أمين مجمع الفقه الإسلامي في جدة د. أحمد خالد بابكر لـ الجريدة.: «الأمية الدينية» وراء انتشار التطرف في العالم العربي
رأى أن تحصين الشباب ضد الجماعات الإرهابية مسؤولية المؤسسات الدينية
قال الأمين لمجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، د. أحمد خالد بابكر، إن الجهل والأصابع الخبيثة التي تعبث بدول المنطقة وراء انتشار التيارات المتطرفة وأفكارها الشاذة في عالمنا الإسلامي للنيل من الدين وتشويه صورته، داعيا في حوار مع "الجريدة" إلى ضرورة توعية الشباب وتنويرهم للحيلولة دون استقطابهم من جانب تيارات التشدد والتطرف. وإلى نص الحوار.
• حدثني عن مجمع الفقه الإسلامي ودور منظمة التعاون الإسلامي حاليا.- مجمع الفقه الإسلامي الذي يتبع منظمة المؤتمر الإسلامي، هو المرجعية الفقهية للمسلمين في أقطار الأرض كلها، بينما المنظمة تحمل هموم العالم الإسلامي، وتحديدا 57 دولة في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وحتى الجاليات المسلمة في الخارج تسعى المنظمة للتصدي لمشكلاتها بكل قوة، وتقدم كل ما يلزم لإزالة العقبات وحل كل المشكلات التي تواجه دولنا الإسلامية.• هل المشكلات التي تواجه الدول الإسلامية أكبر من المنظمة؟- طبعا، فالمعوقات كثيرة وكل دولة لها مشكلاتها، لكن المنظمة ترفض الوقوف موقف المتفرج، وتبذل قصارى جهدها من أجل رأب الصدع وتقريب وجهات النظر والتدخل بشكل إيجابي لإنهاء أزمة أي دولة عربية وإسلامية، لأن الإسلام دين يدعو إلى السلام والتعايش مع الآخر ونبذ العنف والتطرف.• لكن لم نر دورا ملموسا لمنظمة التعاون تجاه الأزمات الأخيرة.- المنظمة تجتمع بالدول الأعضاء من وزراء الخارجية والاقتصاد والثقافة ومختلف المسؤولين على الأصعدة كافة، لحل المشكلات ومناقشة أي مستجدات على الساحة، لكن المنظمة لن تتصدى للمشكلات بمفردها، ولن تستطيع إنهاء كل الأزمات في ظل التداخل الموجود والصراعات التي لا حصر لها، وإنما منظمة التعاون تعمل على تحريك الجهد الإسلامي ودفع الأمور في المسار الصحيح.• ما أهم القضايا التي تواجهها المنظمة حاليا؟- حاليا توجد مشكلات مثل التطرف والجماعات الشاذة والتكفيرية التي تسمي نفسها بأسماء مختلفة وترتدي عباءة الدين وهو منها براء وتقتل الشعوب والأبرياء وتروع الآمنين باسم الإسلام، وبالتالي نحن نسعى إلى مواجهة الأفكار الشاذة والانحرافات الراهنة والدعوات الهدامة، بالتنسيق مع المؤسسات الإسلامية في العالم، مع تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الدين والتصدي للحملة الشرسة التي تستهدف تشويه صورة الدين وإلصاق تهمة الإرهاب بأتباعه.• برأيك من يقف وراء تلك التيارات والترويج لأفكارها؟ - بلاشك الجهل والأمية الدينية التي تفشت في بلادنا تلعب دورا كبيرا في وجود تلك التيارات التي تستغل تدين تلك المجتمعات بالفطرة، علاوة على وجود أصابع خبيثة تعبث بأمن واستقرار دول المنطقة والأمة الإسلامية وتحاول بسط نفوذها من خلال إضعاف المنطقة.• ما دوركم حيال تلك الأزمة؟- نسعى إلى تنوير عقول الشباب ومحاولة تحصينهم للحيلولة دون وقوعهم في براثن التطرف والتشدد، لأن بعض الدول تلعب على وتر فئة الشباب، وتعمل على إغرائهم بالمال والسلطة من أجل اجتذابهم لتنفيذ مخططات خبيثة لضرب أمن واستقرار الأمة، والنيل من صورة الإسلام السمحة، ومن هنا يقع على عاتق كل المؤسسات الدينية دور مهم في توعية الشباب عن طريق العلماء وقطع كل طرق استقطابهم من الجماعات المتطرفة.• كيف يمكن مواجهة ظواهر مثل الإلحاد؟- الإلحاد وغيره من الظواهر التي بدأت تجد لها طريقا لدى بعض الشباب في العالم العربي، ترجع إلى مخططات ينسجها أعداء الدين لهدم دولنا الإسلامية، وبالتالي لابد من وضع برامج عملية في المدارس والجامعات وكل التجمعات الشبابية والنوادي لمواجهة تلك الظواهر وتفنيدها وكشف زيف من يروجون لها لمصلحة دول ومنظمات مشبوهة كل هدفها النيل من الإسلام والطعن فيه.• برأيك ما أخطر القضايا والتحديات التي تواجه الأمة؟- لا يخفى على أحد استغلال بعض التيارات الإرهابية لمسألة الجهاد وتطويعها لخدمة أفكارها ومخططاتها، وما أكثر من يمتطون لفظ الجهاد والتكفير ولا يفهمون أحكامه ولا معانيه ولا أهدافه، ويستغلونه في الفتك وسفك الدماء، ولا يراعون ما يترتب على تلك المفاهيم المغلوطة من آثار سلبية على المجتمعات، ومن هنا وجب علينا الرد على تلك المفاهيم المغلوطة.• ما المطلوب من الدول الإسلامية؟- أطالب كل الدول الإسلامية حكومات ومنظمات وأفرادا، بالوقوف صفا واحدا ونبذ التطرف والتعصب وصد الهجمات التي تسعى لتفتيت شمل الأمة وتمزيقها، ولابد من التصدي لكل من تسوِّل له نفسه الوقيعة بين أتباع الديانات والثقافات لإحلال الفتن والصراعات بينهم، وبالتالي يجب إسكات الأصوات التي تطالب بمزيد من إشعال نيران الفتن.• ما التعامل الأمثل تجاه ازدراء الإسلام الذي يظهر في دول الغرب بين حين وآخر؟- نطالب بضرورة استصدار قانون أممي يجرم ازدراء الأديان حفاظا على قدسية الأديان السماوية والرموز الدينية، فالإسلام دين يدعو إلى احترام الآخر، بل حث على التعامل معهم بالتي هي أحسن، بـ "البر"، وهو أعلى درجات الإحسان في التعامل، ولا يصح استخدام مصطلح "حرية التعبير" مطية للنيل من المقدسات والإساءة للأديان السماوية، مثلما يحدث في بعض الدول الغربية.