بدون أن "يرمش" له جفن أو يتذكر ما كان وعد به في مدرج جامعة القاهرة قال الرئيس باراك أوباما، وهو يجلس أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كما يجلس التلميذ الصغير أمام معلمه: إن الفلسطينيين يتحملون مسؤولية العنف الذي يجري في الضفة الغربية، وهذا بالضبط ما كان قاله وزير خارجيته جون كيري، الذي لكثرة ما زار هذه المنطقة وتردد عليها بات يستحق جنسية إحدى دولها، مع انه من غير الممكن أن يستبدل جنسيته الأميركية بجنسية أخرى... حتى بالجنسية الإسرائيلية التي لا تعطى تلقائياً إلا ليهودي ابن يهودية.

Ad

كان على الرئيس أوباما، الذي خيَّب ظن كل الذين راهنوا على أنه سيغير السياسة الأميركية التقليدية التي لم تتغير تجاه الصراع العربي – الإسرائيلي منذ عام 1948، وأن يحاول بقدر الإمكان إنصاف المظلوم تجاه الظالم لكنه لم يفعل، وبدل هذا رأينا كيف أنه بالغ كثيراً في هز يد بنيامين نتنياهو خلال مصافحته له. وحقيقة إن هذا لا يفعله إلا من يشعر بالذنب أمام من هو أمامه ومن لديه عقدة نقص تجاه الإسرائيلي وأي إسرائيلي حتى وإن لم يكن في موقعٍ قيادي متقدم!

إن باراك أوباما بالتأكيد يعرف أن كل الإسرائيليين الذين تعرضوا لـ"الطعن" بالسكاكين من قبل الشبان الفلسطينيين والشابات الفلسطينيات هم من الجنود المدججين بالسلاح، وأن الأرض التي تحولت إلى مسرح لمثل هذه العمليات هي أرض فلسطينية محتلة منذ عام 1967، وأن بنيامين نتنياهو وزبانيته لا يعترفون باحتلال إسرائيل لها، بل وأكثر من كل هذا فإنهم يعتبرونها جزءاً مما يدعون أنه "الأرض الموعودة"!

ربما رئيس الولايات المتحدة، هذه الدولة التي من المفترض أنها قامت على القيم والحق والإخلال وحق الإنسان في أن يقرر مصيره على أرض وطنه بنفسه، لم يخطر بباله وهو يجلس أمام بنيامين نتنياهو مكتوف اليدين أنه يجلس أمام رئيس وزراء دولة غاشمة ومحتلة، بل وأكثر من هذا أنه يجلس أمام قاتل أعطى الأوامر لجنود جيشه، الذي هو جيش احتلال، أن يطلقوا الرصاص على صدور الأطفال الفلسطينيين وعلى ظهورهم بدون إنذار وعلى "الشبهات"، وأن يقتلوا بدون تردد، وأن يحرقوا ويدمروا بدون أن ترف لهم جفون، وعلى غرار ما كان يفعله النازيون ضد اليهود المسالمين في معسكرات الاعتقال التي كان ما جرى فيها أسوأ ما عرفته البشرية منذ فجر التاريخ.

ألم يتذكر باراك أوباما يا ترى، وهو يجلس أمام بنيامين نتنياهو بتواضع المذنبين والخائفين، أن الجنود الإسرائيليين الذين تعرضوا للطعن أو محاولات الطعن هم جنود احتلال، وأنه يحق للفلسطينيين وأطفالهم أن يقاوموا محتلي وطنهم بكل وسائل وأساليب المقاومة، وأن يفعلوا ما فعله الأميركيون عندما قادهم جورج واشنطن لتحرير بلدهم من الهيمنة البريطانية، ومن أن يبقوا جزءاً من الإمبراطورية التي لا تغيب عن أملاكها الشمس؟!

ثم ألم يشعر أوباما يا ترى بالخجل وتأنيب الضمير بينما كان يستمع إلى بنيامين نتنياهو وهو يقول: "إنه مع حل الدولتين، أي دولة إسرائيلية ودولة فلسطينية"، وعندما يستدرك ويقول: "لكن يجب أن تكون هذه الدولة الفلسطينية المشار إليها مجردة من السلاح، ويجب أن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل دولة للشعب اليهودي"؟!