عندما يخون مواطنون وطنهم الذي عاشوا على خيره وتربوا بعزه وتحت حمايته، والذي كفل دستوره لهم كرامة العيش منذ لحظة الميلاد إلى وقت الوفاة بكامل حياة الرفاهية التي تحسدهم عليها شعوب تتمنى جزءا أو حصة صغيرة مما توفر لهم، ماذا يمكن أن نطلق عليهم وبأي مسمى نسمي هؤلاء الضالين الناكرين لفضل وطنهم الذي تربوا في حضن مثل حضن دولة الكويت التي توفر لأبنائها كل رفاهية الحياة وتكفل للمواطن العيش بمستوى رفاهية لا يتوفر إلا في  بعض الدول الغربية التي تأخذ ثمن توفيرها من ضرائب يدفعها المواطنون لدولهم ليحصلوا عليها.

Ad

أما في الكويت فكل ما يقدم للمواطنين هو من جيب الوطن لا من جيب المواطن منذ لحظة ميلاده إلى لحظة كفنه، من التعليم بكل مراحله إلى العلاج داخل الكويت وخارجها، وتوفير السكن والعمل والمعاش التقاعدي والخدمات بكاملها من الطرق والجمعيات العامة والكهرباء والماء والبعثات الطلابية والبطاقة التموينية وزيادات الأبناء وقسائم للبناء والمزارع والصناعة والجواخير، وخدمات وتسهيلات كثيرة لا تحصر، وفوق هذا كله، وهو الضروري والأهم، سقف الحرية التي لا تتوفر في معظم البلاد العربية والخليجية.

الكويت أعطت الصحافة والمواطنين حرية تعبير واسعة، سمحت للمواطن بالاحتجاج والرفض بسبب أو بلا سبب من باب الدلال والدلع على الحكومة، فماذا يريد هؤلاء الناكرون للجميل ولحضن الوطن الأم الدافئ؟

هناك أمر غير مفهوم في هذه المعادلة الصعبة، وطن يوفر كل سبل العيش الكريم، ومع هذا يخرج منه بعض أفراده يريدون تدميره، فما هو السبب أو الدافع أو العامل الذي ساعد على تكوين فكر هؤلاء؟

صحيح ان هناك فسادا في الكويت لكنه ليس كارثيا وقابل للتصحيح والعلاج وليس ميؤوسا منه، فبحزمة قرارات تصحيحية عادلة وحازمة تستطيع أن تعيد الأمور إلى نصابها، فما الذي دفع هؤلاء المواطنين الشباب إلى بناء ترسانة الأسلحة الضخمة التي كشفت عنها وزارة الداخلية وبثتها في القنوات التلفزيونية لنشاهد كمية سلاح ومتفجرات كان بإمكانها الإبادة والتدمير بشكل رهيب لولا لطف الله.

تم اكتشاف هذه الكارثة الإرهابية التي كانت كفيلة بتقطيع أوصال الكويت وقيام فتنة طائفية لن تجد لها حلا، فالمقبوض عليهم شباب من الطائفة الشيعية ينتمون إلى حزب الله الذي يقوم للمرة الثانية بعمل ضد الكويت بعد محاولة اغتيال أمير الكويت المرحوم الشيخ جابر الأحمد والتي باءت بالفشل.

كيف وصلت مخططات حزب الله الى عقول هؤلاء المواطنين، وكيف نفسر انتماءهم الى حزب الله، وطبعا من ورائه إيران وتفضيلهم لهما عن وطنهم الأم؟

من هو وراء تكوين فكر هؤلاء الشباب، وكيف تسلل لهم هذا الانتماء وعن أي طريق، وأي جهة، وما الأسباب التي دفعتهم إلى الانضمام إليهم حيث لا توجد لديهم أسباب قوية تدفعهم لكل هذا العمل الإجرامي الرهيب، فهم موظفون في الدولة ويملكون بيوتا ومزرعة استطاعوا تخزين السلاح فيها، وهذا يعني أنه لا توجد لديهم مشاكل مادية أو قهرية في بلد يكفل للمواطن كل سبل العيش المريح، وليسوا مقهورين أو تحت خط الفقر، فما الذي دفعهم إلى سكة وميدان الإرهاب؟

ظاهرة تجنيد الشباب وتطويع فكرهم لمخططات إرهابية خارجية يجب أن تقوم الكويت بكل مؤسساتها باجراء دراسات وبحوث قوية جادة حتى تكشف وتطوق التسلل الفكري الإرهابي الذي يريد أن يدمر الكويت ويزعزع أمنها ويقضي عليها، فلا يكفي الإعلان أنهم فئة ضالة وقُبض عليهم، لأن المنهج والسبيل الذي فرخهم أكيد أنه فرخ غيرهم وربما لم يكتشفوا بعد.

من يُقبض عليه ليس إلا أداة صغيرة في قبضة منظمة تحركها وتحرك غيرها كيفما شاءت وبأي اتجاه تخطط له، لذا يجب ألا تنام أجهزة الدولة بمجرد القبض على الأداة الصغيرة، يجب البحث عن محركها الذي يختبئ وراءها واتخاذ كل الإجراءات ضده.

وهناك أمر آخر محير، وهو كيفية دخول ترسانة السلاح هذه إلى الكويت دون أن تُكتشف ويُعرف أمرها، وهذا الموضوع مخيف جدا، فهل هناك إهمال في الرقابة والتفتيش على منافذ الدخول والخروج من الكويت، أم أن هناك تعاونا من أطراف أخرى سمحت بدخولها، وهذا الأكبر والأخطر؟

تحية إلى رجال وزارة الداخلية، وعساكم على القوة، والله يحفظ الكويت من سوء يُراد بها.