الأمم المتحدة شريك في التطهير الطائفي بسورية
أخيراً، وافق النظام السوري وحليفه الميليشوي اللبناني (حزب الله) على دخول قافلة مساعدات وحيدة إلى مدينة مضايا السورية المحاصرة من قبلهما منذ أكثر من 200 يوم، بعد الصور المروعة للمجاعة التي يعيشها أكثر من 40 ألف نسمة محاصرين داخلها من أطفال ونساء وشيوخ، وبعد أن أحست منظمة الأمم المتحدة - التي يراقب منتسبوها أحوال الشعب السوري - أنها شريكة في ما يحدث لأهل مضايا، وهو ما وضع المنظمة في حرج شديد، كان مطلوباً أن يرفعه عنها من تتعاون معهم في عقد الهدن وترحيل السكان وتحقيق ما يتطلعون إليه من تطهير طائفي يستهدف إخلاء جميع المناطق المحاذية للحدود اللبنانية السورية من سكانها السوريين السنة، لرسم حدود الدولة العلوية – الشيعية في الشام.طبعاً كان مطلوباً من الأمم المتحدة أن تعلن عبر مؤسساتها، وخاصة الجمعية العامة ومجلس الأمن، عن حالة كارثة إنسانية في سورية، ولكنها لم تفعل، ولولا الصور المأساوية التي تسربت عما يحدث من تجويع في مضايا وغيرها من المدن السورية من نظام الأسد وحزب الله، لم يمارسه سوى المغول في غزواتهم البربرية والنازيين في حربهم العالمية، لما درى عنهم العالم، وطبعا فإن شريكي الدم والمجازر (الأسد – حزب الله) سيبادران للتخفيف من وطأة الحرج عن الأمم المتحدة المتعاونة معهما، وكذلك الزخم الإعلامي عن مضايا، حتى يقع حدث كبير في مكان آخر، مثل قيام إرهابي مجنون بعملية في أوروبا وخلافه، فيستديرا إلى مضايا مرة أخرى ليكملا جرائمهما وعمليات الترحيل والتطهير الطائفي، وهو ما حدث في مخيم اليرموك داخل دمشق، فعندما كان العالم مشغولاً بجريمة "داعش" بحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، كان النظام السوري وحلفاؤه يقومون بأكبر عملية إبادة وتجويع وترحيل لسكان المخيم.
ولا تقوم الأمم المتحدة التي ترعى الهدن ونقل السكان السوريين أبداً بعملية تسجيل وتوثيق لأسماء وممتلكات من يتم اقتلاعهم من أرضهم في سورية، حتى لا يتمكنوا أبداً من العودة، وتسهل عملية إحلال سكان آخرين من طوائف أخرى في أرضهم، وهو الأسلوب نفسه الذي استخدم مع الفلسطينيين الذين اقتلعوا من أرضهم، بينما في قضية تيمور الشرقية التي وقعت بين مسلمي إندونيسيا وسكان الجزيرة، على سبيل المثال، كان التدخل الدولي (الأستراليون) يعدون سجلاً موثقاً بأسماء النازحين بسبب العنف المتبادل وممتلكاتهم العقارية.وفي حين يتحرك حزب الله وميليشياته بكل حرية لفعل الأفاعيل في الشعب السوري، فإن أي محاولة من سني لبناني لنقل كيلوغرام واحد من القمح إلى الزبداني أو مضايا سيواجه بالنار من الجيش اللبناني المغطى والمدعوم من الولايات المتحدة والأوروبيين والأمم المتحدة والممول من دول الخليج العربي! ليلعب هذا الدور، لأن خلق دولة علوية – شيعية ودويلات سنية ودرزية وكردية هو أغلى أماني إسرائيل التي ستضمن وجودها الأبدي إذا تم ذلك، بينما ستحافظ موسكو على وجودها الوحيد على البحر المتوسط عبر حماية ممارسات الطائفة العلوية لما قامت به من تدمير لسورية وإيغال في دماء أغلبيتها من السنّة.