ما هي الأجواء التي تتناولينها في روايتك الأولى «مساؤك آلم»؟

Ad

تدور أحداث الرواية بين مصر ولبنان، فالبطل ممثل مصري مشهور، والبطلة شاعرة من لبنان. تزخر القصة بكثير من الواقع الممتزج بالخيال لأننا لا يمكن أن نمر على الواقع الصلب من دون أن ندخل إليه نفحات من الخيال، حتى نعيش هذه الرواية بحذافيرها. ثمة صراع بين البطل وأهله، أكتب بالتدريج المسببات التي خلفت في نفس البطل هذا الكم الهائل من الحقد اتجاه المجتمع، كذلك أحكي عن البطلة التي تعيش في لبنان وقصة حياتها مع الشعر والحياة بشكل عام، كذلك أتطرق إلى موضوع التكنولوجيا، وخطرها على العالم، وكيف هناك عالم يغرق بهذا اليم الهائل من الوهم، تتطرق الرواية كذلك للوضع السياسي بمصر، والتفجيرات والإرهاب.

تبدو كتابتك وكأنها نوع من الصوفية في هذه الرواية، فما الذي أغراك بهذه الطريقة؟

حاولت أن أصنع نوعاً من السرد الجديد، عادة بالسرد أحكي عن شخصية أنا وهو، وهنا لا نعرف الأنا من هو، حيث أتحدث عن البطلة ثم انتقل للآخر، بطريقة خفيفة لا يشعر بها القارئ، كتبت هذه الرواية بأمانة وضمير لأن الكاتب إذا لم يكتب بضمير وكتب المأساة كما هي لا يجوز أن نطلق عليه كاتبا.

يحمل عنوان «مساؤك آلم»، دلالات شعرية؟

«مساؤك آلم» أيها الغريب، المغزى من العنوان أن تنعتق من الألم، على عكس عنوانها، الأحداث نفسها فيها مأساة وصراع، وهنا أوجه تحية إلى مصمم الغلاف برنار رنو الذي رسم هذا الغلاف الجميل حيث يوضح صور ضحايا مجروحين، رسم سيريالي لصورهم بطريقة تليق بكل شخصية على حدة.

لكن الرواية كتبت بلغة شعرية كونك شاعرة؟

ليس خطأ أن استخدم لغة الشعر، لم أستخدم هذه اللغة بالسرد ولكن بالوصف المنطقي الذي يتبع ميثولوجيا الفلاسفة، كثير من الروائيين دخلوا الشعر بكتاباتهم ومنهم الكاتب الكبير تشارلز ديكنز عندما تحدثت عن الثورة الفرنسية.مررت هنا على عالم الشعر، تحديداً لأن البطلة شاعرة فلا يجب أن أصف عالمها بالسرد البحت.

لماذا لجأت إلى نشر «مساؤك آلم» في مصر؟

دواويني الثلاثة، «مهربة كلماتي إليك»، «رؤية في بحر الشوق»، و{أرجوان الشاطئ» نشرتها في لبنان، أما الرواية فقد فضلت طباعتها في مصر لأن الأحداث تدور بين مصر ولبنان، وأرى أن الطائر الذي يحلق عبر مواسم الهجرة ليروم الطقس الذي يروق له يعود إلى موطنه في فصل الربيع. الكاتب عندما ينشر في بلد آخر تكون الأحداث في روايته تتركز في هذا البلد وتتمحور فيه وهذا ما شجعني أن أنشر الرواية في مصر لأن معظم أبطالها يعيشون في مصر من دون أن ننسى أن البطلة شاعرة لبنانية. ولكني في الرواية أتكلم عن الشعب المصري، عاداته وأساليبه في الحياة، بل تطرقت إلى الريف المصري ومناخه، كذلك فعل معي الفنان التشكيلي اللبناني برنار رنو، وهو من صمّم غلاف الرواية فقد سافر معي غلافه إلى مصر راسماً وجوهاً مكدسة في انطباعات عدة ولم يحدد فيه المغرب أو المشرق، بل رسم الإنسان، الإنسان السوي والإنسان المشوه من الداخل، كذلك المرئي واللامرئي.

بدأت بممارسة الشعر ثم اتجهت إلى الرواية فهل يرجع ذلك لأن الرواية متصدرة وتستوعب الكثير من العوالم؟

تريد الرواية تفصيلاً وثرثرة، فضلت الدخول إلى عالمها، خصوصاً أني أكتبها منذ فترة طويلة ولكني لم أنشرها. لدي شغف بالرواية والتفاصيل، وقد وجدتها باباً للتنفيس عما يجيش في صدري.وليس معنى هذا أنني تخليت عن الشعر، أنا شاعرة وروائية أقف بين هذين العالمين وأتكئ بساعدي على عالم الشعر والرواية.

لكن ما هي رؤيتك لتصدر الرواية مقارنة بالأجناس الأدبية الأخرى؟

أعتقد أن للشعر جمهوره كما للرواية، لكل فن متذوقوه، والرواية تصدرت لأن العالم مل من المجاز، كونه يريد شيئاٍ أكثر عن عالمه. صحيح أن الشعر يلمس المعاناة ولكن لا يفصلها مثل الرواية، والأبطال بالرواية لا بد من أن يكون بعضهم يشبه القارئ.

هل استفدت كشاعرة من عملك الروائي أو العكس؟

استفاد الجانبين من بعضهما البعض بشكل كبير، حشدت بالشعر قصص تاريخية وسياسية وعاطفية، بينما حشدت في الرواية وجوه وشخصيات مخضبة بالشعر.

ما هو دافعك للكتابة؟

كانت والدتي شاعرة، كما أن الأحداث السياسة التي صارت في لبنان والاجتياح الإسرائيلي له في طفولتي أدخلا لدي شعوراً بالألم، خصوصاً عندما رأيت أجساد الشهداء تتناثر حولي، تحرك قلمي، وعندما رأت والدتي ذلك وأنا لم أتجاوز العاشرة من عمري، أحضرت لي كتب ميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران بعدما توسمت لي حب الإبداع، آمنت بموهبتي. الأمر الذي لم تحققه بذاتها فضلت أن تحققه لي. منذ ذلك الوقت بدأت مرحلة الشعر، وفي عمر 16 سنة حصلت على الجائزة الأولى في لبنان على كل المدارس الثانوية عن فئة الشعر.

كيف ترين صورة الرجل في كتابتك؟

بدأت بالخيانة والدهشة والخيبة، كما كتبت في ديوان «أرجوان الشاطئ»، الرجل الأول في حياتي هو والدي كيف كان مثالياً جداً، لأنه كان طيباً باتجاهنا، وجهت إليه إهداء كتبي، ثم انتهت صورة الرجل بخيبة بالرجل الحبيب. الآن، لا أدري إذا كان ثمة بصيص أمل أم لا، لأن لا أحد يمكن أن يعبر عن الألم سوى من عانى الوجع، فلا أعرف هل هذه الصورة ستتغير حسب الأحداث التي ستمر بحياتي أو الإنسان الذي سألتقي به؟ كل هذا تحدده الأيام والظروف.

ما الذي يشغلك في اللحظة الراهنة؟

رواية جديدة أكتب فيها، أبطالها من لبنان ومصر، وتشغلني أيضاً قصيدة لم تُكتب بعد أحارُ فيها حتى تومض كالبرق في سماء الإيجاز والوزن، وحلم بحب أرهقته دمعاً في كتاباتي ونفد صبراً من آهاتي، ومن شفاه قلمي.