كيف يتعامل النحات مع الحجر؟

Ad

النحت مخاطبة حقيقية للواقع، لأن الفنان ينتج تشكيلاً في الفراغ، وبالتالي إما أن تقبل العين هذا التشكيل أو ترفضه، وإما أن تقيم معه حواراً أو أن ينتج الفنان عملاً أصماً غير قادر على إقامة حوار مع المتلقي. النحت قادر دائماً على إقامة علاقة فعلية في الفراغ تسمح للمشاهد بالتحاور معه، لذلك لجأت إلى عمل بحث في هذا المجال، من خلال تقديم معرض «العمارة بإيدى النحاتين»، وأرى أن العلاقة الفعلية التي تحدث ما بين العمل الفني والجمهور هي علاقة تشكيل قادر على جذب الآخرين داخل المحيط الموجود داخله.

ما مدى حرية النحات في اختياره المادة وطريقة تنفيذ فكرته النحتية؟

 

أرى أن الخامة ليست البطل ولكن فكرة العمل وشكله النهائي الذي يصل إلى عين المتلقي هو الأكثر أهمية، مع ثقتي أن للخامة دوراً كبيراً كونها تضيف إلى شكل العمل الفني. عموماً، لا يجب أن يضع الفنان نفسه تحت سطوة خامة معينة وبالتالي تصبح مكبلاً له في تنفيذ بعض الأفكار.

ما أقرب الخامات لديك؟

لا توجد خامة معينة قريبة مني، ولكني أفضل دائماً أن أرى أعمالي أثناء تكوينها بالطين الأسواني. أما عن الخامات الصالحة للعرض فهي وسيط يتم تحديده وفقاً لنوع العمل.

ما الأعمال التي تراها صنعت بصمة خاصة في حياتك الفنية؟

تمثالي الموجود في متحف الفن الحديث، لأنه أول عمل شاركت به من خلال مسابقة رسمية، في صالون الشباب الـ13 وكان بداية ظهوري على الساحة التشكيلية المصرية وتم اقتناؤه لصالح المتحف.

لماذا اخترت النحت رغم أنه من المجالات الشاقة؟

 

ينادي المجال صاحبة. عندما يفتح الفنان عينيه على الفنون يجد نفسه في المجال الذي يستطيع الإنتاج فيه، أجد نفسي مع فكرة البناء الذي يعتمد عليه النحت في المقام الأول، ولذا كان هذا سبباً رئيساً في اختياري النحت كمجال عملي.

ولكن لماذا يقُال إن الخطأ مرفوض في عملية النحت وما هي النقاط التي يركز عليها النحات في عمله؟

النحت فى بعض الخامات مثل الجرانيت والرخام لا يحتمل الخطأ، أما الخامات الأخرى التي تعتمد على فكرة التشكيل أو البناء والمسموح فيها بفكرة الحذف والإضافة فالفنان في هذه الحالة ربما يخطئ ويكون قادرا فيمكن له تصحيح الخطأ، وإن كنت أرى أنه خطأ بقدر ما هو إعادة حساباته التشكيلية.

ما رؤيتك لمجال النحت في العالم العربي حالياً؟

 

الحركة التشكيلية المصرية في الـ15 عاماً الماضية محظوظة بوجود سمبوزيوم أسوان، والذي أدى إلى سطوع نجم كم من النحاتين، وأتاح فرصة للتعرف إلى تجارب الآخرين والتمكن من خامة مهمة كالغرانيت، فأعطى فرصة مهمة للنحاتين للتفكير بشكل جديد. كذلك سمحت سمبوزيومات النحت في مختلف دول العالم للفنانين بالخروج خارج المحيط، مما أدى إلى حدوث نهضة حقيقية في مصر والعالم.

ما التحدي الصعب أمام النحات حالياً؟

الأستمرار، لأن النحت عمل مرهق ويتطلب وقتاً طويلاً ومجهوداً عضلياً وبدنياً وذهنياً كبيراً.

لاقت تجربة تنظيمك معرض {25 عاما من الإبداع  العربي}، بمناسبة الاحتفاء باليوبيل الفضي لإنشاء معهد العالم العربي بباريس نجاحاً لافتاً دفع بعرضها في عدة عواصم عربية، فهل لك أن تحدثنا عن هذه التجربة؟

يعتبر هذا المعرض أحد الأحداث المهمة التي كُلفت بإدارتها من إدارة معهد العالم العربي بباريس، كان هدفي في بناء المعرض قائماً على تكوين صورة مكتملة الملامح عن الفن العربي عموماً، ولذلك اخترت قرابة الـ 40 فناناً من مختلف الأقطار العربية ممثلين لكل اتجاهات الفن العربي المعاصر، وأعتقد أن المعرض قدم نموذجاً مصغراً للمشهد الفني العربي، وبعد انتهاء مدة عرضه في باريس تجول تباعاً في بعض العواصم العربية، فقد تم عرضه بقصر الإمارات بأبوظبي، ثم السعودية، ثم المتحف الوطني بالبحرين، وقد صاحب كل عرض إصدار كتاب عن المعرض متضمناً عدداً من الدراسات النقدية عن الفن العربي.

كيف ترى حضور الفن العربي خارجياً؟

خلال العشر سنوات الماضية يتضح وجود صعود للفن العربي، ثمة متاحف وغاليرهات كثيرة تنشأ حديثاً، وثمة وسط مسموح فيه بالتواجد لفنانين من أنحاء العالم، وهذا في مقابل الفنانين المصريين رغم أن لهم وجودهم ولكن لم يعودوا بمفردهم على الساحة. في الوقت الحالي، لا نستطيع أن نلغي من تفكيرنا وجود كيانات عربية تصر على نهضة في الفنون ولديها ما يسمح بذلك، وتنتج مواقع تستقبل بها فنانين من كل مكان.

بصفتك نظمت الكثير من المعارض داخلياً وخارجياً، ما هي الصفات الواجب توافرها في من يقوم بهذا الدور؟

تتطلب إدارة الفن وعياً كبيراً بتاريخ الفن عموماً، وبحالته الراهنة، ولا بد من أن تكون للمتخصص في هذا المجال فلسفته الخاصة والتي يريد إيصالها إلى ىالمتلقي، كذلك يجب أيضاً أن يكون مدركاً لمحيطه وقادراً على قراءته ومحاوراً له كي يستطيع تقديم أفكار حقيقية وغير مستهلكة.

هل ترى أن سوق الفن التشكيلي يشهد حالة ازدهار؟

نعم، والسبب أن الدول العربية حديثة الاهتمام بالفنون التشكيلية، لأنها أقامت مجموعة من الصالات وكونت مجموعة من المسوقين وسمحت بوجود مضاربات على الفنون التشكيلية وبالتالي أسس ذلك لوجود أسواق لهذا المجال.

من خلال رؤيتك للمدارس الفنية المختلفة على مستوى الوطن العربي، هل تستطيع القول إنه قد حان الوقت لابتكار مدرسة أو قيّم تشكيلية عربية أصيلة؟

هذه قضية مهمة، لكن أرى أن العالم العربي يملك مجموعة من المفردات الخاصة والمؤثرة التي تستطيع أن تجذب أي فنان، لكننا في فترة من الزمن تخلينا وابتعدنا عن هذه المفردات، فالموروث الثقافي والعادات والتقاليد إذا هضمها الفنانون وقرروا إعادة صياغتها وإنتاجها بشكل يعبر عن ثقافتهم وحضاراتهم فستكون أكثر جاذبية لأي مجتمع آخر.