خفض البنك المركزي سعر الجنيه اليوم الخميس للمرة الأولى منذ يوليو تموز في خطوة يراها الاقتصاديون ضرورية للتخفيف من أزمة العملة الصعبة ودعم الاحتياطيات الأجنبية الآخذة في التناقص.

Ad

وهبط الجنيه في عطاء البنك المركزي لبيع الدولار عشرة قروش ليصل سعر بيع الدولار للجمهور في البنوك إلى 7.93 جنيه اليوم بينما قفز الدولار في السوق الموازية إلى 8.25 جنيه وسط امتناع التجار عن البيع.

وباع البنك المركزي في عطاء اليوم 39.6 مليون دولار بسعر 7.8301 جنيه للدولار مقارنة مع 7.7301 جنيه يوم الثلاثاء.

ويسمح البنك المركزي للبنوك بتداول الدولار بفارق عشرة قروش فوق أو دون سعر البيع الرسمي بينما يسمح لمكاتب الصرافة بتداول الدولار بفارق 15 قرشا.

وأفاد متعاملون أن الجنيه هبط بشدة في السوق الموازية اليوم حيث تراوح 8.22 و8.25 جنيه للدولار مع توقف حركة بيع العملة الأمريكية ترقبا لمزيد من الارتفاع في سعرها.

وقال أحد المتعاملين "لا يوجد بيع. الكل يترقب مزيدا من الهبوط في سعر الجنيه."

وتواجه مصر أزمة في العملة الصعبة بعد أربع سنوات من الاضطرابات السياسية والاقتصادية. وتفاقمت الأزمة بفعل تقويم الجنيه بأعلى من قيمته الحقيقية حسبما يرى كثير من الاقتصاديين.

وقال مصدران مصرفيان لرويترز إن خطوة البنك المركزي اليوم كانت متوقعة منذ فترة وإنها تستهدف تقريب قيمة الجنيه من مستواه الحقيقي وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.

وقال أحدهما إن خفض الجنيه اليوم يأتي "في ضوء التطورات المتعلقة بالاقتراض من البنك الدولي."

وأعلنت الحكومة المصرية أمس الأربعاء إنها تتفاوض على قرض حجمه ثلاثة مليارات دولار من البنك الدولي لتخفيف حدة نقص العملة الصعبة.

وكان البنك المركزي سمح في يوليو تموز للجنيه بالانخفاض بإجمالي 20 قرشا في عطاءين ليصل إلى 7.7301 جنيه للدولار.

وتسعى مصر للسيطرة على السوق السوداء للعملة التي ازدهرت بشدة في فترة من الفترات من خلال إجراءات كان من بينها وضع سقف للإيداع بالدولار في البنوك.

وقد يؤدي السماح بنزول سعر الجنيه إلى تعزيز الصادرات وجذب مزيد من الاستثمارات لكن الإجراء قد يرفع أيضا فاتورة واردات الوقود والمواد الغذائية المرتفعة أصلا.

وهبطت احتياطيات مصر من النقد الأجنبي - التي بلغت نحو 36 مليار دولار قبل انتفاضة 2011 - إلى 16.335 مليار دولار في نهاية سبتمبر أيلول رغم مساعدات بمليارات الدولارات من دول خليجية منذ منتصف 2013.

وقال اقتصاديون إن احتواء أزمة النقد الأجنبي يتطلب عودة السياحة الدعامة الرئيسية للاقتصاد التي تضررت منذ انتفاضة 2011 إضافة إلى خفض فاتورة واردات الطاقة التي تستنزف نحو 700 مليون إلى مليار دولار شهريا.

ويقول المحللون إن هناك مخاوف من أن يؤدي خفض قيمة الجنيه إلى تأجيج التضخم في البلاد حيث يعيش عدد كبير من السكان على حد الكفاف وهو ما يحد من قدرة البنك المركزي على اتخاذ إجراءات حاسمة.

لكن الضغوط التي شهدتها أسواق العملة في الفترة الأخيرة جعلت الجنيه المصري يبدو مقوما بأعلى من قيمته الحقيقية.

وقال هاني فرحات كبير الخبراء الاقتصاديين لدى سي.آي كابيتال "ارتفعت قيمة الجنيه المصري بالمعايير الحقيقية في الأشهر القليلة الماضية وبلغت ذروتها في 2015 مع هبوط قيمة العملات العالمية.

"رغم أن التحديات الهيكلية التي تواجه ميزان المدفوعات تشير إلى أن خفض قيمة الجنيه لن يحل كل المشكلات... فمن المؤكد أنها خطوة أساسية يجب اتخاذها لتحسين قاعدة النقد الأجنبي."