لما كانت الليلة الخامسة عشرة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن السندباد البحري قال: أعلموا يا إخواني أني لما عدت إلى مدينة بغداد واجتمعت بأصحابي، وأهلي وأحبابي، صرت في أعظم ما يكون من الهناء والسرور والراحة، وغرقت في اللهو والطرب ومجالسة الأحباب والأصحاب. ثم حدثتني نفسي الخبيثة، بالسفر إلى بلاد الناس، واشتقت إلى مصاحبة مُختَلف الأجناس، والبيع والمكاسب، فاشتريت بضاعة نفيسة، وحزمت أحمالاً كثيرة زيادة على العادة وسافرت من مدينة بغداد إلى مدينة البصرة.

Ad

ثم أنزلت بضائعي في مركب، واصطحبت جماعة من أكابر البصرة. وما زلنا مسافرين على بركة الله تعالى، منتقلين من جزيرة إلى جزيرة، ومن بحر إلى بحر، إلى أن خرجت علينا ريح مختلفة يوماً من الأيام، فرمى الريس مراسي السفينة وأوقفها وسط البحر خوفاً عليها من الغرق، وفيما نحن على هذه الحالة، ندعو ونتضرّع إلى الله تعالى، إذ اشتدت علينا الريح، فمزقت القلع وأغرقت السفينة بركابها وما فيها من المتاع والأموال وعمت في البحر نصف نهار، ثم يسر الله تعالى لي قطعة من لوح خشبي من ألواح المركب، فركبتها أنا وجماعة من التجار.

ساعدتنا الريح فمكثنا على هذه الحالة يوماً وليلة، ثم هاج البحر فرمانا على جزيرة، ونحن كالموتى من شدة السهر والتعب والبرد والجوع والخوف والعطش، ومشينا في جوانب تلك الجزيرة فوجدنا فيها نباتاً كثيراً، فأكلنا منه شيئاً يسد رمقنا، وبتنا تلك الليلة على جانب الجزيرة، فلما أقبل الصباح، وأضاء بنوره ولاح، قمنا ومشينا في الجزيرة، فظهرت لنا عمارة على بعد، فسرنا إلى أن وقفنا على بابها، وهناك خرج علينا جماعة عراة قبضوا علينا وأخذونا إلى ملكهم، فأمرنا بالجلوس فجلسنا، وأحضروا لنا طعاماً لم نعرفه ولا رأينا مثله، فلم تقبله نفسي ولم آكل منه شيئاً وكان هذا لطفا من الله تعالى، لأن أصحابي ما كادوا يأكلون من ذلك الطعام حتى ذهلت عقولهم، وصاروا يأكلون مثل المجانين وتغيرت أحوالهم، ثم أحضروا لنا دهن النارجيل. فلما شرب منه أصحابي صاروا يأكلون من ذلك الطعام بشراهة أشد، واشتد خوفي على نفسي من هؤلاء العرايا، وتأملتهم فإذا هم قوم مجوس، وملك مدينتهم غول وكل من وصل إلى بلادهم يطعمونه من ذلك الطعام والدهن فيتسع جوفه، ويذهب عقله ويصير مثل الأبلة، ويظلون يزيدون له في الأكل والشرب والدهن حتى يسمن، ويغلظ، فيذبحونه ويشوونه ويطعمونه لملكهم. أما أصحاب الملك فيأكلون من لحم الإنسان بلا شيء ولا طبخ. فلما عاينت ذلك الأمر صرت في غاية الكرب على نفسي، أما أصحابي فكانوا لا يعلمون ما يراد بهم، وقد سلموهم إلى شخص يأخذهم كل يوم إلى تلك الجزيرة للرعي مثل البهائم.

حمدت الله على أنني من شدة الخوف والجوع صرت سقيم الجسم، وصار لحمي يابساً، على عظمي، فلما رأوني على هذه الحالة تركوني ولم يتذكرني منهم أحد ولا خطرت لهم على بال، إلى أن خرجت يوماً من الأيام ومشيت في تلك الجزيرة حتى بعدت عن ذلك المكان، فرأيت رجلاً راعياً جالساً على شيء مرتفع في وسط البحر، وأدركت أنه الرجل الذي سلموا إليه أصحابي ليرعاهم، ومعه كثير من أمثالهم، ولما رآني ذلك الرجل أدرك أني ملك عقلي ولم يصبن شيء مما أصاب أصحابي فأشار إلى من بعيد وقال لي:

ارجع إلى الوراء، وامش في الطريق الذي على يمينك تسلك الطريق المؤدية إلى نجاتك. عملت بنصيحته، ولم أزل سائراً، وأنا أجري ساعة من الخوف، وأمشي على مهلي من التعب، وغابت الشمس وأقبل الظلام، فجلست لأستريح، وأردت النوم فلم يأتني في تلك الليلة نوم من شدة الخوف والجوع والتعب.

 لما انتصف الليل، قمت ومشيت في الجزيرة طول النهار والليل، وكلما جُعت أكلت من النبات، وبقيت على هذه الحالة مدة سبعة أيام بلياليها، وعندما كانت صبيحة اليوم الثامن، لاح لي شبح من بعيد، فتوجهت نحوه ولم أزل سائراً إلى أن بلغته بعد غروب الشمس، ودنوت منه وقلبي خائف من الذي قاسيته أولاً وثانياً، وإذا هم جماعة يجمعون حب الفلفل، فلما رأوني تسارعوا إلىّ وأحاطوا بي من كل جوانب، وقالوا لي: من أنت ومن أين أقبلت؟ فقلت لهم: أعلموا يا جماعة أني رجل غريب مسكين، وأخبرتهم بجميع ما كان من أمري وما جرى لي من الأهوال والشدائد وما قاسيته.

قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك أن السندباد لما رأى الذين يجمعون الفلفل في الجزيرة وسألوه عن حاله، حكى لهم جميع ما جرى له وما قاساه من الشدائد فقالوا : والله هذا أمر عجيب، ولكن اذكر لنا كيف كان خلاصك وكيف كان مرورك عليهم في هذه الجزر؟ فقال السندباد: هم خلق كثيرون يأكلون الناس ولا يسلم منهم أحد، وأخبرتهم بما جرى معهم، وأنهم أخذوا أصحابي وأطعموهم الطعام ولم آكل منه، فهنأوني بالسلامة، وصاروا يتعجبون مما جرى لي، ثم أجلسوني عندهم حتى فرغوا من شغلهم، وأتوني بشيء من الطعام فأكلت منه.

وارتحت عندهم ساعة من الزمان، وبعد ذلك أخذوني في سفينة إلى جزيرتهم ومساكنهم، وعرضوني على ملكهم فرحب بي وأكرمني، وسألني عن حالي فأخبرته بما كان من أمري وما اتفق لي من يوم خروجي من مدينة بغداد إلى أن وصلت إليه فتعجب من قصتي غاية العجب. ثم أمرني بالجلوس عنده فجلست، وأمر بإحضار الطعام فأكلت منه على قدر كفايتي، وغسلت يدي وشكرت فضل الله تعالى وحمدته وأثنيت عليه، ثم سمح لي الملك بالتفرج على مدينته، وقد وجدتها مدينة عامرة بالناس والمال والطعام والأسواق والبضائع، ففرحت وارتاح خاطري، واستأنست بأهلها وصرت عندهم وعند ملكهم معززاً مكرماً ورأيت جميع أهل المدينة يركبون الخيل الملاح من غير سروج، فتعجبت من ذلك وقلت للملك: لأي شيء يا مولاي لا تركب على سرج، مع أن فيه راحة للراكب؟ فقال لي: كيف يكون السرج، هذا شيء ما رأيناه، فقلت له: هل لك أن تأذن لي أن أصنع لك سرجاً تركب عليه، فقال لي: افعل، ثم أمر بإحضار جميع ما أطلبه لهذا الغرض، فطلبت نجاراً ماهراً وعلمته صنع السرج، ثم أخذت صوفاً ونفشته وصنعت منه لبدا، وأحضرت جلداً ألبسته السرج وصقلته، ثم ركبت سيوره وشددت شريحته وبعد ذلك أحضرت الحداد وعلمته صنع الركاب، فدق ركاباً عظيماً بردته وبيضته بالقصدير، ثم شددت له أهداباً من الحرير، وبعد ذلك قمت وجئت بحصان من أحسن خيول الملك وشددت عليه ذلك السرج، وعلقت فيه الركاب وألجمته بلجام، وقدمته إلى الملك فلما ركب حصل له فرح شديد بذلك السرج، وأعطاني شيئاً كثيراً في نظير عملي له، ثم طلب مني الوزير أن أصنع له سرجاً مثله، وكذلك صار أكابر الدولة وأصحاب المناصب يطلبون مني السروج فأصنعها لهم، وجمعت من ذلك مالاً كثيراً، وصار لي عندهم مقام كبير، ومنزلة عالية.

ثم جلست يوماً عند الملك وأنا في غاية السرور والعز، فقال لي: أعلم يا ابني أنك صرت عندنا كواحد منا، ولا نقدر على مفارقتك، ومقصودي منك أن تطيعني فيما أشير عليك به، فقلت له: ما الذي تريد مني أيها الملك فإني لا أرد قولك؟ فقال: أريد أن أزوجك عندنا، بزوجة حسنة مليحة ظريفة صاحبة مال وجمال، وتصير مستوطناً عندنا، وتسكن عندي في قصري، فلما سمعت كلام الملك، سكت ولم أرد عليه من فرط الحياء، فقال لي: لم لا ترد عليّ يا ولدي؟ فقلت: الأمر أمرك يا ملك الزمان فأرسل من وقته وساعته وأحضر القاضي والشهود، وزوجني بامرأة شريفة القدر، عالية النسب، كثيرة المال والنوال، بديعة الجمال.

الدفن حياً

قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن السندباد البحري قال: بعد أن زوجني الملك، أعطاني بيتا عظيماً مليحاً، وخدما وحشماً، ورتب لي جرايات وجوامك وصرت في غاية الراحة والبسط والانشراح، ونسيت جميع ما حصل لي من التعب والمشقة والشدة.. وقلت في نفسي: إذا سافرت إلى بلادي آخذها معي، لأني أحببتها كما أحبتني محبة عظيمة، وقد أقمنا في ألذ عيش وأرغد مورد ولم نزل على هذه الحالة مدة من الزمن، ثم ماتت زوجة جاري، وكان صاحباً لي، فدخلت عليه لأعزيه في زوجته، فرأيته في أسوأ حال، وهو مهموم الخاطر فقلت له: لا تحزن على زوجتك، والله يعوضك خيراً منها، فبكى بكاء شديداً وقال لي: يا صاحبي كيف أتزوج بغيرها؟ أو كيف يعوضني الله خيراً منها وأنا ما بقي من عمري إلا يوم واحد؟ فقلت له: يا أخي أرجع لعقلك فإنك طيب بخير وعافية فقال إن هذا آخر يوم لي في الدنيا، وفي غد يدفنون زوجتي ويدفنوني معها في القبر، فإن عادتنا في بلادنا إذا مات أحد الزوجين أن يدفن معه الآخر حياً، حتى لا يتلذذ أحد منهما بالحياة بعد رفيقه، فقلت له: إن هذه العادة رديئة جداً، وما يقدر عليها أحد، فبينما نحن في ذلك الحديث وإذا بجمهور من أهل المدينة قد حضروا وصاروا يعزون صاحبي في زوجته وفي نفسه، وقد شرعوا في تجهيزهما على عادتهم، فأحضروا تابوتاً حملوهما فيه وخرجوا بهما إلى مكان في جانب الجبل على البحر، ثم تقدموا إلى مكان ورفعوا عنه حجراً كبيراً، فبانت تحته خرزة مثل خرزة البئر، وإذا هو جب كبير تحت الجبل، فرموا فيه جثة الزوجة. ثم جاءوا بزوجها وربطوه تحت صدره بحبل وأنزلوه في ذلك الجب، ومعه كوز ماء عذب كبير، وسبعة أرغفة، ثم سحبوا الحبل وحده، وغطوا فم الجب بذلك الحجر الكبير كما كان، وانصرفوا تاركين صاحبي المسكين ينتظر الموت بجانب زوجته الميتة.

قلت في نفسي: والله إن موتته هذه لأصعب من موتتها، ثم توجهت إلى الملك وقلت له: يا سيدي كيف تدفنون الحي مع الميت في بلادكم؟ فقال لي هذه عاداتنا في بلادنا حتى لا نفرق بينهما في الحياة ولا في الممات! فقلت له: يا ملك الزمان هل الرجل الغريب مثلي إذا ماتت زوجته عندكم تفعلون به ما فعلتم بهذا؟ فقال لي: نعم ندفنه معها: فلما سمعت ذلك الكلام منه أنشقت مرارتي من شدة الغم والحزن على نفسي، وذهل عقلي، وصرت خائفاً أن تموت زوجتي قبلي فيدفنونني معها وما مضت مدة يسيرة بعد ذلك حتى مرضت زوجتي، ثم ماتت بعد أيام، فاجتمع الناس يعزونني ويعزون أهلها، وجاءني الملك يعزيني فيها وفي نفسي، وبعد أن غسلوها وألبسوها أفخر الثياب والجواهر، حطوها في التابوت وحملوها إلى ذلك الجبل ورفعوا الحجر عن فم الجب وألقوها فيه، ثم تقدم جميع أصحابي وأهل زوجتي يودعونني فصحت بهم أنا رجل غريب لا شأن لي بعاداتكم ولكنهم لم يلتفتوا إلى كلامي، وأمسكوني وربطوني بالحبل ثم دلوني في الجب ومعي سبعة أقراص من الخبز وكوز ماء عذب على عادتهم، فلما وصلت إلى قاعة، وجدته مغارة كبيرة تحت الجبل، ثم قالوا لي: فك نفسك من الحبل، فلم أرض، فرموا على الحبل ثم غطوا فم البئر بذلك الحجر الكبير الذي كان عليه، وراحوا في سبيلهم.

باب المغارة

قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن السندباد البحري، قال: لما حطوني في المغارة مع زوجتي التي ماتت وانصرفوا بعد غلق بابها، نظرت حولي فوجدت جثثاً كثيرة رائحتها منتنة كريهة، فلمت نفسي على ما فعلته، وقلت: والله إني أستحق جميع ما يقع لي ثم صرت لا أعرف الليل من النهار، وأخذت أتقوّت باليسير، ولا آكل حتى يكاد الجوع يهلكني، ولا أشرب حتى يشتد بي العطش، وأخشى أن يفرغ ما عندي من الزاد والماء، وتمنيت لو أني غرقت في البحر، أو مت في جبل الألماس، فذلك أحسن لي من هذا الموت الفظيع، ولم أزل على هذه الحالة أنام على عظام الأموات حتى أحرق قلبي الجوع وألهبني العطش، فقعدت وتحسست مكان الخبز وأكلت منه شيئاً قليلاً، وتجرعت قليلا من الماء، ثم قمت ووقفت وصرت أمشي في داخل المغارة، فرأيتها متسعة الجوانب، وفي أرضها جثث كثيرة وعظام قديمة، ثم أخترت لرقدتي الأخيرة مكانا في جانب المغارة بعيداً عن الموتى الجدد، وصرت أنام فيه.

وقل زادي بعد حين فلم يبق معي إلا شيء يسير، فصرت لا أكل إلا لقمة صغيرة في اليوم، ولا أشرب إلا جرعة من الماء ولم أزل على هذه الحالة إلى أن جلست يوما من الأيام أفكر في نفسي ومصيري إذا فرغ زادي، وإذا بالصخرة قد تزحزحت عن باب المغارة، ووصل الضوء إلى عندي، فتعجبت من ذلك، ثم عرفت السبب، وهو أن القوم جاءوا لدفن رجل ميت ومعه زوجته حية، وكانت تبكي وتصيح، وقد أنزلوا معها شيئاً كثيراً من الزاد والماء، ثم غطوا باب البئر بالحجر وأنصرفوا، فقمت أنا وأخذت في يدي قصبة ميت وجئت إلى المرأة وضربتها على رأسها فوقعت على الأرض مغشياً عليها فضربتها ثانياً.. حتى ماتت، ثم أخذت خبزها وماءها، وما معها من الحلي والحلل والقلائد والجواهر.. وعدت بهذا كله إلى الموضع الذي عملته في جانب المغارة لأنام فيه، وصرت أكل من ذلك الزاد شيئاً قليلاً كل يوم حتى لا يفرغ بسرعة فأموت من الجوع والعطش، وأقمت في تلك المغارة مدة من الزمان، وكلما دفنوا اثنين قتلت الحي الآخر منهما وأخذت أكله وشربه أتقوت به، إلى أن كنت نائماً يوماً من الأيام فاستيقظت من منامي وسمعت شيئاً يكركب في جانب المغارة فقلت: ما يكون هذا؟ ثم قمت ومشيت نحوه ومعي قصبة رجل ميت، فلما أحس بي فر وهرب مني، وأدركت أنه وحش، فتبعته إلى صدر المغارة فبان لي نور من مكان صغير مثل النجمة، تارة يظهر لي، وتارة يختفي، وقصدت نحوه وكلما اقتربت منه يتسع نوره فتحققت أنه خرق في المغارة، وقلت في نفسي لابد أن يكون هذا المكان بابا آخر للمغارة مثل الذي أنزلوني منه.

ولما وصلت إليه وجدته ثقبا في ظهر ذلك الجبل أحدثه الوحوش ليدخلوا منه إلى المغارة ويأكلوا الموتى! فلما رأيته هدأت روحي واطمأنت نفسي وارتاح قلبي، وأيقنت بالحياة بعد الممات، وصرت كأني في المنام، ثم طلعت من ذلك الثقب فرأيت نفسي على جانب البحر المالح فوق جبل عظيم، بين الجزيرة والمدينة ولا يستطيع أحد الوصول إليه، فحمدت الله وشكرته،  وفرحت فرحاً عظيماً، وقوى قلبي فرجعت من النقب إلى المغارة، ونقلت جميع ما فيها من الزاد والماء الذي وفرته، ثم أخذت من ثياب الأموات أحسنها وما يليق بي، كما أخذت كثيراً من أنواع العقود والجواهر وقلائد اللؤلؤ والفضة والذهب المرصع والتحف، وربطته في ثياب الموتى، وخرجت من النقب إلى ظهر الجبل، حيث اتخذت لي مقراً على شاطئ البحر، وبقيت في كل يوم أنزل إلى المغارة، للاستيلاء على ما يجد فيها من زاد وماء وحلي وملابس، ثم أعود إلى موضعي على شاطئ البحر، لأنتظر الفرج من الله تعالى، ولم أزل على هذه الحالة مدة من الزمان.

تابعت شهرزاد: ثم إن السندباد البحري قال: فبينما أنا جالس يوماً من الأيام على شاطئ البحر، وإذا بسفينة سائرة في وسطه، فأخذت في يدي ثوباً أبيض من ثياب الموتى وربطته في عكاز وجريت به على شاطئ البحر، وصرت ألوح به لركاب السفينة حتى حانت منهم التفاتة، فرأوني وأرسلوا زورقاً من عندهم وأخذوني معهم في الزورق، ومعي كل ما أخذته من المغارة وساروا بي إلى أن اطلعوني في السفينة عند الريس، فقال لي: كيف وصلت إلى هذا المكان وهو جبل عظيم وراؤه مدينة عظيمة، ولا مكان فيه لغير الوحوش والطيور، فقلت له: إنني رجل تاجر كنت في سفينة كبيرة غرقت بمن فيها، وكانت معي تجارة عظيمة من هذه الثياب، فوضعت ما استطعت جمعه منها على لوح كبير من ألواح السفينة.

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وإلى الحلقة المقبلة