تحمل هذه الشخصية الكثير من الارتياب والتوجس لأن وجودها يفرض حواراً وملابس تُناسبها، ما يختلف بالطبع مع العمل الذي يدخل كل بيت عربي، فضلاً عن طبيعة الشهر الكريم رغم أنه أصبح شهر المسلسلات، لكن لا يمنع ذلك أن تكون له طبيعة خاصة تمنع أو ترفض وجود مثل هذه الشخصيات وحوارها.

Ad

 يبدو أن هذه الشخصية تجذب الكُتاب والمخرجين، فظهرت العام الماضي في مسلسلات: {الإكسلانس}، جسدتها انتصار، {أنا عشقت} جسدتها المذيعة إنجي علي،} صاحب السعادة} جسدتها سوسن بدر، {دلع البنات} جسدتها هياتم.

 

صور من الواقع

ترى هالة صدقي أن الأعمال الدرامية تُجسد مشاكل وقضايا من الواقع وصوراً من المجتمع، ومن الطبيعي ظهور أي شخصية، سواء كانت إيجابية أو سلبية، ما دامت موجودة في المجتمع ولها مبرر درامي، لكن تختلف طريقة تقديم الشخصية من عمل إلى آخر، حسب وجهة نظر الصُناع، كذلك طريقة تناول الشخصية ومفرداتها التي يجب أن تكون من دون إسفاف أو خدش الحياء.

تضيف أنها جسدت في {حارة اليهود} شخصية زينات وهي امرأة تدير بيتاً مشبوهاً لأن في تلك الفترة الزمنية كانت هذه البيوت مُرخصة ومنتشرة في المجتمع المصري، يتردد عليها البلطجي والفتوة، وتدور في داخلها أحداث مؤثرة في سياق العمل.

تتابع: {حافظنا على احترام المشاهد والأسرة العربية التي تُشاهدنا خلال شهر رمضان، ولم يصدر منا أي لفظ سيئ رغم أن الشخصية تحتمل ذلك}.

بدورها تؤكد سهر الصايغ أن تقديم نماذج سلبية في الأعمال ليس خطأ بل واجب نظراً إلى الرسائل التي تحملها، ولكن الخطأ في كيفية تقديم الشخصية واستخدام بعض الألفاظ والإيحاءات المرفوضة التي تدخل كل بيت وتشاهدها الأسرة على اختلاف الأعمار والثقافات.

تضيف أنها تجسد في {حالة عشق} شخصية عاهرة مع المطربة بوسي التي تجسد هذه الشخصية التي تفرض حوارها، ولا بد من التلميح لما تمثل هذه الشخصية من سلبيات، لكنها لم تنزلق إلى أي لفظ أو إيحاء يخدش حياء الجمهور والأسرة العربية.

تتابع: {أما مسألة العرض الرمضاني فسببها نسبة المشاهدة العالية في هذا الشهر، لكن العمل من الأساس مُقدم إلى المشاهد وليس إلى الشهر، وسوف يُعرض طوال العام}.

مبرر درامي

يرى الناقد طارق الشناوي أن وجود هذه الشخصية في الأساس له مبرر درامي في الأحداث، سواء اتفقنا مع وجودها أو اختلفنا، ففي {حارة اليهود} كانت الدعارة مرخصة في الفترة الزمنية التي تتمحور حولها الأحداث، وفي {مولانا العاشق} لها مبرر في سياق الأحداث.

يضيف:{يختلف وجود الشخصية من عمل إلى آخر، وإن غلب على وجودها الطابع التجاري واستغلالها بشكل فج من ناحية الألفاظ والإيحاءات، فيرجع ذلك إلى القيمين على العمل}.

 يتابع: {في{حارة اليهود}، لم يفرّط مدحت العدل في استخدام الألفاظ والإيحاءات، واكتفى بوجود هذه الشخصية كهدف درامي فحسب، بينما في{مولانا العاشق} كان ثمة استغلال تجاري كعادة مصطفى شعبان في أعماله كافة، إذ يستغل فكرة الرجل صاحب العلاقات النسائية، سواء بالزواج أو بعلاقات أخرى، لأنها تحقق مشاهدة عالية من الجمهور الذي يقبل عليها رغم تحفظنا وتحفظ الجمهور ذاته}.

 يلفت إلى أننا{إذا اردنا محاسبة صُناع العمل ومنهم مصطفى شعبان لاعتمادهم ألفاظاً وإيحاءات جنسية كـ عنصر جاذب، علينا، في المقابل، معاتبة الجمهور الذي يُقبل على هذه الأعمال، ما يسمح بتكرارها بل الاعتماد عليها لأن {الجمهور عاوز كده}}.

استغلال سيئ

في السياق نفسه، يرى الناقد نادر عدلي أن وجود الفكرة في حد ذاتها غير مرفوض،{لكن ما نرفضه استغلالها بشكل سيئ، سبق أن قدم نور الشريف فكرة الرجل المتعدد الزيجات والعلاقات النسائية، لكن من دون إيحاءات أو ألفاظ جنسية تخدش حياء الجمهور، فيما قدم مصطفى شعبان الأعمال نفسها لكن بشكل تجاري إرضاء للجمهور}.

يضيف: {إن كنا نعيب على شعبان استغلاله مثل هذه الأمور، فعلينا، في المقام الأول، توجيه اللوم إلى الجمهور الذي يُقبل على ما يقدمه شعبان، وإلا لما استمر في أكثر من عمل}.

 يتابع:{علينا أن ننسى مقولة رمضان شهر الروحانيات وما يُقدم لا يناسبه، لأننا، في الأساس، حولنا رمضان إلى موسم درامي للأعمال التي تُعرض خلال العام، وبالتالي كان لا بد لصانعي الدراما من أن يقدموا أعمالهم بمنطق فني لأنهم لا يقدمون لرمضان فحسب}.

بدورها توضح الناقدة ماجدة خير الله أن وجود أي شخصية مرتبط بالأحداث وليس بتوقيت عرضه، {الموسم الرمضاني اختراع تسويقي خاص بالمنتج والقنوات الفضائية ولا علاقة له بما يٌقدم على الشاشة. ثم لا ترتقي 3 أو 4 أعمال من أصل 35 عملا إلى مستوى الظاهرة وهي نسبة ضئيلة.

 تضيف أن أعمالاً كثيرة تناولت هذه الشخصية وغيرها، {لكن طريقة التناول تُحدد وجهة نظرنا لها وللعمل، هل أُفرط في استخدام الإيحاءات والألفاظ أم ثمة حرص على مراعاة المشاهد؟

تتابع:{أنا ضد استخدام ألفاظ من دون مبرر، كلنا نتذكر فيلم {سارق الفرح} عندما جسدت عبلة كامل شخصية عاهرة من دون أن تتضمن مشهداً أو لفظاً خارجاً، وقد نرى ألفاظاً وإيحاءات من شخصيات ارستقراطية ورجال أعمال يفترض أن تكون لغتهم أرقى من ذلك، لكن تُستخدم بهدف جذب بعض فئات الجمهور الذي يهوى ذلك، في النهاية يرجع الأمر إلى القيمين على العمل ما يقدمون للجمهور الذي يستطيع الفزر والتقييم}.