كلمة "إتقان" تعني القيام بالعمل المراد عمله والانتهاء منه على أحسن وجه وأفضل صورة، ببذل الجهد وعدم التراخي في العمل. وفي هذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ". وكلنا نعلم أن الدول المتقدمة وصلت إلى قمة مجدها العلمي والصناعي، وفي شتى المجالات عندما أتقنت عملها، أما الدول التي تدار بعشوائية دون إتقان العمل فيها، ولا تهتم بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فستظل متذيلة الأمم.

Ad

كتبت هذه المقالة بعد إلغاء المحكمة الدستورية قانون هيئة مكافحة الفساد، وبالطبع، أحكام القضاء لا يجوز التعليق عليها بل إننا في كل الأحوال نجلها ونحترمها، لأن القاضي يحكم بما لديه من أوراق، وينظر إليها من الجانب الدستوري. لكن المشكلة الأساسية وبيت الداء، إنما يكمنان في محامي الحكومة في الفتوى والتشريع؛ لأنهم قبلوا مراسيم وقوانين تخالف الدستور، فكان من الطبيعي أن تبطلها المحكمة الدستورية، مثلما تم إبطال انتخابات مجلس الأمة التي جرت في فبراير عام 2012، وعدم صحة عضوية أعضائه الفائزين بها، وقضت آنذاك باستمرار صلاحية مجلس عام 2009 المنحل، ووقتها استندت المحكمة الدستورية إلى المادة 107 من الدستور، التي بينت عدم صحة إجراءات الحل.

كذلك أبطلت المحكمة الدستورية انتخابات مجلس الأمة التي جرت في ديسمبر عام 2012؛ لعدم دستورية المرسوم بقانون الخاص بإنشاء اللجنة العليا للانتخابات الذي أجريت الانتخابات على أساسه.

والسؤال هنا، ألا تتحمل الفتوى والتشريع كل هذه التبعات ؟ وأين كانت عندما صدر مرسوم هيئة مكافحة الفساد ؟، ولا نعلم لماذا لا تتم الاستعانة بخبراء الدستور المخضرمين في الفتوى والتشريع والعودة إليهم في القضايا الشائكة، كالخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي والدكتور محمد المقاطع وغيرهما ممن تعمر بهم الكويت.

وبالطبع، نحن لا نقلل من شأن أحد كان، لكن تكرار الأخطاء يدل على وجود اختلالات، لذا نطالب دائماً بضرورة الاستعانة بالكفاءات الوطنية في كل المجالات، لأن الشعب لا يحتمل مرارة أكثر من ذلك.

وأخيراً وليس آخراً نقول، إن البلاء الذي يحدث للأمم تصاب به عندما تسند الوظائف الحساسة وفق المحسوبيات ولذوي القربى على حساب أصحاب الكفاءة، وكل هذا يأتي في النهاية على حساب الوطن.