يخطو البابا فرنسيس الأثنين خطوة إضافية في مسعاه التصالحي في أفريقيا الوسطى بقيامه في اليوم الأخير من جولته الأفريقية بزيارة إلى مسجد كودوكو في حي مسلم من بانغي معرض لجميع المخاطر.

Ad

ويلتقي رأس الكنيسة الكاثوليكية بعيد الساعة 8,00 (7,00 تغ) خمسة أئمة سيقودونه إلى منصة ستجري عندها مراسم قصيرة على مقربة من مسجد الحي بي.كا. 5 الذي يخضع لحصار حقيقي ولا يمكن لسكانه المسلمين الخروج منه للتبضع من غير أن يواجهوا خطر القتل.

وبالرغم من أن المراسم لن تستمر أكثر من نصف ساعة إلا أنها ستنطوي على أهمية رمزية كبرى إذ ستوجه إشارة قوية من أجل الثقة والمصالحة بين مختلف الطوائف التي تسودها مشاعر الريبة والخوف من الآخر.

وسيوجه خورخي بيرغوليو في كودوكو نداءً يدعو فيه إلى عدم الخلط بين الدين ونزاع يستخدم فيه الإيمان ذريعة لخدمة مصالح خاصة، مؤكداً ضمناً أن النزاع في أفريقيا الوسطى يبقى سياسياً ولو أن الصراع يدور بين ميليشيات مسيحية ومسلمة.

وينتشر جنود القوة الدولية (10900 عنصر في جميع أنحاء البلاد) والقوة العسكرية الفرنسية (900 عنصر) وشرطة أفريقيا الوسطى في بانغي لضمان الأمن في هذا اليوم الأخير من جولة البابا الأفريقية.

ويشهد محيط المسجد مواجهات مسلحة بين ميليشيا سيليكا المسلمة وميليشيا انتي-بالاكا المسيحية والاحيائية.

غير أن مورو غاروفالو من مجموعة سانت ايجيديو الكاثوليكية قال أن المسلمين ينتظرون البابا بورع وأمل.

وزار غاروفانو حي بي.كا. 5 وقال "رأيت الجهود التي بذلها شبان الحي المسلمون في الأيام الأخيرة، وكذلك مسؤولو مجموعة المسلمين من دينيين وسياسيين من أجل ترميم الحي، كما أنهم شكّلوا مجموعات مراقبة ذاتية".

وبعد زيارة المسجد يتوجه البابا إلى مجمع بارتيليمي بوغاندا الرياضي الذي يحمل أمس سياسي وكاهن كاثوليكي من أفريقيا الوسطى يعتبر "أب الوطن" توفي عام 1960 بعيد إعلان الاستقلال الذي ساهم فيه بصفته أول رئيس للبلاد.

وسيقوم البابا فرنسيس بجولة في سيارة الباباموبيلي داخل الملعب الذي يتسع لثلاثين ألف شخص وسيحيي هناك قداسه الأخير على أرض أفريقية، ومن المتوقع بهذه المناسبة أن يوجه نداءً أخيراً إلى هذه الأمة لحضها على الخروج من أزمتها العسكرية - السياسية والأخلاقية.

ويمكن منذ الآن اعتبار محطة بانغي التي تستمر يوماً ونصف اليوم بمثابة نجاح كبير ورهان ربحه البابا ضد المشككين والمتمنعين وقد لقي البابا في غالب الأحيان استقبال المخلص القادر على شفاء جسد ينخره المرض في العمق.

وبدا البابا واثقاً من نفسه وحازماً في حضه على العودة إلى الحس الإنساني بعيداً عن "دوامة الانتقام التي لا نهاية لها".

ولم يذكر الأحد كلمة "مسلمين" تأكيداً منه ضمناً على أن النزاع بين المسلمين والمسيحيين له جذور سياسية.

ودعا جميع مواطني أفريقيا الوسطى إلى "عدم الخوف" من الآخر بسبب ديانته أو أثنيته وإلى التحلي بالجرأة الضرورية للصفح عن الآخرين.

وافتتحت مساء الأحد في أفريقيا الوسطى بشكل مسبق سنة "يوبيل الرحمة" التي أعلنها البابا كـ"سنة مقدسة"، مع تدشين "باب مقدس" في كاتدرائية بانغي في بادرة رمزية تقليدية حيث أن من يمر عبره ينال الغفران عن خطاياه.

كذلك وجه البابا فرنسيس نداءً إلى "كل من يستخدمون ظلماً الأسلحة في هذا العالم"، داعياً إلى "التخلي عن أدوات الموت هذه".

وتعقيباً عن تدشين "الباب المقدس" طلبت الرئيسة الانتقالية كاترين سامبا-بانزا وقد غمرها التأثر "المغفرة" عن "كل الشرور" الذي ارتكبت في النزاع الجاري منذ 2013.

وقالت في كلمة أمام البابا "جميعنا بأمس الحاجة إلى هذه المغفرة لأن التطورات الأخيرة للأزمة كانت بمثابة فظاعات ارتكبها أشخاص يصفون أنفسهم بأنهم مؤمنين باسم الدين".

ويعود البابا بعد الظهر إلى روما مختتماً جولة تضمنت ثلاث محطات مشحونة بالرمزية في كينيا وأوغندا وأفريقيا الوسطى.