استأنف ضيوف الرحمن، أمس، في مكة المكرمة شعائر رمي الجمرات غداة حادث التدافع المفجع، وسط انتشار أمني مكثف، في وقت وجه العاهل السعودي الملك سلمان بإجراء تحقيق في الحادث المؤلم، وأمر بمراجعة خطط الحج لضمان أمن وسلامة حجاج بيت الله الحرام.

Ad

غداة أسوأ الحوادث التي شهدها موسم الحج منذ ربع قرن، توجه حجاج بيت الله الحرام، صباح أمس، في ثاني أيام عيد الأضحى وأول أيام التشريق، إلى منشأة الجمرات بمشعر منى لرمي الجمرات الثلاث، مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الجمرة الكبرى، وسط انتشار أمني كثيف على جسر الجمرات الذي يتألف من 5 طوابق.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن منشأة الجمرات استوعبت الحجاج الذين توافدوا تباعا لرمي الجمرات الثلاث دون تزاحم يذكر، حيث كانت الوفود ترمي الجمرات في يسر وطمأنينة.

وفي اليوم الأول للتشريق، وكذلك في اليوم الثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة، التي تسمى أيام التشريق، يرمي الحجاج الجمرات الوسطى، ثم الصغرى، ثم الكبرى، وكل منها ترمى بسبع حصوات.

أما الحجاج المتعجلون فيرمون الجمرات يومي الجمعة والسبت، ويقومون بطواف الوداع حول الكعبة، ثم يغادرون السعودية.

ورمى حجاج بيت الله الحرام أمس الأول جمرة العقبة الكبرى، وهو اليوم ذاته الذي شهد حادثة تدافع في أحد الطرق المؤدية إلى مبنى الجمرات، ما أدى إلى وفاة 717 حاجا، وإصابة 863 آخرين.

وتأتي هذه الحادثة بعد أقل من أسبوعين على انهيار رافعة عملاقة في باحة المسجد الحرام في مكة، ما أسفر عن مقتل 109 أشخاص في 11 الجاري.

مراجعة الخطط

إلى ذلك، أمر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، بمراجعة خطط المملكة لموسم الحج، وأمر الجهات المعنية بالتحقيق في ملابسات حادث التدافع بمنى ورفع النتائج له في أسرع وقت ممكن.

وقدم العاهل السعودي في كلمة له خلال استقباله المسؤولين عن تنظيم الحج، خالص العزاء في ضحايا التدافع، قائلا: «أعزيكم وأعزي نفسي في حادثة التدافع بمنى»، مؤكدا أن خدمة ضيوف الرحمن شرف يعتز به.

ومن جهة أخرى، أمر ولي العهد وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، الأمير محمد بن نايف، بتشكيل لجنة تحقيق بحادثة تدافع مشعر منى، خلال اجتماع طارئ للقيادات الأمنية المشاركة في تأمين الحج، ووجه برفع ما يتم التوصل إليه من نتائج ومرئيات إلى الملك سلمان.

إحصاء الضحايا

في موازاة ذلك، أشار الدفاع المدني السعودي إلى أنه مازال يحصي أعداد ضحايا التدافع. وأعلنت إيران أن 141 حاجا إيرانيا لقوا حتفهم في التدافع، متهمة السعودية بارتكاب أخطاء في ضمان أمن الحجاج تسببت بالتدافع.

وانتقد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي ما وصفه بـ»الإجراءات غير الملائمة» التي تسببت في حادث التدافع، مؤكدا أن «على الحكومة السعودية ان تتحمل مسؤوليتها الكبرى في هذا الحادث المرير».

من جهتها، أشارت اسلام آباد الى مصرع 7 مواطنين باكستانيين، بينما أفادت تقارير مصرية بمصرع 14 حاجا من المبعثة المصرية.

وأعلن مفتي تركيا الكبير محمد غورميز أن 18 حاجا مفقودون، في حين ذكرت وزارة الخارجية الجزائرية أن ثلاثة حجاج جزائريين قتلوا في حادث التدافع.

كما أعلنت الهند أن 14 من مواطنيها لقوا حتفهم، بينما أشارت جاكارتا الى مصرع ثلاثة إندونيسيين.

من جهتها، أكدت وزارة الخارجية الهولندية أن بين الضحايا مواطنة تبلغ من العمر 62 عاما.

دعوة لعدم التسرع

في هذه الأثناء، دعا المتحدث باسم وزارة الحج، إلى عدم التسرع في الحكم على أسباب حادث التدافع بمنى إلا بعد التحقيق.

وأوضح المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي أن «الحادثة وقعت على طريق 204 نتيجة تعارض الحركة بين الحجاج المتجهين على الشارع 204 عند تقاطعه مع الشارع 223 وارتفاع في الكثافة، مما أدى الى تدافع».

وأضاف أن «ارتفاع درجة الحرارة والإعياء الذي كان عليه الحجاج نتيجة الجهد الذي بذلوه في المرحلة السابقة أسهما في سقوط عدد من الحجاج».

لكن وزير الصحة السعودي خالد الفالح نسب الحادث إلى «عدم التزام» بعض الحجاج بالتعليمات. وصرح الفالح لقناة الإخبارية الرسمية «لو التزم الكل بالتعليمات لما حصلت مثل هذه الحوادث».

تعاز

من جانب آخر، قدم الأمين العام للأمم المتحدة تعازيه وكذلك الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك وتركيا.

وفي واشنطن قال المتحدث باسم مجلس الامن القومي ند برايس إن الولايات المتحدة «تقدم خالص تعازيها لعائلات المئات من الحجاج الذين قتلوا وللمئات الذين جرحوا في حادث التدافع المؤلم».

وقال وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير إنه «صدم» بهذا النبأ بينما عبرت تركيا وفرنسا ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك عن تضامنهم مع الضحايا.

(الرياض، طهران - أ ف ب، رويترز، د ب أ، واس)

التدافع تزامن مع «حملات إيرانية» ضخمة

تتوالى روايات شهود العيان من موقع حادثة التدافع الذي وقع أمس الأول في منى، فبعد روايات السير المعاكس والتدافع القوي هربا من الدهس، كشفت معلومات أن الحادثة تزامنت مع اندفاع حملات حجاج ضخمة للإيرانيين عبر طريق سوق العرب حيث رفضوا العودة، قبل حدوث الكارثة، وفقا لشهود عيان تحدثوا لموقع «سبق».

وفي رواية مشابهة، قال مسؤول إحدى الحملات إن «الحجاج الإيرانيين لم يستمعوا للتوجيهات وتجاهلوها وتصادموا معنا وكانوا يصرخون بشعارات قبل حادثة التدافع».

وغالبا يشهد موسم الحج تجاوزات إيرانية عبر حملات ترويج لما يسمونها «الثورة الإيرانية الإسلامية» بين الحجاج ومراسم «البراءة من المشركين»، فضلا عن محاولات إيرانية دائمة لتحويل مناسبة الحج إلى ساحة سياسية تتحدى فيها خصومها مستغلة بعض حجاجها للصدام مع الحجاج الآخرين وقوات الأمن.

وملف إيران بمواسم الحج يعد بلا مبالغة ملفا أسود فمراسم «البراءة من المشركين» هو عند قائد الثورة الإيرانية، الخميني واجب عبادي سياسي، وهو من أركان فريضة الحج التوحيدية، وواجباتها السياسية التي من دونه «لا يكون الحج صحيحا» وتسببت إحدى هذه التظاهرات، خلال موسم حج عام 1987، في صدامات دامية.

اغتيال شرطي في حائل

قتل مدنيان وشرطي برصاص مسلحين في هجومين منفصلين في منطقة حائل شمال غرب السعودية.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن الناطق باسم شرطة منطقة حائل أن مسلحَين ملثمَين أطلقا النار بعد ظهر أمس الأول على مواطنَين اثنين عند مخفر شرطة عمائر بن صنعاء في محافظة الشملي ما أدى إلى مقتلهما.

وبعد نصف ساعة قتل مسلح شرطيا في مقر شرطة المرور في الشملي. وأضافت الوكالة ان التحقيق جار لكشف ملابسات الهجومين وتحديد دوافعهما والقبض على مرتكبيهما.

وتزايدت الهجمات المسلحة التي تتعرض لها قوات الأمن السعودية في الاشهر الاخيرة، ونسبت غالبيتها الى تنظيم «الدولة الاسلامية» المعروف بـ(داعش).