السيسي يقر «مكافحة الإرهاب» ومخاوف من «التضييق»

نشر في 18-08-2015 | 00:02
آخر تحديث 18-08-2015 | 00:02
No Image Caption
شيخ الأزهر يحذر من التساهل في فتاوى التكفير في افتتاح مؤتمر«الإفتاء العالمي»
أثار قانون الإرهاب الذي بدأ العمل به رسمياً في مصر أمس، موجة رفض بين طيف واسع ضم صحافيين وحقوقيين وخبراء قانون، خشية استخدام صلاحيات القانون الواسعة في التحجيم على الحريات العامة والتضييق على المعارضة.

بعد أشهر طويلة من سقوط ضحايا جراء موجة إرهابية، منذ ثورة "30 يونيو" التي أطاحت نظام الرئيس الإخواني محمد مرسي، يوليو 2013، بدأت مصر، أمس، تطبيق بنود قانون الإرهاب الجديد، كان الرئيس عبدالفتاح السيسي أصدر مرسوماً بمواده أمس الأول.

القانون ـ الذي ينص في مادته "54" على وصف العمل الإرهابي بأنه كل "استخدام للقوة أو العنف أو التهديد بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطر"، فجر مخاوف صحافيين وحقوقيين حيال بعض مواده، بحجة أنها قد تضيق مفهوم حرية الرأي وتداول المعلومات، في حين يرى البعض في القانون أداة جيدة لمواجهة الجماعات التكفيرية التي تنفذ هجمات مسلحة، ضد قوات الجيش والشرطة.

المتحدث باسم الرئاسة المصرية علاء يوسف، صرح بأن القانون يبدأ العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية أمس، وينص القانون على تخصيص دوائر في محاكم الجنايات لنظر قضايا "اﻹرهاب"، ويعاقب باﻹعدام على 12 جريمة "إرهابية" يترتب عليها قتل أشخاص واﻹضرار بالوطن، إضافة إلى عقوبات أخرى غير السجن، مثل معاقبة بالغرامة لمن ينشر معلومات أو بيانات عن العمليات اﻹرهابية بالمخالفة للبيانات الرسمية.

وينص القانون على أنه "لمأمور الضبط القضائي (الشرطة) لدى قيام خطر من أخطار جريمة الإرهاب الحق في جمع الاستدلالات عنها، والبحث عن مرتكبيها، والتحفظ عليهم لمدة لا تجاوز 24 ساعة، ويحرر مأمور الضبط القضائي محضراً بالإجراءات".

الخبير الأمني، العميد محمود قطري، قال إن القانون يهدف إلى إعطاء صلاحيات أكبر لرجال الشرطة في مواجهة الجماعات المتطرفة، ومحاولة حمايتهم أثناء تأدية عملهم، وأنه كان يمكن توفير نفس الصلاحيات عبر الاكتفاء بقانون العقوبات لما يتضمنه من مواد عقابية صريحة دون الحاجة لإصدار قانون جديد، إلا أنه حذر من خطورة الإفراط في صلاحيات مواد القانون للتضييق على الحريات الشخصية للمواطنين.

مخاوف    

إصدار قانون الإرهاب أثار ردة أفعال متباينة، بين مؤيد ومعارض، رغم أن مؤسسة الرئاسة أبدت تفهماً لبعض الانتقادات السابقة لمشروع القانون وعدلتها في المسودة النهائية، خصوصاً تلك المتعلقة بحبس الصحافيين، حيث ألغيت من القانون وتم الاكتفاء بالغرامة، مما كان مثار تحفظ قطاع عريض من الصحافيين.

وتساءلت عضو نقابة الصحافيين، حنان فكري، عن سبب وضع الصحافي في خندق واحد مع الإرهابي في القانون؟، مشددة في تصريحات لـ"الجريدة" على أن القانون "يقصف الأقلام ويقيد العمل الصحافي، من خلال إقرار الغرامة المقدرة بـ200 إلى 500 ألف جنيه، ما يعني إمكانية حبسه حال عجزه عن دفع مبلغ الغرامة".

سياسياً، استنكر عضو اللجنة القانونية لتحالف التيار الديمقراطي، طارق نجيدة، عدم أخذ مؤسسات الدولة لرأي الأحزاب في ما يتعلق بالقانون، قائلاً:"هناك شبهة عدم دستورية، نظراً إلى مخالفته قواعد الحريات التي نص عليها الدستور، واصفاً القانون بأنه "انتكاسة جديدة للحقوق والحريات الدستورية"، لكن القيادي في حزب "التجمع"، نبيل زكي، اعتبر أن القانون ضروري لكي "تنعم مصر بالاستقرار".

حقوقياً، وفي ما رأى المحامي الحقوقي، طاهر أبو النصر، أن القانون أقر سابقة إيجابية بعدم النص على تشكيل محاكم خاصة أو استثنائية، انتقد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد القانون الجديد، قائلاً لـ"الجريدة" إنه: "ينال من الحريات العامة، عبر تعظيم دور رجال الشرطة"، معبراً عن مخاوفه من استخدام القانون للقضاء على الحريات وتضييق الخناق على المعارضة.

الفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي ذهب إلى أن القانون الجديد يتعارض مع القانون العام، ويهدر ضمانات الأشخاص التي نص عليها الدستور، ما أكده نائب رئيس مجلس الدولة السابق، عادل فرغلي، بإشارته إلى أن القانون أقر بعض الإجراءات الاستثنائية التي يفقد بموجبها المتهم بعض الضمانات المكفولة له دستورياً في ما يتعلق بالقبض عليه واحتجازه وتفتيش مسكنه، مرجحاً وجود شبهة عدم دستورية بالقانون.

ضوابط الفتوى    

في الأثناء، حذر الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب من أن التساهل في فتاوى التكفير والتفسيق والتبديع، وتصيد الغرائب، سيؤدي إلى استحلال الدماء المعصومة، وانتقد، خلال الكلمة الافتتاحية للمؤتمر الدولي للافتاء بعنوان "الفتوى إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل" أمس، عدم تحرك أي مجمع فقهي وشيوخ الفتوى في عالمنا الإسلامي لبيان الحكم الشرعي في ما حدث من تدمير لآثار ذات قيمة تاريخية كبرى.

من جانبه، قال مفتي الديار المصرية، شوقي علام، إننا "نواجه الأمية الدينية من جهة، ونواجه فتاوى أشباه العلماء من جهة ثانية، ونواجه تشويه الدين الإسلامي بيد من ينتسبون إليه من جهة أخرى"، معرباً عن الأمل في أن يكون المؤتمر حداً فاصلاً بين عصر فوضى الفتاوى التي تتسبب في زعزعة استقرار المجتمعات وتؤدي إلى انتشار التطرف.

على صعيد آخر، كشف مصدر أمني عن نجاح الأجهزة الأمنية في اكتشاف مخزن للمتفجرات والعبوات الناسفة وضبط القائمين عليه من جماعة "الإخوان المسلمين" الإرهابية، بمركز تلا التابع لمحافظة المنوفية (شمال القاهرة). وأضاف لـ"الجريدة" أنه: "تم القبض على عدد من الإرهابيين القائمين على صناعة العبوات الناسفة، التي تستخدم في هجمات ضد المدنيين ورجال الجيش والشرطة".

back to top