بدأت سينما «زاوية» بإعداد برنامج عرض الأفلام القديمة مجدداً منذ أشهر عدة، ويصف المسؤول التنسيقي عن دار العرض يوسف الشاذلي (حفيد المخرج الكبير يوسف شاهين وابن المخرجة ماريان خوري)، أن الفكرة بدأت بإعادة عرض أفلام معينة تكريماً لأصحابها عن مشوارهم الفني أو إعادة إحياء لذكراهم، فقدمت «زاوية» في الشهرين الماضين أفلاماً للفنانة الراحلة فاتن حمامة على مدار أيام، وعرض فيلم «صراع في الوادي» بعد رحيل الفنان العالمي عمر الشريف.

Ad

ويؤكد يوسف أن القيمين على تقديم عروض الأفلام لم يتخيلوا أن تلقى التجربة هذا النجاح كله بل وتحظى العروض على حضور كبير اضطرهم إلى إعادة عرض بعض الأفلام في حفلات أخرى تلبية لرغبات الجمهور والذي كان متنوع الأعمار، مضيفاً أن التجربة أكدت أن المشاهد يهتم برؤية الأفلام حتى لو سبق وشاهدها لثقته بأنه في كل مرة سيكتشف جديداً يضاف إلى رؤيته عن الفيلم، وهو ما تحقق بالفعل .

كانت سينما زاوية قد قدمت كثيراً من الأفلام القديمة الذي حقق معظمها صدى كبيراً في السينما المصرية عند عرضها الأول، وتستعد زاوية خلال أكتوبر المقبل، لإعادة عرض أهم أفلام المخرج والسينارست الراحل رأفت الميهي وفقاً لما أكده المسؤول عن البرنامج، وذلك تكريماً لنصف قرن من العمل والإبداع في السينما المصرية، حيث قدم الميهي العشرات من الأفلام الروائية والتي كان أكثرها جدلاً فيلم «الأفوكاتو» الذي أخرجه عام 1983، وقام ببطولته كل من عادل إمام ويسرا.

تكريم ومناقشات

تطرح سينما «زاوية مناقشات حول الأفلام القديمة، مستضيفة نقاداً وممثلين لصياغة مناقشة تستخرج من الفيلم رؤية ومنظوراً سينمائياً مختلفاً عن الوقت الذي عرض فيه للجماهير. واختتمت أسبوعها الماضي بتقديم فيلم «أيس كريم في جليم» تكريماً لمخرجه خيري بشارة، والفنان الراحل علي حسنين، الذي قدم دور «زرياب» أبرز أدواره في مشواره السينمائي ، والفيلم كان من بطولة الفنان عمرو دياب.

وشهد العرض إقبالاً جماهيراً واسعاً للفيلم الذي يرجع تاريخ إنتاجه إلى عام 1992، ووصف مخرج الفيلم خيري بشارة إحساسه بإعادة العرض قائلاً: «أبهجني الحضور الكبير للعرض، وتملكتني سعادة الأطفال بعد رؤيتي الشباب والكبار يقبلون على مشاهدة العرض رغم مرور أكثر من عشرين عاماً على طرح إنتاجه، ولا ننسى أن الجمهور نفسه سبق وشاهده على شاشة التلفزيون». يشيد خيري بتجربة إعادة عرض الأفلام القديمة، واصفاً إياها بالفريدة، مشيراً إلى أن تلك الأفلام كانت مؤثرة على مختلف الأجيال وفكرة استعادة مشاهدتها في السينما بمؤثرات صوتية جيدة وتقنيات عرض عالية، تصنع حالة من الحنين مع المشاهد فيتجدد اكتشافه مواطن بالعمل الفني كانت خافية عنه في مشاهداته السابقه، بغض النظر سلباً أو إيجاباً.

وأضاف بشارة، أن معظم الشباب الحالي هو من شاهد تلك الأفلام منذ سنوات ماضية، وهو أيضاً من سعى إلى إعادة رؤيتها، وهو أمر جيد لتشكيل أجيال لها رؤية سينمائية عامة وليست متخصصة، بالإضافة إلى أن التجربة تحيي عروضاً قد غابت عن ذهن كثيرين منا، وتقديمها في قالب سينمائي جديد.

إقبال محبي السينما على حجز تذكرة لمشاهدة فيلم فات على إنتاجه عشرات السنوات، هو الأمر الذي جعل تلك التجربة تصنف

بـ «بالنوستالجيا» وفقاً لتوصيف أستاذة علم اجتماع د. سامية الساعاتي والتي أوضحت أن بشكل عام ثمة حنيناً من الجمهور لاستعادة أجواء وأفلام السينما، وذلك بالمفهوم النفسي للمصطلح اليوناني «نوستالجيا»، أي الحنين إلى الماضي ومحاولة استعادته.

وتشير الساعاتي إلى أن إقبال الجماهير الملحوظ على العروض السينمائية لتلك الأفلام والتي يرجع تاريخها إلى عشرات السنوات، هو نتيجة تزايد ممارسة ومشاهدة العنف داخل المجتمع وخارجه، وأضافت أن مشاهدة العروض القديمة سببها رغبة الناس في الهروب من الواقع المحبط الذي يتسم به عصرنا الحالي.