أسهم شركات طاردة للاستثمار رغم نتائجها الإيجابية
جزء كبير من الأرباح والعوائد يرجع إلى عمليات إعادة التقييم والتخارجات
يعاني سوق الأوراق المالية فقدان جزء كبير من الثقة، فالسوق تفاعل مع كل هذه العوامل بشكل وقتي وسرعان ما عاد الى حالته الهزيلة مجدداً.
لم يلتفت سوق الكويت للأوراق المالية إلى العديد من العوامل الإيجابية التي كانت من المفترض أن تكون بمنزلة عوامل الدفع له وللشركات المدرجة، فلاتزال معدلات السيولة منخفضة تسبح عند مستويات متدنية، باستثناء جلسات محددة، ولاتزال هناك أسهم تتداول عن مستويات أقل من قيمتها الدفترية، وأخرى تتداول أسعارها عن مستويات أقل من 100 فلس.وبالرغم من نجاح العديد من الشركات المتعثرة التي عانت مشكلات كبيرة في قوامها المالي في تعديل أوضاعها وتحقيق أغلبها نتائج إيجابية، فقد استطاعت توزيع أرباح على مساهميها بعد نحو 7 سنوات عجاف.ومع نجاح جهود هيئة أسواق المال في تنظيف السوق من الشركات "العفنة"، وفق تصريحات المسؤولين ضمن قائمة من الشركات تضمنت 32 شركة خرجت من سوق الكويت للأوراق المالية أخيرا، إضافة الى تعديل قانون هيئة أسواق المال، كان من المفترض أن تعود الثقة مجددا الى سوق الأسهم، وتحظى بعوامل جذب لدى المستثمرين في سوق الأسهم. فما السبب وراء ذلك؟مصادر استثمارية قالت لـ"الجريدة" إن سوق الأوراق المالية يعاني فقدان جزء كبير من الثقة، فالسوق تفاعل مع كل هذه العوامل بشكل وقتي وسرعان ما عاد الى حالته الهزيلة مجددا، حتى المضاربة التي كانت تسيطر بشكل كبير على أداء مؤشرات السوق وتسحب معها سيولة صغار المتداولين لم تعد كما كانت، فهناك مضاربون موقوفون بعدما ثبت تورطهم في عمليات مشبوهة، ما لجم قرارات المستثمرين، وأصبحت لديهم مخاوف من الانخراط أكثر في السوق.عودة الثقةوأوضحت المصادر أن عودة الثقة مجددا الى الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية التي نجحت في حل مشكلاتها الداخلية لاتزال محل شك رغم تحقيقها أرباحا، مشيرة الى أن جزءا كبيرا من هذه الأرباح ناتج عن عمليات إعادة التقييم، إضافة الى أن جزءا كبيرا من عمليات إعادة الهيكلة حمل ميزانيات هذه الشركات تكاليف باهظة لفوائد خدمة الدين، ارتفعت في بعض الحالات الى 10 في الهيئة، ما يعنى أن جزءا كبيرا من عوائد هذه الشركات سيوجه إن آجلا أو عاجلا لسداد الالتزامات المستقبلية عن انتهاء مهل السداد.وأضافت المصادر أن هناك شركات لا تملك قنوات فاعلة للتدفقات النقدية، فلاتزال تعتمد على سوق الأسهم كمصدر أساسي للربح، وبالتالي لم تعد هذه الشركات تحظى بقبول لدى المستثمرين، وأصبحت أرضا خصبة للمضاربة فقط، وليس للاستثمار طويل الأجل، مشيرة الى أن العوائد التي حققتها هذه الشركات عن عام 2014 ليست مضمونة أن يتم تحقيقها خلال الفترات السابقة.وأشارت إلى أن بعض الشركات المدرجة لاتزال تبحث عن ممارسة أنشطة جديدة، فأغلب أرباحها وعوائدها جاء نتيجة عمليات تخارج مؤقتة، ما يجعل هناك شكوكا في إمكان تحقيق الأرباح والعوائد مجددا، فهذه الشركات تحظى بعمليات اقبال من قبل المستثمرين بشكل وقتي للاستفادة من العمليات الاستثمارية التي تقوم بها بشكل متزامن معها.استقرار الأسواق وبينت أن الشركات والأفراد التي تتوافر لديهم السيولة وجهتها الى أسواق مجاورة نظرا لاستقرار هذه الأسواق وإمكان تحقيق عوائد منها، بدلا من تحمل مخاطر جديدة واستثمارها في سوق ضبابي.وقالت ان سوق الكويت للأوراق المالية يفتقر الى عوامل جذب كثيرة، فبالرغم من الحديث تكرارا ومرارا عن مشاريع تطوير السوق المالي والمقترحات والمشاريع التي قدمت للجهات المسؤولة لم يلاحظ المستثمر أي انجاز حقق على هذا الصعيد، فالأدوات الاستثمارية لاتزال محصورة على القديمة ولم يطرح أي أداة استثمارية جديدة، كما أن مشروع صانع السوق تم تأجيله الى العام المقبل، رغم تقديم إدارة سوق الكويت للأوراق المالي مشروعا كاملا بهذا الخصوص منذ فترة تجاوزت العام ونصف العام، إضافة الى أن مشاريع التحويل الآلي والتحقق المسبق لحقت بالمقترحات الأخرى في الإدراج الى حين الانتهاء من المرحلة الانتقالية الخاصة بخصخصة سوق الكويت للأوراق المالية.وذكرت المصادر أنه رغم التغييرات الكبيرة التي طرأت على الهيكل التنظيمي لسوق الكويت للأوراق المالية، بعد تولي هيئة أسواق المال زمام الرقابة على السوق، فإن مسلسل التجاوزات والأخطاء لايزال مستمرا في السوق، فهناك أخطاء وثغرات في نظام التداول الجديد كشفت عنها تداولات الأيام الماضية آخرها حسابات التداول المشبوهة التي تقع تحت أيدي الجهات الرقابية للفحص والتمحيص، ما دفع الى وجود مخاوف من الاستمرار في السوق.مشكلات مستمرةوأفادت المصادر بأن هناك مشكلات مزمنة لاتزال تعانيها الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية ناتجة عن تداعيات الأزمة المالية، رغم مرور 8 سنوات عليها وهي:- هناك شركات استنفدت حدودها الائتمانية مع البنوك، ولا تملك أي حيلة في توسيع أو تغيير أنشطتها، بعدما استنفدتها جميعها في عمليات إعادة الهيكلة وجدولة الديون طوال السنوات الماضية.- الشركات التشغيلية لاتزال محدودة، فهناك شركات لاتزال تعتمد على سوق الأسهم كمصدر أساسي للدخل.- استمرار تأكل قيمة الأصول نتيجة أزمة السوق وانخفاضه المستمر وعدم تجاوزه مستوى الـ6500 نقطة منذ فترة كان بمنزلة عامل ضغط على البنوك، ويدفع نحو مزيد من عمليات التسييل، ما يؤثر في أسعار الأسهم.- تجميد عمليات تمويل الأسهم، ولاسيما مع انخفاض مؤشرات السوق، ما جعل البنوك تقف عن تمويل المحافظ المالية.- شركات عقارية تجمدت مشاريعها نتيجة التشدد في عمليات التمويل، ومنها ما فرط في أغلى الأصول لسداد التزامات السنوات الماضية.بوادر في الأفقأشارت المصادر الى أن هناك بوادر تلوح في الأفق بعد انتهاء المرحلة الانتقالية الخاصة بخصخصة سوق الكويت للأوراق المالية ووجود مجلس مفوضية هيئة السوق الحالي، وخاصة أن هناك بعض التعديلات التي لحقت على القانون رقم 7 لعام 2010 لتصب في مصلحة السوق بشكل عام، وإعلان رئيس مفوضية السوق أن هناك أدوات استثمارية ستطرح مع نهاية العام الحالي، إضافة الى انتقال الرقابة بشكل كلي إلى هيئة أسواق المال وتسلم مجلس إدارة شركة البورصة زمام إدارة السوق.