المحصلة الصفرية في القضايا العربية
يحمل شهر أغسطس الكثير لعالمنا العربي، فقد ابتدأ بحوار الدوحة ثم التغييرات اليمنية والوساطة العمانية للإفراج عن السيدة الفرنسية، لكنه لم يحمل حلا للحركة العشوائية من اللاجئين التي اتخذت من لبنان مركزا فأغلقت الأمم المتحدة مدارسها، وتوجهت لليبيا واليونان فأصابتها كوارث الغرق والضياع فإلى متى؟!• المحطة الأولى: اليمن، فنجد كلمة زنجبار يتردد ذكرها في نشرات الأخبار العربية والأجنبية، وذلك لأن القوات الموالية للشرعية في اليمن حققت مكاسب جديدة هذا الأسبوع، وذلك عبر بسط سيطرتها على زنجبار عاصمة محافظة أبين شرقي عدن، الأمر الذي دفع الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس السابق صالح الذي جمدت تركيا أمواله، للفرار باتجاه محافظات أخرى، وتتبعها اليوم القوات إلى تعز، أما المختطفة الفرنسية في صنعاء التي وقعت رهينة لخاطفيها منذ فبراير من هذا العام فقد نجحت الوساطة العمانية وأطلق سراحها.
لم تنجح محاولات الخارجية الفرنسية في المنطقة إنما نجحت سلطنة عمان في القيام بدور الوسيط الذي تتقبله الأطراف جميعها، الأمر الذي يؤهل السلطنة للأدوار التفاوضية القادمة في المنطقة إلى جانب الكويت، والتي قامت بدورها المتميز تجاه» الوساطة الكبرى» في رأب الصدع بين دول مجلس التعاون الخليجي. من الجدير بالذكر أن مدينة تعز اليمنية قد أصبحت على مشارف كارثة بسبب المعارك العنيفة بين أنصار صالح والحوثيين وقوات الرئيس عبدربه منصور، هذا الحصار يجب أن يسترعي انتباه المراكز الإنسانية اليوم بسبب انزلاق تعز إلى كارثة ستؤهلها لتصبح مرتعا للأمراض الوبائية الخطيرة.• مؤتمر الدوحة الذي عقد قبل عدة أيام لم يجد حماسا من الصحف الأجنبية والعربية؛ بسبب ارتفاع سقف التطلعات، وتلك هي عادتنا قبل انعقاد المؤتمرات الإقليمية والدولية، فالحراك الدبلوماسي الأجنبي بالدوحة لم يكن مجديا، والإعلام الغربي تحدث عن افتقاد التغيير الملموس، ولم يحقق المؤتمر أي تغيير في الأزمة السورية والتحولات في السياسة الإيرانية بعد الاتفاق النووي، والاجتماع ضم وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا والسعودية.فموسكو ينظر إليها على أنها تريد أن تملأ فراغا دبلوماسيا، وتبحث عن وسيلة التقارب بينها وبين الولايات المتحدة فتجدها في ملف الإرهاب، ووسيلة للاختلاف أيضا عبر الموقف من نظام الأسد، والأعين تتجه إلى طهران لقياس مدى تأثير توقيع الاتفاق النووي على الأزمة السورية، وتركيا أيضا على حد وصف الفرنسيين تتحدث كثيرا وتفعل قليلا، خلاصة الموضوع الكل ينتظر الكل ليتحرك والمحصلة صفرية. • لبنان وأزمته في استقطاب اللاجئين: فالمخيمات الفلسطينية امتلأت بنصف مليون لاجئ فلسطيني في شهر أغسطس، وهي تحت إدارة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، و«الأونروا» قامت بتعطيل العام الدراسي أكثر من خمسة وثلاثين ألف طالب فلسطيني في لبنان، ورغم نظرة الوكالة إلى لبنان على أنه بلد اللجوء من الكوارث فإن بلد اللجوء هذا بدأ يعاني التضخم السكاني، ووجود أكثر من مليون ومئتي ألف لاجئ سوري، ووقف الدراسة سيسبب اضطرابا اجتماعيا، فهل تحركت الدول العربية لاختيار الملاذ الآمن لتعليم اللاجئين؟• ليبيا وفوضى الهجرة: تشهد ليبيا خلال هذا الشهر حالة استثنائية من الهجرة غير الشرعية إليها، فجمعت المرتزقة من المقاتلين وسط هروب العرب الليبيين بالقوارب إلى اليونان والمدن الأوروبية الأخرى، وكيف لنا أن نستوعب أن ليبيا الدولة النفطية الغنية التي كانت توصف بأنها غارقة في النفط أصبحت اليوم غارقة بالمهاجرين غير الشرعيين وطاردة لأهلها وسكانها الأصليين؟الخطورة اليوم تكمن في وصول الميليشيات المتطرفة إلى طرق الإمداد التجاري في جنوب ليبيا، وصعود الكيانات القبلية ومطالباتها بكيان سياسي جديد في الوقت الضائع، فمن بيده إيقاف وصول الإرهابيين وقطاع الطرق إلى المنافذ التجارية في القارة السمراء قبل فوات الأوان؟ ولمصلحة من تعم الفوضى؟• كلمة أخيرة: بدلا من الانشغال والامتعاض الرسمي من سارق البطة اللندنية، لماذا لا يتم تصميم برنامج أو تطبيق هاتفي (أبليكيشن) يوضح قوانين الدول ويمنح السائح العربي النصائح السليمة؟• وكلمة أخرى: تجد عددا من رواد مطار الكويت جالسين على الأرض غير عابئين بوجود المقاعد ويتحدثون عبر هواتفهم بصوت عال.وفي شارع الخليج السياحي تجد أناسا يجلسون على العشب الأخضر، ويرمون الفحم والمخلفات على الأرض، ولم تستطع الدولة حتى الآن منعهم بحجة المحافظة على سمعة الكويت الداخلية.فمتى يتم تطبيق القانون ليشعر المواطن أنه واجهة حسنة لبلده في كل مكان وزمان، فصمتنا أمام انتهاك الوافد لواجهتنا المحلية سيدفع المواطن ليقوم بالعمل ذاته بالخارج؟