ﮔاري سنايدر (الذي ولد في سان فرانسيسكو عام 1930، وترعرع في الأرض الجبلية، شمال غرب المحيط الهادئ) من أبرزِ شعراءِ ستينيي أميركا، الذين يُنسبون إلى تيار "البيتْز"، وأحياناً إلى تيار "نهضة سان فرانسيسكو". وكلا التيارين تمتعَ بسمعة الجيل الغاضب. ولكن سنايدر، بفعل اهتمامه الميتافيزيقي، ومعاينته للطبيعة التي ألف تسلق جبالها الوعرة، وقطع أشجار غاباتها، ظل منفرداً بخصائص شخصية بالغة التنوع. فهو شاعرٌ انشغل شعراً ونثراً بهمومٍ ذات طبيعة روحية واجتماعية، ووحّد بين اهتمامه بالواقع المرئي الذي يحيط به ويعيشه والمراقبةِ الدقيقة للطبيعة، وبين بصيرةٍ داخلية استمدها بصورة أساسية من ممارسته لشعائرِ "زَن" البوذية، التي تُعنى بالانسان في علاقته بنفسه وبالكون بدءاً من نظام الأنفاس في الجسد، حتى نظام التوازن العقلي. ولم يتوقف عند حدود المعرفة المستمدة من قراءته وخبرته المحلية، بل ثابر ليوفر شيئاً من مالٍ، مكنه من أن يسافر إلى الصين ويقيم فيها، وإلى اليابان حيث أقام 12 سنة، ويُتقن لغتهما، ويترجم من شعرهما القديم والحديث، ثم إلى الهند وبعض بلدان الشرق الأخرى.

Ad

   ومع خبرة جديدة بشأن الموقف الأخلاقي، والموقف الجمالي، وطراز الحياة الخاصة، أضاف سنايدر خبرة في التقنية الشعرية استمدها من شعر لغاتٍ عدة، كشعر الهايكو الياباني، منحت شعره طواعيةً وثقةً في أسلوب قادر على المعالجة الحرة لكل موضوع.

    في انشغالي، بين حين وآخر، بموضوع " القصيدة التي تعالج الشعر"، وتتأمل لحظةَ "مخاض" ولادة القصيدة، وملاحقتي للنصوص الشعرية التي تُعنى بذلك، في الشعر الإنكليزي، أو ما تُرجم إلى الإنكليزية من لغات أخرى، في انتخابها وترجمتها إلى العربية، وقعت على قصيدة لسنايدر هذا. وهي إلى جانب تأملها الذي يتمتع بتداخل أنماط عديدة يراها للشاعر، تعطي فكرة واضحة لطبيعة قصيدته هو.

نسبة للشعراء

نسبةً للشعراء/ لشعراء الأرض

الذين يكتبون قصائدَ صغيرة

ما من حاجةٍ لمساعدة أحد.

***

يُنهون قوى الرياح الأكثرَ عصفاً

وأحياناً يتراخون في الدوّامات.

قصيدةً إثر قصيدةٍ/ تلتف متراجعةً بالزخم ذاته.

***

شاعر الماء الأول/ أقام في القاع سنواتٍ ست.

كان مغطىً بأعشاب البحر.

الحياةُ في قصيدته/ تركتْ ملايين من آثارها الصغيرة المختلفة

تتقاطعُ عبر الوحل.

***

ومع شمسٍ وقمرٍ/ في باطنه،/

ينامُ شاعرُ الفضاء.

ما من نهايةٍ للسماء/ غير قصائده،

مثل إوزّات برية،/ تحلّقُ خارج الحد.

***

شاعرُ العقل/ يبقى في البيت.

البيتُ خالٍ/ وبدون جدران.

القصيدةُ تُرى من الجهات جميعاً،

حيثما تكون،/ مرةً واحدة.