زوزو حمدي الحكيم... سكينة الشاشة السينمائية

نشر في 02-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 02-07-2015 | 00:01
No Image Caption
ولدت زوزو حمدي الحكيم عام 1912 في إحدى قرى محافظة المنوفية. تزوجت للمرة الأولى في القرية وهي في السادسة عشرة من عمرها وكان زواجاً فاشلاً لم يدم طويلاً، ثم انتقلت إلى القاهرة لتكمل تعليمها وحصلت على الثانوية العامة رغم قلة الفتيات في تلك المرحلة التعليمية.
كانت أول صلة لها بالفن عندما قرأت إعلانا عن معهد التمثيل الأول الذي تأسس عام 1930، وكان يطلب فتيات مثقفات، فكانت من أوائل المتقدمات، والتحقت بالدفعة الأولى من المعهد الحكومي الذي كان يعتبر الأول من نوعه في الوطن العربي.
نجحت زوزو حمدي الحكيم في اختبارات معهد التمثيل الأول رغم عدم وجود سابق خبرة لها في هذا المجال، فكانت واحدة من 10 متقدمات تم قبولهن من أصل 39 فتاة تقدمن للجنة امتحان القبول التي تشكلت من الأديب الكبير طه حسين، الفنان المسرحي جورج أبيض، والفنان الكبير زكي طليمات. وتفوقت زوزو في العام الأول على جميع الطلاب، لكن المعهد لم يستمر إلا لعام فقط وأغلق أبوابه بعدها.

كان وجودها في المعهد قد منحها فرصة التعرف إلى الوسط الفني عن قرب، ونشرت صورتها على غلاف مجلة «الكواكب» الفنية التي كانت تصدر كملحق في مجلة المصور الأسبوعية، وتعرفت إلى الصحافي المشهور آنذاك محمد التابعي الذي ارتبط بها، لكن زواجهما لم يدم طويلا.

بدأت زوزو مسيرتها الفنية عام 1932 واستمرت نحو نصف قرن قدمت خلالها أكثر من 200 عمل متنوع بين السينما والإذاعة والتلفزيون. كانت بدايتها من خلال فرق مسرحية تأسست آنذاك، أبرزها الفرقة القومية للمسرح، وهي كانت من أوائل الممثلات فيها مع دولت أبيض وعزيزة أمير، وزينب صدقي ونجمة إبراهيم.

فرضت ملامح زوزو عليها نوعية محددة من الأدوار، فكان جمالها يعبر عن الجمال الريفي المصري. لم تكن ملامحها أقرب إلى الأوروبيات وهي الموضة التي كانت سائدة آنذاك، ما جعلها تتحرك بين أدوار الفتاة القوية في شبابها والشريرة في مرحلة ما بعد الشباب، جامعة بين القوة والشر.

التحقت زوزو بفرقة نجيب الريجاني، حيث قدمت دور البطولة أمام الأستاذ في مسرحيته الشهيرة «الدنيا لما تضحك»، فكان أقوى ظهور لها على خشبة المسرح، ورغم نجاح المسرحية فإنها لم تستمر في العمل مع فرقة الريحاني.

ويقال إن الشاعر أحمد ناجي كتب قصيدة «الأطلال» بسببها وبسبب قسوتها عليه وعدم مبادلتها له الحب نفسه الذي كان يكنه لها. لكنها ظلَّت تؤكد أن القصيدة لم تكن لها، وأن ناجي كان متزوجاً عند كتابتها وهي أيضاً، مؤكدة أن الصحافة ظلمتها في هذه القصيدة، لأنها لم تكن عنها ونسبت إليها لدرجة أن أستاذاً شرحها بهذه الطريقة خلال دراسة ابنتها في كلية الآداب، ما تسبب في مشكلة بينهما.

«النائب العام»

بدأت زوزو مسيرتها السينمائية من خلال فيلم «النائب العام» مع المخرج أحمد كامل مرسي والذي شاركت فيه مع مديحة يسري وعباس فارس. جسَّدت شخصية المرأة اللعوب التي تدفع ابن النائب العام إلى القتل، فيما كان نقطة التحول في مسيرتها الفنية اختيارها من المخرج صلاح أبو سيف لتقديم شخصية سكينة أمام الفنانة نجمة إبراهيم في فيلمه الشهير «ريا وسكينة» المستوحى من قصة أشهر سيدتين تورتطا في قتل نساء وسرقة مصوغاتهن عام 1922.

كان إسناد البطولة إلى الثنائي زوزو ونجمة مغامرة كبيرة من المخرج المصري لأنهما ليستا من النجمات المحبوبات الجميلات آنذاك، لكن عناصر النجاح والجاذبية التي أحاطت بالعمل جعلته يحقق نجاحاً كبيراً، بينما جاء تقديم أنور وجدي دور الضابط باعتباره نجم شباك في تلك الفترة، خصوصاً أن موزع الفيلم كان يخشى إخفاق العمل لعدم وجود «نجم» فيه.

أعيد تقديم الفيلم بأكثر من بطلة لشخصية سكينة ولكن لم تحقق أي فنانة النجاح الذي حققته زوزو، فكانت «سكينة» السينما المصرية التي استعان بها الفنان إسماعيل ياسين لاحقاً لتقديم فيلمه «إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة»، وحقق أيضاً نجاحاً كبيراً.

محظوظة

رغم عدم حصول زوزو حمدي الحكيم على فرصة تلائم موهبتها السينمائية فإنها كانت محظوظة بالمشاركة في بطولة فيلم «المومياء» الذي قدمه شادي عبد السلام، ويصنَّف ضمن أفضل أفلام السينما المصرية على الإطلاق، فجاء قيامها بدور الأم مناسباً لمرحلتها العمرية وأظهرت حركات متزنة وقوية معبرة عن الشخصية التي قدمتها، خصوصاً أن الدور أتاح لها فرصة التمثيل باللغة العربية الفصحى في السينما وهي تجيدها بشكل قوي، لكنها لم تقدمها سوى على خشبة المسرح باستثناء دورها في «المومياء».

كانت الشدة والشر تسيطران على جميع أدوارها تقريباً، فجسدت في فيلم «واإسلاماه» شخصية راعية حريم السلطان التي تتميز بالحزم، بينما جسدت في «بيت الطالبات» شخصية سيدة ترعى مجموعة من الفتيات المراهقات وتتعامل معهن بقوة، بينما جمع بين الدورين رفض الحب الذي يتعارض مع مسؤوليات عملها، فيما قدمت في فيلم «صراع الأبطال» شخصية السيدة الأرستقراطية المتكبرة التي تلقى مصرعها تحت أقدام الفلاحين في نهاية الفيلم.

شلل وتجاهل

أصيبت زوزو بمرض الشلل بشكل مفاجئ عام 1989، ما جعلها تلازم منزلها لأكثر من 14 عاماً حيث فارقت الحياة في 18 مايو 2003 إثر تدهور حالتها الصحية عن عمر يناهز 91 عاماً، فيما كرمت بالمهرجان القومي للسينما عام 1995.

عانت زوزو في حياتها من التجاهل، فكانت تشعر بعدم التقدير، خصوصاً أن أياً من الفنانين لم يسأل عنها خلال مرضها واعتزالها، فكانت ترى أن الفن يتعامل مع الممثلين باعتبارهم «خيل الحكومة» الذي لا يكون له قيمة عندما يكبر، بينما كانت ترى في زميلتها أمينة رزق القدرة على مواكبة التطورات الفنية باعتبارها حياتها التي لا تستطيع الابتعاد عنها، واكتفت في العقود الثلاثة الأخيرة من عمرها بالاعتزال ومتابعة التلفزيون.

back to top