قبل أن يتوجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بدعوته للدول الأوروبية تحديداً للضغط على إسرائيل، لتقبل "لجوء" اللاجئين الفلسطينيين في سورية إلى الضفة الغربية بدلاً من محاولات "هروبهم" من جحيم لم يعد بالإمكان تحمله إلى دول الغرب وإلى بعض الدول العربية كان يجب التوجه إلى الجامعة العربية، ليكون هناك موقف عربي موحد في هذا الاتجاه بحيث يتم الذهاب إلى الأمم المتحدة بطلب رسمي لاتخاذ قرار يفرض على الإسرائيليين السماح للاجئي المخيمات السورية بالعودة إلى مناطق السلطة الوطنية، التي من المفترض أن تقوم عليها الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
إن الأمم المتحدة ومعها العالم كله تعترف وتقر بأن الضفة الغربية، على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، هي أرض فلسطينية محتلة، وهذا يعني أن من حق اللاجئين الفلسطينيين في سورية الذين اقتلعهم العنف من مخيماتهم وبخاصة مخيم اليرموك أن يتوجهوا إلى هذا الجزء من فلسطين بدلاً من أن يلقوا بأنفسهم وبأطفالهم بين أمواج البحر الأبيض المتوسط في رحلة عذاب للبحث عن ملاجئ جديدة في العديد من الدول الأوروبية.كان يجب أن تبادر منظمة التحرير بالتفاهم مع الأردن، الذي استقبل من لاجئي مخيم اليرموك نحو ثمانية عشر ألفاً، وبالتفاهم مع لبنان، ليكون هناك "تجميع" للاجئين الفلسطينيين، الذين اقتلعهم العنف، الذي مازال يضرب سورية منذ عام 2011 حتى الآن، من مخيماتهم وأماكن سكنهم في مناطق أردنية (الأغوار مثلاً) ولبنانية متاخمة لفلسطين، وليكونوا بمثابة حالة خاصة على أساس أن الضفة الغربية أوْلى باستيعاب هؤلاء، وأن السلطة الوطنية أوْلى بالعناية بهم وحلّ كل المشاكل التي غدوا يواجهونها بعد تدمير مخيماتهم ونثرهم داخل الأراضي السورية وفي بعض الدول المجاورة.ولعل ما يشير إلى أن إسرائيل غدت تنظر إلى هذا الاحتمال بكل جدية أنها بادرت في الأيام الأخيرة إلى إقامة جدار عازل من الأسلاك الشائكة بين الأردن والضفة الغربية (فلسطين)، وحقيقة أنه ما كان على الأردنيين ولا على الفلسطينيين، لا على الحكومة الأردنية ولا على السلطة الوطنية الفلسطينية قبول هذا الإجراء الإسرائيلي، فهذا مرفوض ومحرم وممنوع في كل الأعراف والقوانين الدولية، ولذلك فإنه لم يكن جائزاً أن يتم التعامل معه على أنه أمر واقع وأنْ يمرَّ مرور الكرام!إن إسرائيل هي المسؤولة عن إخراج هؤلاء اللاجئين إلى سورية، الذين تقطعت بهم السبل والذين اضطروا إلى رحيل جديد بعد رحيلهم الأول، من ديارهم ومن بيوتهم، ولذلك عندما تضطر حتى الدول الأوروبية إلى استقبال الهاربين بأرواحهم وأرواح أطفالهم من وطأة المآسي التي حلَّت ببلدهم ومدنهم وقراهم فإنه يجب إلزام الإسرائيليين بالموافقة على عودة لاجئي المخيمات السورية إلى الضفة الغربية التي تعترف بها الأمم المتحدة ومعظم دول العالم أرضاً فلسطينية ودولة فلسطينية تحت الاحتلال.لا يجوز في مثل هذه الأمور تغليب العواطف على المتطلبات السياسية، ويقيناً أنه كان ولايزال غير جائز دمج لاجئي سورية، الذين فروا بأرواحهم وأرواح أطفالهم من جحيم تواصل أكثر من أربعة أعوام، مع اللاجئين السوريين، وهذا ينطبق أيضاً على لبنان كما ينطبق على الأردن، وقد كان ضرورياً كواجب قومي وضع إسرائيل في مواجهة العالم وإلزامها بقبول هؤلاء في وطنهم في الضفة الغربية مادامت معظم الدول الأوروبية باتت تجد نفسها ملزمة باستقبال مئات الألوف من السوريين الذين قصدوها هروباً من المآسي التي حلت بهم وبوطنهم، والتي كان سببها ولايزال هو هذا النظام الذي لم يعد هناك ما يشبهه في الكرة الأرضية كلها!
أخر كلام
خطأ ارتكبته «السلطة» وارتكبه الأردن ولبنان!
09-09-2015