تفاءل اقتصاديون بقرار الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، تعيين طارق عامر، رئيس البنك الأهلي السابق، محافظًا للبنك المركزي، خلفاً لهشام رامز الذي تقدم باستقالته، مع تفاقم أزمة الدولار في مصر.

Ad

وكلف الرئيس المصري، طارق عامر بالعمل محافظاً للبنك المركزي مدة أربع سنوات، اعتباراً من 27 نوفمبر 2015، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل سينجح طارق عامر في مهمة ضبط سوق الصرف واستقرار سعر الدولار مقابل الجنيه الذي يواصل النزيف لأكثر من نصف العام؟

بدأ طارق عامر، العمل بالقطاع المصرفي منذ عام 1982 من خلال التحاقه ببنك أوف أميركا حتى عام 1987 م ثم تولى مدير عام البنك المصري الأميركي في الفترة من عام 1992 وحتى عام 2000 وعمل عامر مديراً للمشروعات في دول الخليج بسيتى بنك حتى عام 2002.

كما شغل منصب المدير العام لبنك الكويت والبحرين بالكويت في الفترة من فبراير 2002 حتى فبراير 2003 ثم أصبح نائب رئيس بنك مصر حتى ديسمبر 2003، ثم نائباً لمحافظ البنك المركزي حتى عام 2008 وصولاً إلى رئاسة البنك الأهلي المصري حتى عام 2013 ورئيس اتحاد البنوك المصرية.

ويعد طارق عامر من أبرز الشخصيات المصرفية التي عملت بالقطاع في أصعب أوقاته حيث تولى منصب نائب محافظ البنك المركزي مدة 4 سنوات منذ أواخر عام 2003 وفي الوقت الذي شهد ارتفاع سعر صرف العملة الأجنبية أمام الجنيه ليصل إلى 7.30 جنيهات، فضلاً عن تعويم العملة المحلية التي قامت بها المجموعة الاقتصادية إلى جانب العديد من المشكلات في البنوك المصرية، حيث بلغت الديون المتعثرة 130 مليار دولار.

تحديات

وفي ظل هذه التحديات استطاع عامر تحت قيادة دكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي وقتها تنفيذ برنامج للإصلاح المصرفي محققين نجاحاً بضبط سعر الصرف حتى بلغ نحو 5.50 جنيهات وتقليص الديون المتعثرة التي طالما عانت منها البنوك المصرية بنحو 110 مليارات دولار لتصل إلى 20 مليارا.

شغل طارق عامر منصب نائب أول محافظ البنك المركزي خلال الفترة من عام 2003 حتى عام 2008، وشارك خلال تلك الفترة في تنفيذ وإعداد برنامج إصلاح القطاع المصرفي والسياسة النقدية.

كما شغل عامر منصب رئيس البنك الأهلي المصري مدة خمس سنوات منذ عام 2008 حتى عام 2013، وهي الفترة التي قاد خلالها عملية إصلاح شاملة للبنك، أشادت بها العديد من المؤسسات المالية على الصعيدين الدولي والإقليمي، ورفع أرباح البنك لتصل إلى 4 مليارات جنيه سنوياً.

ضجة كبيرة

وجاء قرار تغيير محافظ البنك المركزي المصري وسط ضجة كبيرة بسبب هبوط الجنيه أمام الدولار الأميركي، خلال الأسابيع الماضية، الأمر الذي أرجعه العديد من الخبراء إلى أنه قد يكون سبب استقالة أكبر مسؤول عن السياسة النقدية في مصر.

وفور الإعلان عن قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي بقبول استقالة محافظ البنك المركزي، هشام رامز، وتعيين طارق عامر خلفاً له مدة 4 سنوات اعتباراً من 27 نوفمبر الماضي، تواردت تقارير حول تأرجح سعر صرف الدولار، سواء في السوق الرسمية أو الموازية.

وبينما أكدت مصادر بسوق الصرافة أن الدولار واصل ارتفاعه في «السوق السوداء» الأربعاء، حيث سجل 8.60 جنيهات، بينما بلغ سعره في التعاملات الرسمية 7.93 جنيهات، ذكرت مصادر أخرى أن الدولار تراجع بمقدار 20 قرشاً دفعة واحدة، فور الإعلان عن استقالة محافظ البنك المركزي.

انتقادات شديدة

وواجه رامز انتقادات شديدة بسبب انخفاض الجنيه لمستويات قياسية مقابل العملة الخضراء، وأكد محللون أن خفض قيمة العملة المحلية أمر ضروري لدعم الواردات واحتياطي العملة من النقد الأجنبي، حيث انخفض حجم الاحتياطي منذ عام 2011، من 36 مليار دولار، إلى ما يقرب من 16 مليار دولار حالياً.

ووصف المحلل المالي، وائل النحاس، قرار تعيين عامر، الرئيس السابق للبنك الأهلي المصري، بمنصب محافظ البنك المركزي، بأنه «أمر صائب تأخر كثيراً»، لافتاً إلى أنه «كان له دور بارز في تطوير الكثير من الخدمات بالبنك الأهلي، وتحويله إلى الربحية».

وقال النحاس، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إن «عامر يجيد التعامل مع السوق السوداء والموازية»، متوقعاً ضبط سعر الدولار، وتقليل الفجوة بين السوق الرسمية والسوداء خلال الفترة المقبلة، بعدما وصل سعر الدولار في بعض مكاتب الصرافة إلى 8.60 جنيهات.

من جهته، قال المحلل المالي، ايهاب سعيد، إن فترة عمل هشام رامز، محافظ البنك المركزي «المستقيل»، كانت ستنتهى في 26 من الشهر المقبل، وإنه استقال من منصبه حتى لا يتم التجديد له، كما أنه وراء ترشيح طارق عامر رئيس البنك الأهلي لمنصب محافظ المركزي.

وأضاف سعيد، في تصريحات لـCNN بالعربية، أن الإجراءات الاحترازية التي اتخذها بشأن أزمة الدولار، من بينها تحديد حجم السحب والإيداع بالبنوك، كان سببا رئيسياً في الازمة الحالية وفي ارتفاع الفجوة بالسوق السوداء، وعدم استطاعة المستوردين تأمين احتياجاتهم من العملة الأجنبية.

إلا أنه أكد أن خفض قيمة الجنيه أمام الدولار كان «أمراً حتمياً»، حيث كان رامز يضع سياسة تدريجية في هذا الاتجاه، لاسيما أن التأخر في خفض العملة كان له أثر بالغ بعد تخفيض الصين ودول أخرى لسعر صرف عملاتها، ما ساعد على إغراق المستوردين للسوق وتأثير بالغ على الواردات واحتياطي النقد.

السياسات النقدية

وأشار الخبير المالي إلى حوار أجرته إحدى الصحف الخاصة مع محافظ البنك المركزي قبل عدة أيام، أكد خلاله أن دوره ليس توفير الدولار الأميركي، ولكنه دور الحكومة، وأنه يضع فقط السياسات النقدية، ووصف ذلك الحوار بأنه مؤشر الى أنه كان يعتزم تقديم استقالته.

كما اعتبر سعيد أن محافظ البنك المركزي «المكلف»، طارق عامر، قام بتحقيق ما وصفها بـ»طفرة كبيرة في البنك الأهلي، وحوله إلى الربحية بعد خسائر كان قد تعرض لها في السابق»، إلا أنه رجح أن تكون سياسته النقدية قريبة من المحافظين السابقين، فاروق العقدة وهشام رامز.

وذكر خبير مصرفي لـCNN بالعربية، طلب عدم ذكر اسمه، أن حالة من «الارتباك» خيمت على الاجتماع الأخير للحكومة، بسبب تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي، وإجراءات البنك المركزي في مواجهة الأزمة، وتخفيض العملة المحلية «الجنيه» أمام الدولار.

ولفت المصدر إلى أن الاجتماع شهد خلافاً بين عدد من وزراء المجموعة الاقتصادية ومحافظ البنك المركزي، على خلفية «انفراد» رامز بقيادة ملف السياسة النقدية، في وقت ينفرد وزير المالية، هاني قدري دميان، بقيادة ملف السياسة المالية والضريبية.

ومن المقرر أن تنتهي مدة مجلس إدارة البنك المركزي في 26 نوفمبر 2015، وذكر التلفزيون الرسمي عبر موقعه «أخبار مصر»، أن قرار الرئيس السيسي بتكليف طارق عامر بالعمل محافظاً للبنك مدة أربع سنوات، اعتباراً من 27 من الشهر المقبل.

جهود مخلصة

وبينما أعرب السيسي عن تقديره لـ«الجهود المخلصة»، التي بذلها محافظ ومجلس إدارة البنك المركزي، خلال فترة «شهدت ظروفاً اقتصادية دقيقة، في ظل معطيات إقليمية ودولية صعبة»، فقد وجه المحافظ «المكلف» بالمضي قدماً في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.

كما شدد الرئيس على «ضرورة اتباع سياسات مالية ونقدية رصينة، تؤتي ثمارها المرجوة، ويشعر المواطنون بنتائجها الإيجابية»، مؤكداً على «أهمية عدم المساس بمحدودي الدخل، والفئات الأولى بالرعاية، والعمل على توفير كافة سبل الدعم لهم»، وفق التلفزيون الرسمي.

(العربية. نت، وسي ان ان)