برز اسم أبو بكر البغدادي لدى توليه زعامة تنظيم الدولة الإسلامية، وتحوله من شخص مغمور إلى قائد أبرز التنظيمات الجهادية في العالم، إلا أن الرجل الذي نصب "خليفة"، لا يزال شخصية غامضة بعيدة عن الضوء.

Ad

وعلى رغم أن التنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة من سورية والعراق، ينشر دورياً مواد دعائية لنشاطاته والفظاعات التي يرتكبها، إلا أنه يندر أن تظهر هذه المواد زعيمه الذي رصدت واشنطن مكافأة مالية قدرها عشرة ملايين دولار لمن يقدم معلومات تؤدي للتمكن منه.

وأعلن التنظيم في يونيو 2014 إقامة "الخلافة الإسلامية" بعد نحو ثلاثة أسابيع من هجوم كاسح سيطر خلاله على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه، وبعد أيام من الإعلان، نشر التنظيم شريطاً مصوراً لمن قال أنه "الخليفة ابراهيم" يؤدي الصلاة في مسجد بالموصل، ثاني كبرى مدن العراق وأولى المناطق التي سقطت في الهجوم.

ويعد هذا الظهور العلني الوحيد للبغدادي الذي بدأ خطيباً ذا لحية كثة سوداء ورمادية، ويرتدي زياً وعمامة سوداوين، أما الخطب الأخرى التي تنسب للبغدادي، فكانت عبارة عن تسجيلات صوتية وزعها التنظيم عبر الحسابات والمنتديات الالكترونية الجهادية.

ويقول الباحث في مجموعة صوفان غروب، باتريك سكينر "من اللافت أن زعيم أكثر تنظيم إرهابي يدرك أهمية الصورة، مقلّ جداً في ما يتعلق بدعايته الخاصة".

ويرى الباحث في منتدى الشرق الأوسط أيمن التميمي أن لدى البغدادي "جانباً من الغموض يحيط به، ويبدو أنه حقق أكثر بكثير في الواقع من الحرس القديم" للتنظيمات الجهادية كزعيم القاعدة أيمن الظواهري.

وأوردت تقارير في الأشهر الماضية أن البغدادي أصيب في ضربات جوية للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، إلا أن هذه المزاعم لم يتم التثبت منها.

وأصدر التنظيم تسجيلين صوتيين منسوبين إلى زعيمه على إثر هذه التقارير، أكد في أحدهما أن التنظيم والخلافة مستمران، ودعا في الثاني المسلمين في مختلف دول العالم "للهجرة" إلى المناطق التي يسيطر عليها.

ويقول التميمي "عامل الغموض أيضاً مستمد من أن البغدادي حتى الآن تمكن من تفادي محاولات عدة لاستهدافه بضربات جوية وما إلى ذلك وتمكن من دحض الشائعات بأنه بات عاجزاً جسدياً" عن القيادة.

وأعاد البغدادي تقوية الجهاديين في العراق بعد تزعمه في العام 2010 "دولة العراق الإسلامية"، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، وتحت قيادته، أعادت هذه المجموعة تنظيم صفوفها، وتحولت عام 2013 إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، بعدما أفاد الجهاديون من النزاع في سورية المجاورة، قبل أن يشنوا هجومهم الواسع في العراق في السنة التالية.

ومع سيطرته على أجزاء من العراق، بدل التنظيم اسمه ليصبح "الدولة الإسلامية"، وبات أكثر التنظيمات الجهادية بطشاً وقوة وغنى في العالم.

ويقول سكينر أن البغدادي "والدائرة المحيطة به، وضعا خطة استراتيجية جداً، ووضعا هذه الخطة موضع التنفيذ، ما اكسبهما ولاء وثقة".

وبحسب وثائق عراقية رسمية، ولد البغدادي في مدينة سامراء ذات الغالبية السنية شمال بغداد في العام 1971، ولديه أربعة أولاد على الأقل من زوجته الأولى (صبيان وبنتان)، ولدوا ما بين 2000 و2008.

ويورد تقرير للاستخبارات العراقية أن البغدادي يحمل شهادة الدكتوراه في العلوم الإسلامية، وكان استاذاً في جامعة تكريت (شمال بغداد)، كما يشير التقرير إلى أن البغدادي، واسمه الحقيقي ابراهيم عواد ابراهيم البدري، تزوج امرأة ثانية وله منها ولد.

وانضم البغدادي إلى المجموعات المناهضة للقوات الأميركية بعد اجتياحها العراق في 2003، وأمضى بعض الوقت في أحد السجون جنوب البلاد.

وفي أكتوبر 2005، أعلنت الولايات المتحدة أن قواتها قتلت "ابو دعاء"، وهو اسم حركي كان يعتقد أن البغدادي يستخدمه، إلا أنه تبين أن هذا الأمر لم يكن دقيقاً، بما أن البغدادي تسلم مسؤولية "دولة العراق الإسلامية" في مايو 2010، بعد مقتل زعيمها أبوعمر البغدادي ومساعده أبو أيوب المصري في غارة جوية عند الحدود السورية العراقية.

ويختلف البغدادي عن الزعيم الأسبق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي كان ثرياً وظهر في سلسلة أشرطة مصورة، وبرز اسمه عالمياً قبل أعوام طويلة من هجمات 11 سبتمبر ضد الولايات المتحدة في العام 2001.

وقال سكينر أن "صعوده (البغدادي) لا يقارن فعلياً بأي قياديين ارهابيين"، مشيراً إلى أن بن لادن "كان اسماً معروفاً، وعرض حياته" بشكل دوري.

وأضاف "البغدادي عمل بجد خلف الكواليس وبرز إلى العلن عندما اختير زعيماً، رغم ذلك، لم يقم بنشاطات دعائية"، مؤكداً على أنه "يتجنب الأضواء، وعندما يصدر كلمة، تكون عن الخلافة وأعدائها، وليس عنه شخصياً".