محمود الجندي: الأب المدمر
إذا كان نجاح بعض الشخصيات بكثرة المشاهد التي يطل فيها أصحابها، فإن نجاح البعض الآخر بإتقان الدور حتى لو كانت مشاهد محدودة في كل حلقة، وهو ما يمكن ملاحظته بوضوح مع الفنان القدير محمود الجندي الذي قدم أحد أفضل أدواره التلفزيونية في مسلسل “طريقي”.جسد الجندي شخصية الأب الذي يترك أمور المنزل لزوجته، حتى تربية أبنائه، ولا يتدخل بسبب تسلط زوجته وقوة شخصيتها، فرغم ظهوره في الحلقات الأولى منكسراً وعاجزاً لا يستطيع المواجهة، إلا أن تطور الحلقات كشف دوافع شعوره بعدم القدرة على إسعاد زوجته التي تزوجها متحدياً أهلها.
مشاعر حائرة ومتناقضة يعبر عنها الجندي في المسلسل، فهو لا يوافق على تعرض ابنته للسجن والتنكيل بها بسبب حبها للموسيقى والغناء، وفي الوقت نفسه، يزورها من دون علم زوجته ليخفف عنها ويشرح لها وجهة نظر والدتها.شخصية الجندي ضمن الأحداث مليئة بالتناقضات، فهو يقدم نموذجاً لأباء مصريين يقدمون على زيجات غير متكافئة بدافع الحب، ويحاول الدفاع عن بيته وأسرته للحفاظ على تربية أبنائه وسط عائلتهم وضمن حياة مدمرة وتقليدية على المستوى النفسي والاجتماعي، بينما يدعي المرض للهرب من ملاحقة زوجته له بالحديث عن شقيقة زميله التي كانت تحلم بالارتباط به وعادت إلى القرية بعد انفصالها عن زوجها.قدم الجندي مشاهد مميزة لا سيما تلك التي جمعته بسوسن بدر واعتمد فيها على النظرات من دون أن يتكلم إلا قليلاً، ما جعل هذه المشاهد تخرج بصورة مميزة تشبه مباراة فنية.