 2008، وستستمر موجة النمو العالمي ضعيفة.

وتحدث عن ارتباط أوروبا بديون اليونان وكذلك سوق العملات وغيرها من القضايا الاقتصادية العالمية، في الحوار التالي:

 الوضع الحالي

• بداية، كيف ترى الوضع الاقتصادي حاليا في الكويت، وخاصة بعد انخفاض أسعار النفط؟

- تواجه دولة الكويت عددا من التحديات، لكنها في الوقت نفسه تملك الكثير من الأدوات والوسائل التي تخولها التصدي لمثل هذه التحديات، فالحكومة تتمتع بنفوذ كبير وواسع في مجال الحوافز المالية والمساعدة النقدية، وبإمكانها أيضا رفع سقف الدين العام. ومع ذلك، ما لم يتم التصدي للقضايا الهيكلية الرئيسة، مثل الإعانات المالية والهيمنة الاقتصادية للقطاع العام خلال الفترة القادمة، فإن التحديات الراهنة قد تتحول إلى أزمات مزمنة، ولا أحد يرغب بحدوث هذا الأمر.

• إلى متى تستطيع الموازنة العامة في دولة الكويت الصمود أمام انخفاض أسعار النفط؟

- ليس لفترة طويلة، بضع سنوات فقط قبل أن يصبح الوضع حرجا، وهذا هو الإطار العام لفترة الإصلاح، وأظن أن الحكومة تعي هذا.

• هل تظن أن حاجة الحكومة للاقتراض من أجل تغطية عجز الموازنة سيستمر لبعض الوقت، أم ستتم معالجة هذه المسألة خلال وقت قريب؟

- أعتقد أن استثمار هذه الفترة لإيجاد منعطف حقيقي للعائدات الحكومية النقدية والمتنوعة سيكون أمرا إيجابيا جدا بالنسبة للكويت والمنطقة، فهي تعد فرصة واعدة بكل ما في الكلمة من معنى، وآمل أن يستثمروها.

تنويع الدخل

• ما الخطوات والاستراتيجيات التي ستتخذها الحكومة لضمان تنويع مصادر الدخل؟

- اقتصاد دولة الكويت كان ومازال يعتمد على النفط والغاز، ولا يشكل هذا الأمر بحد ذاته مشكلة بالضرورة، لكن المشكلة تتمثل في عمليات التوظيف المفرط في القطاع العام، وانخفاض الإنتاجية، وتراجع مشاريع البنى التحتية، وهناك حل مناسب لكل مشكلة من هذه المشاكل، حتى لو كانت حلولا على المدى المتوسط، وحساسة من الناحية السياسية، إلا أن المسارات أمامنا لاتزال واضحة وبينة. كما أن هناك عديدا من الخطوات والمبادرات التشجيعية، بما فيها عمليات الإصلاح التي شملت أسواق الأوراق المالية، وسوق المشاريع، وعروض الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

من جهة ثانية، هناك مؤشر حقيقي لاستثمار الساحة السياسية في الدولة لهذه الفترة من أجل إحداث التغيير، وبدوري أنا أكثر تفاؤلا بتحسن الوضع في الكويت مقارنة بالسنوات الخمس الماضية.

الاقتصاد الخليجي

•  كيف تُقيّم الوضع الاقتصادي الراهن لدول الخليج في ظل تراجع أسعار النفط؟ وكيف ستنعكس حالته على ميزانيات الدول ومشاريع التنمية فيها؟

-  تباطأت حركة النفقات الرأسمالية (مشاريع التنمية)، حيث سيتم التركيز بدرجة أكبر على تعزيز الإنتاجية ومشاريع التنويع الاقتصادي، وستخضع الميزانيات لعمليات التدقيق الصارمة، وأعتقد بأن هذه الخطوات جيدة لأنها ستقضي على قدر كبير من الهدر في النظام.

 • كيف ترى تعامل دول الخليج مع هذه الأزمة؟

- أظن أن القادة ينظرون بواقعية وتجرد كبير إلى هذه الأزمة، فهم يربطونها بشكل مباشر مع دولهم، كما أن مقولة "كل شيء رائع وكامل" غائبة وبكل وضوح عن الساحة. لقد رصدنا إجراءات وخطوات حقيقية تجاه حل مشكلات الإعانات المالية، وإصلاح القطاع العام، والسوق العقاري، ومستويات الإنفاق المفرط في جميع الدول بالمنطقة.

الأكثر تضرراً

• برأيك، ما الدول الأشد تضرراً بسبب هذه الأزمة؟

- مملكة البحرين وسلطنة عمان هما الأكثر تضرراً في الوقت الحاضر، ولا يعزى ذلك إلى أي خطأ اقترفتاه، بل إلى مساحتهما الجغرافية وقاعدة الموارد المتوافرة لديهما. ومع ذلك، فإن الدولة التي ستتأثر أكثر من بقية دول الخليج على المدى المتوسط هي المملكة العربية السعودية، وهذا هو السبب وراء السعي الحثيث للحكومة السعودية لمواجهة هذه التحديات. ولكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار وعلى الدوام أن كل دولة من دول المنطقة شهدت أحداثاً مماثلة (انخفاض أسعار النفط والغاز) في الماضي، وكل أزمة عصيبة منها تختلف عن الأخرى، لذا هناك ثروة متراكمة من الخبرة في التعامل مع مثل هذه الأزمات والتوقعات، ولا ينبغي التقليل من تأثير هذا المدى المتوسط للأزمة.

الاقتصاد العالمي

• هل تظن أن مسلسل انهيار سوق الأوراق المالية الصيني سيتواصل خلال الفترة القادمة؟ أم أن الحكومة الصينية اتخذت التدابير اللازمة للحد من تداعياتها؟

- لا يعد ما حدث بمنزلة الانهيار، بل عملية تصحيح، فقد تمت المبالغة في تقدير قيمة سوق الأوراق المالية الصيني بشكل كبير من خلال سيل عمليات الاستدانة والمضاربة، والجميع على علم بهذا الأمر، بمن فيهم الصينيون. وآمل ألا تقوض التقلبات الأخيرة استراتيجية الحكومة الصينية الرامية إلى استخدام حصص الموارد القائمة على السوق، لأن العودة إلى حالة التوجه المفرط سيرسخ من حالة عدم الاستقرار.

انحسار التداعيات

• هل هناك أي مؤشرات على انحسار موجة التداعيات على الأسواق الأمبركية والأوروبية الناجمة عن الأزمة التي أصابت سوق الأوراق الصينية؟ وما هذه المؤشرات؟

- ستبقى موجة النمو العالمي ضعيفة، وهو ما سيؤثر في أسواق أوراق الأموال، على سبيل المثال في ألمانيا (صادرات السلع) وأسعار السلع الأساسية (بما فيها النفط). كما أننا نمر حالياً في المرحلة الثالثة من مراحل التعافي وإعادة التوازن الاقتصادي على المستوى العالمي منذ الأزمة المالية التي عصفت بأسواق المال في عام 2008، وأعتقد بأننا سنبقى تحت معدل النمو على الأقل لخمس سنوات أخرى، حيث سيتم إجراء بعض عمليات إعادة الهيكلة الجوهرية والمؤلمة في أوروبا والأسواق الصاعدة.

• ما تقييمك لكيفية تعامل أوروبا مع أزمة الديون اليونانية؟ وهل يفي مبلغ الـ86 مليار يورو لتمهيد الطريق أمام حل هذه الأزمة؟ أم انه مجرد حل مؤقت؟

- لاتزال أوروبا ملتزمة بحل أزمة الديون اليونانية، ولكني لست متأكداً من مدى التزام اليونان بهذا الأمر، وهذا الواقع سيتسبب بخلق بعض الأحداث في السوق كما فعل سابقا خلال هذا العام. ولكني لا أظن بأي حال من الأحوال أنها حالة عامة.

سوق العملات

• هل سيشهد العالم أزمة كبيرة في سوق صرف العملات خلال الفترة القادمة، وخصوصا بعد اكتشاف عمليات التواطؤ والتلاعب الحاصلة في كبرى المصارف العالمية؟

- عمليات التلاعب (كما أشرت إليها) التي أقدمت عليها المصارف لا شك فيها، لكن تأثيرها على أسعار الصرف غير واضح. وعادة ما تنشأ أزمات أسعار صرف العملات من دول لديها دين عام كبير من العملات الأجنبية، أو عجز كبير في ميزانية الحسابات الجارية، وستظهر هذه الأزمات تحديدا من الأسواق الصاعدة، وقد بدأ مسلسلها يحدث بالفعل، انظر ما يعانيه الريال البرازيلي أو الروبل الروسي، هل ترغب بقبض أرباحك ومستحقاتك بهذه العملات؟ ومع ذلك، هذه الأزمات لا تشكل تهديدا عاما على الصعيد العالمي.

• إلى متى ستبقى أسعار النفط ثابتة عند هذه المستويات؟ ومن هو الرابح في نهاية المطاف، الدول المنتجة للنفط بما فيها أعضاء منظمة "أوبك"، أم النفط الصخري؟

- مدة سنتين كحد أدنى، أو على الأقل حتى يحقق النمو العالمي الانتعاش المستدام.

back to top