بعد اكتمال انتظام دوام معظم المراحل الدراسية، ومن قبلها الجامعات والمعاهد وانتهاء موسم الإجازات في بداية الأسبوع الحالي زاد تفاقم مشكلة المرور والازدحامات التي لم تخف حتى خلال موسم العطلات الصيفية، وأصبحت هذه الحالة مستمرة منذ الصباح حتى وقت متأخر من الليل ضمن مدينة الكويت وضواحيها وامتداداتها العمرانية في الشمال والجنوب، ولم تعد تلك الازدحامات تقتصر على فترة دوام الموظفين والطلبة ووقت دخولهم وخروجهم من مواقع العمل والمدارس والجامعات فقط، بل تشمل كل وقت النشاط اليومي.
ووسط معاناة الازدحامات المرورية والتلوث والتوتر العصبي الذي عايشته كما يمر به الجميع، تذكرت تصريح وكيلة وزارة الأشغال العامة المهندسة عواطف الغنيم مؤخرا بأن "بداية عام 2018 ستشهد حل أزمة الازدحامات المرورية... وذلك بعد الانتهاء من مشاريع الطرق الكبرى..."، وحينئذ أيضاً تذكرت وعود مسؤولي الدولة السابقين منذ سبعينيات القرن الماضي بأن مشاريع الجسور وتطوير الطرق الدائرية ستنهي مشكلة المرور، مع أننا في الواقع كنا ننتقل من حقبة زمنية إلى أخرى وتكتمل مشاريع، في حين تتفاقم مشاكل الارتباك والازدحام المروري وتتزايد دون حل. والمشاريع التي تقصدها المهندسة الغنيم على ما أعتقد هي المشروعان الكبيران: طريق الجهراء وشارع جمال عبدالناصر، وأنا أرى أن هذين المشروعين سيكون لهما أثرٌ ضئيل في حل المشكلة، سيقتصر على جزء محدود من البلد، في حين سيستمر تكدس السيارات على أبواب العاصمة بعد أن تجتاز هذه الطرق في طريقها إلى مجمع الوزارات، والوسط التجاري والبنوك، والمستشفى الأميري والأبراج الصحية التي تنفذها وزارة الصحة بجانبه، ومرافق الإعلام من إذاعة وتلفزيون، وبلدية الكويت، والمرافق السيادية مثل وزارة الخارجية ومجلس الوزراء...إلخ، كما أن اكتمال هذين المشروعين لن يكون له أثر في حل مشاكل الدائري الرابع وطريق الملك فيصل وطريق المغرب السريع ... إلخ. المشكلة في الكويت أن كل طرف يتعامل منفرداً مع المشكلة المرورية والتلوث، فوزارة الأشغال تريد بناء طرق جديدة، ووزارة الداخلية ترى حل المشكلة بمنع الوافدين من القيادة وسحب رخصهم وتشديد العقوبات على المخالفات دون أن يكون لها نظام دوريات صارم وشامل لكل المدينة وكل طرقها وأزقتها، ومجلس الوزراء لديه مشاريع المدن الجديدة، ومترو الكويت، ولكنه منذ عشر سنوات وهو يدفع لمكاتب استشارية للدراسات بالملايين دون تنفيذ، في حين أن أربع مدن خليجية بعضها بدأ بتسيير المترو وأخرى ستدشنه قريباً. وفي الكويت أيضاً لا نريد أن نتعلم من تجارب الآخرين، ففي نيويورك وتورنتو وفرانكفورت وطوكيو أعظم شبكات الطرق والجسور المعلقة، ولكن إذا تعطل نظام النقل الجماعي "المترو" فستتوقف كل هذه المدن عن الحياة والعمل، وإذا نزل السكان للذهاب للعمل بسياراتهم الخاصة فلن يصل غالبيتهم الى مقصده أبداً، ولذلك فإن التأخير في الكويت في المشاريع الاستراتيجية الحيوية سندفع ثمنه معاناة وتعطلاً وتلوثاً، وسنظل إلى ما لا نهاية نسمع وعود الحلول "السرابية" تجاه مشكلات البلد الكبرى.*** في مقالتي السابقة جاء بالخطأ أن الحرب العراقية- الإيرانية أو ما اصطلح على تسميتها بحرب الخليج الأولى امتدت من (1988-1979) والصحيح أنها بدأت في خريف عام 1980 وانتهت في صيف عام 1988.
أخر كلام
السراب... ووعد وكيلة «الأشغال»!
17-09-2015