بات في حكم المؤكد، إلا إذا طرأت مستجدات في اللحظة الأخيرة، أن تنضم إيران إلى الدول التي من المتوقع أن تلتقي اليوم في "فينَّا" في النمسا للبحث عن حل للأزمة السورية، التي زادها التدخل العسكري الروسي تعقيداً ومأساوية، وبذلك تكون روسيا قد فرضت إرادتها ورغباتها على الآخرين، وبخاصة الولايات المتحدة التي تسبب ترددها وتسببت ميوعة مواقفها في وصول هذه الأزمة إلى ما وصلت إليه، وإلى أن يصبح الرئيس فلاديمير بوتين هو صاحب القرار والرقم الصعب في هذه المنطقة الملتهبة، والتي أغلب الظن أنها ستزداد التهاباً في الأيام والفترات المقبلة!
رحم الله أبا الطيب المتنبي حينما قال:يا أعدلَ الناس إلا في معاملتيفيك الخصامُ وأنتَ الخصمُ والحكمُفإيران التي فرضت نفسها وفرضها الروس على اجتماع اليوم فرضاً، لا يمكن أن تسعى إلى أي حل للأزمة السورية التي كانت ولا تزال سبباً رئيسياً من أسبابها، إلا حلها، وحلها هو هذا المتجسد على الأرض في سورية، وهو "تجذير" احتلالها لـ"القطر العربي السوري" والإبقاء على بشار الأسد كشاهد زور، وكما يعرف بـ"المُجحِّش" الذي في هذه الحالة لا دور له إلا إعطاء "الشرعية" للاحتلال الإيراني وللاحتلال الروسي واحتلال "حزب الله" واحتلال أكثر من أربعين تنظيماً تم استيرادها من أربع رياح الأرض!سيكون دور إيران في هذا الاجتماع، وأي اجتماع مماثل لاحق، معطِّلاً ومميِّعاً، وسيحاول الإيرانيون المشهورون بالمناورات والألاعيب السياسية إدخال حل الأزمة في نفق مظلم لا بصيص ضوء في نهايته، فهم يعتقدون، وهو اعتقاد صحيح، أن عامل الوقت بالنسبة لهذه الأزمة لمصلحتهم، وإن رداءة الأداء الأميركي ستجعل حلفاءهم الروس أكثر هجومية، بحيث تنتهي الأمور إلى أن يصبح القرار للميدان والطائرات المقاتلة و"تتقزم" الحلول إلى مجرد إجراء انتخابات لمجلس الشعب بمشاركة المعارضة "المدجنة" والمخترقة من قبل مخابرات بشار الأسد بالطول والعرض.ما كان يجب الرضوخ للإملاءات الروسية إطلاقاً، فالروس يتحدثون مع الأميركيين ومع الأوروبيين ومع العرب والأكراد من فوهات مدافعهم وعلى أنغام زمجرات طائراتهم وصواريخهم، وهذا يقابله الكلام الحمال الأوجه غير المفهوم، وغير القابل للإعراب، الذي أطلقه جون كيري في بداية هذه الأزمة، والذي يواصل إطلاقه حتى الآن، ولذلك فإن حضور إيران ومشاركتها في اجتماع اليوم سيكون عامل توتير وتعقيد وابتعاد عن الحل الذي لا غيره حل، وهو أنه لا وجود لبشار الأسد في مستقبل سورية.وهنا... ألا يعني قول رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دنفور، في تصريح أطلقه قبل بضعة أيام: "إن موازين القوى العسكرية بدأت تميل لمصلحة بشار الأسد" أن هناك استعداداً للاعتراف بتحقيق الروس لأهدافهم في سورية؟ ثم ألا يعني هذا أن القبول بإيران "خصماً وحكماً" في الوقت ذاته ودعوتها إلى مؤتمر اليوم قد جاء تحت ضغط أن موازين القوى أصبحت تميل لمصلحتهم ومصلحة الروس... والمعروف أن من أصبحت الموازين تميل إلى مصلحته أصبح هو القادر على فرض رأيه وإرادته على الآخرين، حتى وإن كانت في مقدمة هؤلاء الولايات المتحدة الأميركية، التي من المفترض أنها تملك أكبر قوة عسكرية في الكرة الأرضية!
أخر كلام
إيران... الخصم والحكم!
30-10-2015